فيلم (12 رجلاً غاضباً ــ 12 Angry Men) واحد من أهم أفلام الدراما الأميركية انتج عام 1957 من إخراج سيدني لوميت، تأليف ريجنالد روز، بطولة هنري فوندا.. ويحتل الفيلم المركز الثامن على وفق تصنيف أفضل 250 فيلماً في التاريخ ويحظى بـ 8.9 في تقييم IMPD .
يحكي الفيلم قصة هيئة المحلفين المكونة من 12 رجلاً يتشاورون لتحديد براءة أو إدانة متهم شاب في جريمة قتل من الدرجة الأولى.
ومن المعروف في الولايات المتحدة، إنه يجب أن يكون الحكم في معظم المحاكمات الجنائية بواسطة هيئة محلفين بالإجماع... ذلك أن قرار الهيئة يبرئ المتهم أو يحيله إلى الكرسي الكهربائي الذي يعد وسيلة الاعدام الشائعة آنذاك..
اعتمد المؤلف في كتابة سمات الشخصيات الرئيسة في الفيلم (أعضاء هيئة المحلفين) على تنوع تلك الشخصيات واختلاف مستوياتها الثقافية واهتماماتها الاجتماعية، فضلاً عن تناقض السلوكيات والانفعالات والقناعات لدى كل شخصية، ليضع المتلقي أمام اختصار واضح وشامل للتنوع الاجتماعي...
تمثلت الشخصيات بـ (المدير أو القائد، المعقد، الارستقراطي أو رجل الأعمال، العامل الكادح، الانتهازي، المفكر صاحب الضمير، الخبير، الوقح، المهذب، المستهتر، شخص عادي من عوام الناس)
للوهلة الأولى تبدو الأدلة واضحة وكافية لإدانة المتهم الشاب في جريمة قتل والده..
ومن خلال الأدلة التي تطرح على طاولة هيئة الملحفين يصوت 11 منهم على ثبات إدانة المتهم لتوفر أداة الجريمة وشهادة الشهود..
إلا أن الشخص المتبقي والذي يرفض التصويت على إدانة المتهم ويسهم بكسر الاجماع على الادانة.. ويقف على الضد من رؤية الجميع لأوراق القضية... يؤكد بأنه (ليس من السهل أن أرفع يدي واؤكد أنه مذنب وأرسل شاباً للموت من دون الحديث عنه أولاً)
من هنا يفتح باب النقاش.. نقاش حاد سرعان ما يتحول الى جدل، ومن ثم الى غضب عارم بين أعضاء الهيئة، فضلاً عن إيراد عشرات الأدلة التي تثير الجدل بين الأعضاء.. وهو الأمر الذي يزعزع قناعات الجميع عبر الحجة والبرهان، في مشهد حواري طويل وشيق؛ قائم على التحليل المنطقي الدقيق...
ما أن تتعمق مشاهد الفيلم حتى تدرك أن توقيته هو التوقيت الآني، بمعنى أن وقت الفيلم الاصلي .. هو وقت الحوار الحقيقي..
اعتمد الفيلم على موقع تصوير واحد بإستثناء مشهد الافتتاح وبعض المشاهد القصيرة في النهاية.. حيث تقع أحداث الفيلم كلها داخل غرفة المحلفين... مما يضع المُشاهد أمام تجربة فريدة تقوم نمط الحوار الايقاعي المتغير الذي يسهم بإشراك المتلقي بالحوارات الانفعالية الغاضبة، ليكون بذلك جزءاً من منظومة الغضب الذي أراد صُناع العمل إيصالها..
في فيلم (12 رجلاً غاضباً) لم يكن القاتل والقتيل وحتى الشهود على الجريمة جزءاً فاعلاً في مسار الفيلم ولم يُصور لنا لحظة الجريمة ومكانها أو شكل القتيل او حتى قطرة دم واحدة.. والتفاصيل الشخصية للشهود، وإنما اكتفى صُناع الفيلم بالإشارة إليهم على نحو عابر في بعض الحوارات... وهو الأمر الذي أسهم بإنتاج عمل إبداعي قائم على رؤية مغايرة للمتداول...
(12 رجلاً غاضباً) يُعد واحداً من أعظم الأفلام على الإطلاق... لأنه ركز على شفرات والغاز الجريمة التي يحلها الحوار الغاضب الباحث عن الحقيقة.. ليشكل فعلاً درامياً قائماً على قضية أكبر وأكثر أهمية من الفعل الإجرامي.. ألا وهو مسؤولية مصير إنسان..
قد يهمك ايضا :
وفاة بطلة أفلام جيمس بوند عن عمر 94 عاما
النجمات السود يحتكرن الدراما الأميركية في ظاهرة ملفتة
أرسل تعليقك