الدوحة - قنا
تولي دولة قطر وخاصة المجلس الأعلى للتعليم، اهتماما كبيرا بمراحل التعليم المبكر لأهميته الشديدة في تنشئة وتعليم الأجيال الجديدة وأثره المترتب على تعليمهم.
وأدركت إستراتيجية التنمية الوطنية بدولة قطر أهمية مشاركة الأطفال القطريين في التعليم بالمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية لا سيما وأن مرحلة ما قبل المدرسة تعد آلية ناجحة في دعم تنمية الطفولة المبكرة وقدرات التعلم لدى الأطفال في المستقبل، في الوقت الذي تدرك فيه قطر أهمية توفير المزيد من فرص التعليم في أنظمة التعليم العام والخاص على حد سواء.
ومن هنا يعمل المجلس الأعلى للتعليم على توفير إمكانية التعليم لكافة المراحل من رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر في مدارس القطاعين العام والخاص. وسيضع المجلس سياسات للتعليم الإلزامي في رياض الأطفال ومراحل التعليم الثانوي خلال السنوات القادمة بهدف زيادة معدلات التحاق الطلاب بالمدارس في فترات مبكرة.
كما يقوم المجلس الأعلى للتعليم بتنفيذ إستراتيجيات وأنشطة مختلفة، لتحسين جودة التعليم وتعزيز قدرات المدارس، وغالبا ما يركز التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة على التعلم من خلال اللعب. ويرى الباحثون في مجال علم النفس أن الأطفال يتعلمون بشكل أكثر كفاءة ويكتسبون المزيد من المعرفة من خلال الأنشطة القائمة على اللعب مثل اللعب الدرامي والفن والألعاب الاجتماعية.
ويُلاحظ خلال المراحل المبكرة، أن النمو اللغوي للأطفال يزداد بسرعة عالية جداً، حيث تؤثر نماذج اللغة والإرشاد المقدم للأطفال خلال هذه الفترة بشكل واضح في إمكانية نجاحهم بالتواصل والتحصيل الأكاديمي مستقبلا على المدى البعيد.
والأطفال الذين يعدون من أكثر الفئات كفاءة من حيث استخدامهم للغتهم الأولى، يجدون من السهل عليهم تعلم لغات أخرى، وبالتالي فإنه في حال تمكنهم من فهم واستخدام المفردات والقواعد والتراكيب للغة معينة بشكل بديهي، فإنهم سيمتلكون الأساس الجيد لاكتساب لغة جديدة.
ويعتبر التعليم المبكر من أهم المراحل التعليمية، لأنه يشكل الأساس التعليمي للطفل، الذي يبني عليه مستقبله، ولكونه يسهل انتقال الأطفال بطريقة سلسة وتدريجية من البيت إلى المدرسة، ومن ثم تطويرهم على مر المراحل الدراسية المختلفة والمتتالية.
وقد أولت دولة قطر التعليم في مراحل الطفولة المبكرة اهتماماً خاصاً، فوضعت الخطة الإستراتيجية للتعليم المبكر، وقامت بإنشاء رياض الأطفال الملحقة بالمدارس المستقلة وتجهيزها وفقاً لأحدث المواصفات العالمية، لتحقق بيئة آمنة، ومحفزة على الإبداع للطلبة الصغار، وإعداد مناهج خاصة بتعليم المراحل المبكرة، ووضع معايير واضحة للأمن والسلامة في رياض الأطفال الخاصة والعامة.
وتتضمن الخطة الإستراتيجية لمراحل التعليم المبكر، تحسين جودة برامج مراحل التعليم المبكر بشكل عام من مرحلة ما قبل الروضة (سن 3 سنوات) وحتى الصف الثاني، إلزامية التعليم من مرحلة ما قبل الروضة مستقبلا، وتوسيع الفرص التعليمية للأطفال الصغار ومساعدتهم على توسيع اهتماماتهم ومدركاتهم عن البيئة المحيطة بهم والمجتمع والتفاعل الإيجابي معها جميعا.
وبالنسبة للمباني المدرسية فيما يعنى بالتعليم في مراحل الطفولة المبكرة، ستنضم عشر رياض أطفال جديدة في العام الدراسي القادم 2013/ 2014م إلى رياض الأطفال المستقلة ليصل بذلك إجمالي عدد رياض الأطفال إلى 58 روضة.
وكان المجلس الأعلى للتعليم قد بدأ مع مطلع العام الأكاديمي 2008/ 2009 م، إنشاء عدد من رياض الأطفال المصممة خصيصاً لتخدم متطلبات التعليم المبكر. وقد روعي في تصميم هذه المباني متطلبات الأطفال في سن الروضة، وتم تزويد هذه الرياض بأثاث عالي الجودة ووسائل التدريس والتعلم لعدد يتراوح بين 150 و 300 طفل، تبعا لحجم المرافق.
