يستمر معرض فرانكفورت الدولي للسيارات هذا الأسبوع وحتى يوم 24 سبتمبر (أيلول) الحالي في وقت تمر فيه الصناعة بفترة تحول هي الأكثر حرجًا في تاريخها. فعلى الرغم من أن المعرض يعد الأكبر في أوروبا وتكشف فيه معظم الشركات عن نماذجها الجديدة للمرة الأولى عالميًا، فإن الكثير من الشركات فضلت الانسحاب من معرض هذا العام خفضًا للتكاليف. كما اقتصدت الكثير من الشركات في عدد ممثلي الإعلام الذين دعتهم إلى المعرض الذي يعقد مرة كل سنتين.
وتعترف الشركات، بأن بعض سيارات الوقود العضوي، خصوصًا سيارات الديزل، المعروضة في فرانكفورت هذا الأسبوع قد تكون آخر أجيال تعمل بهذه المحركات وأن الأجيال التالية قد تكون هايبرد أو كهربائية. ولكن البدائل التي تدل على فجر جديد للصناعة لم يظهر منها في فرانكفورت إلا النادر والقليل. وبعد إعلانات شركات وحكومات عن جداول زمنية محددة للتحول في الوقود، فإن معرض فرانكفورت هذا العام يمثل مشهدًا فريدًا لغروب حقبة لم تنته بعد وفجر حقبة أخرى لم تتضح معالمها.
وربما باستثناء شركة فولكسفاغن لا تشعر شركات السيارات بعد أنها في أزمة حقيقية على رغم انخفاض معدلات المبيعات في معظم قطاعات السوق سواء في منطقة الخليج أو على المستوى العالمي. وهذه البدايات السلبية لعام 2017 تعزز قناعة الشركات أن الآتي أسوأ خصوصًا أنّ التحول إلى السيارات الكهربائية والهايبرد المحتم عليها من الآن وحتى عام 2040 سوف يتطلب الكثير من القرارات الحاسمة والإنفاق الاستثماري الباهظ والاختيار الصعب بين تقنيات متعددة. وتدبر الشركات هذا الإنفاق بضغط النفقات حاليًا حتى ولو كان ذلك عن طريق تجنب المشاركة في بعض المعارض العالمية.
ولا تستطيع الشركات أن تؤجل مسألة التحول إلى مصادر وقود بديلة، على رغم تشكيك البعض في إمكانية تحقيق ذلك وفق جداول زمنية، لأن دولة مثل الصين التي تمثل أكبر سوق للسيارات في العالم حاليا وأكثرها نموا وضعت الشركات أمام الأمر الواقع. فكان القرار الذي يناقشه البرلمان الصيني حاليا هو إجبار الشركات التي تورد سيارات إلى الصين أن تكون نسبة ثمانية في المائة من الواردات سيارات "وقود جديد" أي كهربائية أو هايبرد أو بخلايا الوقود الهيدروجينية.
وقد تطبق الصين هذه النسبة بداية من العام المقبل 2018 أي بعد أقل من أربعة أشهر، بينما تناشدها شركات السيارات وحكومات هذه الشركات بتأجيل المسألة لمدة عام آخر على الأقل. ولن تتوقف نسبة سيارات الوقود الجديد التي تشترطها الصين عند هذه النسبة بل ترتفع إلى 12 في المائة في عام 2020 وإلى 15 في المائة في منتصف العقد المقبل.
وتعطي النماذج الجديدة المعروضة في فرانكفورت الانطباع بأن الصناعة ما زالت تستمتع بما تبقى من عصرها الذهبي في إنتاج سيارات تعمل بالوقود العضوي وتباع بالجملة في أنحاء العالم. ولكن الصناعة لا بد أن تصحو من هذا الحلم الوردي عاجلا أو آجلا وفي غضون سنوات قليلة.
وكالعادة كل سنتين، فإن معرض فرانكفورت يعتبر ملعب الشركات الألمانية التي تنافست هذا العام على قدم وساق لكي تضع وجها مبتسما وطموحات مشرقة على الصناعة على الرغم من جملة المتاعب التي تواجهها.
