يجلس خالد سعيد في سيارته بعد انتهاء مواعيد الدوام، متجهاً من مقر عمله في جبل علي في دبي إلى الشارقة، ولأن الطريق المزدحم يستغرق نحو ساعتين، يقضي خالد هذا الوقت مستمتعاً بتدخين الشيشة أثناء القيادة، وهي شيشة تباع في الدولة بأسعار زهيدة، يتم تشغيلها إلكترونياً عبر توصيلها بفتحة البطارية.
ورصدت «الإمارات اليوم» مواقع إلكترونية وحسابات على موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، تعلن عن «شيش» بسعر 100 درهم.
وأجرت الصحيفة اتصالاً بأحد المواقع، استغرق المعلن فيه وقتاً طويلاً وهو يشرح ميزات هذه الشيشة، وفوائدها، وسهولة استخدامها أثناء القيادة.
وأكد للصحيفة أن كثيرين اشتروها، وطلبوا أخرى منها لتوزيعها هدايا على أصدقائهم، لافتاً إلى أنها «تغني عن ضياع الوقت على المقاهي».
ويقدم كثير من بائعي الشيشة خدمة توصيلها مجاناً إلى أي مكان في إمارات الدولة، تيسيراً على الراغبين في شرائها.
كما يحرصون على نشر إعلانات بعبارات جذابة من عينة «أسرعوا قبل نفاد الكمية»، أو «وصلنا عدد قليل منها، للمحظوظين فقط».
ويقول رائد علي، وهو شاب مقيم في عجمان، إنه اشترى شيشة السيارة بعد قراءة إعلان في صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» من باب التجربة، مضيفاً أن البائع أكد له أنها صحية، وأغراه بسعرها البسيط.
وذكرت نادية محمد، وهي مقيمة في دبي، أن «تدخين الشيشة الإلكترونية داخل السيارة أمر مسلّ»، لكنها أكدت أنه ينطوي على مخاطر كثيرة، بسبب انشغال السائق بها أحياناً، وشرحت أنها تجنبت أخيراً حادثاً مرورياً، عندما تنبهت في اللحظة الأخيرة إلى توقف السير، فيما كانت هي منشغلة في سحب أنفاس الشيشة.
من جانبه، علّق مدير إدارة الشؤون الطبية والفنية في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، الدكتور عمر السقاف، على شيشة السيارة بأنها «صرعة قاتلة».
ويكمل: «تسجل مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف عشرات حوادث السيارات كل بضعة أشهر، بسبب انشغال قائدي سيارات بأمور غير ضرورية أثناء القيادة، مثل الهاتف المحمول، أو الدردشة عبر التطبيقات الحديثة».
ودعا السقاف إلى التوقف فوراً عن هذه الشيشة، لخطورتها الشديدة على الانتباه والصحة، داعياً إلى صدور تشريعات أو قرارات تخالف كل من يتجه إلى هذه الصرعات، التي تهدد ركاب المركبات والمشاة بحوادث جسيمة.
من جانبه، قال مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون العمليات رئيس مجلس المرور الاتحادي، اللواء محمد سيف الزفين، إن ما يعرف بالشيشة الإلكترونية، التي يدخنها البعض داخل المركبة، يمثل خطورة كبيرة على مستخدمي السيارة، خصوصاً في حالة وقوع حوادث.
وأضاف أن «استخدامها يندرج تحت مخالفة الإهمال وعدم الانتباه، ومن المقرر أن يناقش المجلس هذه السلوكيات بشكل مستفيض خلال اجتماعه المقبل، لإضافة جملة إلى نص هذه المخالفة، وهي (الانشغال بغير الطريق)، حتى يمكن محاسبة كل من يتصرف بهذه الطريقة».
وأشار الزفين إلى أن «هناك جملة من السلوكيات تندرج تحت إطار الانشغال بغير الطريق، وتستحدث يومياً أشياء غريبة مثل الشيشة الإلكترونية»، مضيفاً أن: «سائقين حولوا سياراتهم إلى مطاعم وصالون، والآن يحولونها إلى مقاهٍ».
وأكد أن «المركبة لا يمكن أن تتحمل مثل هذه التصرفات، كما لا يمكن أن تكون مأمونة، وينعكس أثرها على سائق السيارة أولاً، قبل أن يمتد إلى غيره من مستخدمي الطريق الأبرياء، الذين ربما يكونون ضحايا لهذا التصرف السيئ».
وأوضح الزفين أن «المجلس ناقش في البداية قائمة من التصرفات شملت وضع الماكياج من جانب النساء، أو ارتداء الغترة والملابس من الرجال في ظل استعجالهم، فضلاً عن سلوكيات أخرى، وتم اقتراح إدراجها في نص (الإهمال وعدم الانتباه)، لكن بات من الملح أن يكون النص أكثر شمولاً حتى يستوعب كل ما يطرأ في هذا الاتجاه».
ولفت إلى أن تدخين السجائر داخل السيارة ربما يكون له عواقب خطرة، في حال سقوط شعلة، على سبيل المثال، وهذا موقف يتكرر كثيراً، ويؤدي إلى ارتباك السائق، خصوصاً لو وقعت على ملابسه، ما يتسبب لاحقاً في حوادث.
وأفاد بأنه إذا كانت السجائر العادية يمكن أن تسبب هذه المشكلات الكبيرة، فمن الطبيعي أن يكون تدخين الشيشة داخل المركبة أكثر خطورة، لأن من الممكن ببساطة أن ينكسر الزجاج، في حالة تعرض السيارة لأي اصطدام، ويقع الماء الساخن على من في السيارة، سواء كانوا أطفالاً أو ناضجين، أو يدخل الزجاج في عين شخص أو جسده، فضلاً عن أنه سيؤدي إلى ارتباك السائق وتصرفه بطريقة ربما تؤذي غيره من مستخدمي الطريق.
وأكد الزفين أن الناس تحمل الطريق أكثر مما يحتمل، في ظل السرعات الكبيرة لكثير من الشوارع، لافتاً إلى أن «تسجيل مخالفة ضد الشخص الذي يضبط أثناء قيامه بتدخين الشيشة داخل السيارة هو أمر طبيعي».
وشرح أنه بغض النظر عن تحرير مخالفة من عدمه، يجب أن يكون لدى أفراد المجتمع وازع داخلي، سواء في تأمين أنفسهم ومرافقيهم داخل السيارة، أو حماية غيرهم من مستخدمي الطريق.
وقال إن «السيارة في النهاية وسيلة نقل، وتحويلها إلى أداة ترفيه أو استعراض أو مطبخ من شأنه أن يحولها إلى أداة قتل»
أرسل تعليقك