ولذلك عرضت مرسيدس - بنز نموذج "جي إل سي" الرباعي الرياضي المدمج يعمل بخلايا الوقود، ولكنها سيارة "كونسبت" تجريبية لم تقرر الشركة صناعتها بعد. وشملت السيارات المعدة للبيع "إس كلاس" كوبيه الجديدة والشاحنة "إكس كلاس" وكلاهما يعمل بمحركات وقود عضوي. وكان عدد السيارات التي عرضتها الشركة في المعرض يقترب من المائة سيارة.
وعرضت شركة بي إم دبليو الفئة السادسة غران توريزمو وهي كوبيه بأربعة أبواب، وفئة "إم 5" الرياضية بالإضافة إلى الرباعية الرياضية "إكس 7" التي ستكون أفخم سيارة في القطاع، وهي ما زالت في طور الشكل التجريبي. وفي مجال الوقود الجديد عرضت الشركة طراز "آي 3 إس" وهي تبدو من اسمها وكأنها إضافة للمسات رياضية لفئة "آي 3" الجديدة التي كشفت عنها الشركة أيضا في المعرض. كما كشفت عن طراز جديد في القطاع الكهربائي بأربعة أبواب أطلقت عليه اسم "آي 5".
شركة أودي كشفت أيضًا عن طراز "إيه 7" الجديد بالإضافة إلى جيل "إيه 8" الجديد الذي كشفت عنه مؤخرا بنظام قيادة ذاتية متقدم. ومثل الشركات الألمانية الأخرى لم يتم الكشف عن فئات جديدة هايبرد أو كهربائية عملية.
ومن النماذج الفريدة التي ظهرت في المعرض الجيل الجديد من بنتلي كونتننتال جي تي التي عرضتها الشركة للإعلام سرا منذ أسابيع بشرط عدم النشر في مركزها البريطاني في مدينة كرو ثم كشفت عنها رسميا في المعرض هذا الأسبوع. وهي من السيارات الأكثر تقدما في الصناعة ولكنها تعمل بمحرك تقليدي وتقول الشركة إنها بصدد إنتاجها بمحرك هايبرد في المستقبل القريب.
وكشفت شركة هوندا عن جيل جديد لسيارتها الرياضية الرباعية الناجحة "سي آر في" بنظام هايبرد جديد كما أزاحت الستار عن أحدث أجيال سيارتها الصغيرة "جاز". وكشفت الشركة الكورية هيونداي عن طراز كونا الرباعي الرياضي الذي تنافس به طراز جيوك من نيسان. وهو قطاع مزدحم عرضت منه شركات نحو 12 نموذجا مختلفا في معرض فرانكفورت، كان أبرزها طراز "إيكوسبورت" الجديد من شركة فورد. ومن هيونداي أيضا ظهرت فئة "إن" الرياضية للسيارة "آي 30" من نوع هاتشباك بقدرة 271 حصانا.
الجديد من شركة جاغوار كان طراز "إي بيس" الرياضي الرباعي المدمج المتوقع له أن يكون أفضل سيارات الشركة مبيعا. وقالت الشركة إنها بصدد التحول إلى سيارات كهربائية أو هايبرد بالكامل بداية من عام 2020. وكشفت شركة لكزس عن تجديد منتصف العمر للسيارة إن إكس الرياضية الرباعية المدمجة. وذلك بالإضافة إلى تجديد سيارة "سي تي" من نوع الهاتشباك.
وعرضت شركة بورشه طراز كايين الجديد من الجيل الثالث بعد أن كشفت عنه في شتوتغارت قبل أيام في مناسبة إعلامية خاصة. وكشفت شركة سوبارو عن طراز إمبريزا الجديد، وعرضت تويوتا أحدث أجيال لاندكروزر وطراز "سي إتش آر" المدمج. وظهر طراز ميني الكهربائي ولكن بتصميم تقليدي لا يختلف عن سيارات ميني العادية. وكشفت فيراري عن طراز بورتوفينو الجديد الذي يحل محل فئة المدخل السابقة كاليفورنيا.
وأخيرا كشفت شركة فولكسفاغن عن جيل سيارات بولو الجديد وسيارة تجريبية لطراز "آي دي صالون" الكهربائي. وقدمت عشرات الشركات الأخرى تقنيات تتعلق بالقيادة الذاتية والشحن الكهربائي اللاسلكي والبطاريات الصلبة التي تمثل أحدث أجيال البطاريات بعد جيل "ليثيوم إيون".
أرسل تعليقك