وتشتمل جميع المباني على غرفة لمصادر التعلم للأطفال وأخرى مرجعية مهنية للمعلمين والمعلمين المساعدين، في حين يعمل داخل كل صف من صفوف الدراسة 3 معلمات واحدة للمسار العلمي وأخرى اللغة الإنجليزية ومعلمة للمسار الأدبي، بالإضافة إلى المعلمة المساعدة.
ويتاح لجميع الأطفال الاستفادة من مساحات اللعب والتعلم داخل المبنى المدرسي وخارجه والتي من شأنها تعزيز الإبداع عموما وتنمية مدارك الطفل، علما أن منطقة الألعاب الخاصة بالأطفال، تحتوي على نوعيات عالية الجودة وآمنة للأطفال وتعزز نموهم العقلي والحركي. وتتكون المباني من غرف التعلم (الفصول) وغرفة المصادر (المكتبة) وغرفة الموسيقى وغرفة الأنشطة المتعددة والإدارة، والساحات الداخلية والخارجية (الملاعب).
وفي عام 2012 2013 ، أصبح عدد مباني رياض الأطفال (49) مبنى منها (11) روضة داخل مباني المدارس، بالإضافة إلى تجهيز المجلس الأعلى للتعليم للمباني الجديدة والفصول الدراسية بالأثاث وأجهزة الكمبيوتر، وتزويد الإدارة بالأثاث وغرفة مصادر التعلم بالكتب والقصص الأقراص المدمجة.
وفيما يخص منهج التعليم المبكر، فإن الكثير من الدول تدرك أهمية الحاجة إلى إعداد منهج للتعليم في المراحل المبكرة مختلف عن المنهج التقليدي الذي يخضع فيه الطلبة للتعلم من خلال كتب دراسية لكل مادة، حيث إن التعليم في هذه المرحلة يسعى إلى تحقيق الأهداف التربوية للتعليم في العصر الحالي.
وقام المجلس الأعلى للتعليم لأول مرة مع بداية العام الدراسي الجديد 2012-2013م بتوحيد جميع مصادر التعلم (الكتب الدراسية) لجميع مراحل التعليم المبكر وتشمل رياض الأطفال (الروضة و التمهيدي) للصفوف الأول والثاني الابتدائي، إلى جانب تطبيق نهج ثنائية اللغة في تدريس مادتي (الرياضيات والعلوم) لمراحل التعليم المبكر.
كما سعى المجلس إلى توفير العديد من المقومات التي يحتاجها مشروع التعليم المبكر، والمتمثلة في وثائق التعليم المبكر: (دليل الممارسات الجيدة، المنهج التأسيسي للتعليم المبكر، معايير المواد الأساسية، الوحدات التعليمية السبعة لمراحل التعليم المبكر، إرشادات الأمن والسلامة)، ودليل الممارسات الجيدة الخاص بمراحل التعليم المبكر في مبادرة تطوير التعليم.
وعمل قسم مراحل التعليم المبكر على تكثيف الدعم الأكاديمي الكامل في رياض الأطفال والمدارس لمتابعة وتنشيط نظام التعليم المبكر، بمعايير تتناسب مع القدرة الفكرية والاستيعابية للأطفال.
ويبرز الدعم الأكاديمي الذي يقدمه القسم من خلال الزيارات الميدانية للروض والمدارس وعقد جلسات نقاشية واجتماعات شبه يومية أو أسبوعية في المدارس مع عرض التوصيات المحددة للمعلمات والمنسقات، وتقديم برامج تدريبية للمستجدات والمعلمات ومنسقات المواد بمساريها (العلمي والأدبي) لمدة فصل دراسي كامل.
كما يبرز دور مكتب مراحل التعليم المبكر ومعايير المناهج بهيئة التعليم، في إعداد ورش عمل تطويرية تنشيطية وتعليمية وتوعوية جادة لمراحل التعليم المبكر، تشمل جميع المنسقات والمعلمات والمعلمات المساعدات بمراحل التعليم المبكر بمساريه (الأدبي والعلمي)، وتبنى وفق الاحتياجات الميدانية من واقع الزيارات الميدانية والمتابعة التي تتم من قبل هيئة التعليم وذلك بهدف تطوير التعليم والممارسات في المدارس وتقديم الدعم النوعي للمنسقات والمدرسات.
ويؤكد المجلس الأعلى للتعليم على أن الاهتمام بالتعليم في مراحل الطفولة المبكرة سيجعل من الصفوف الدراسية أماكن ممتعة للتعلم، ويشجع الأطفال على استغلال أقصى ما لديهم من مواهب، مما يجعل المدارس بدورها مسئولة عن توفير معايير أداء عالية الجودة ويمكن قياسها، مع إشراك أولياء الأمور والتجاوب معهم، فضلا عن أهمية هذا التعليم في إثراء القيم والمعتقدات والطموحات القطرية الوطنية.
أرسل تعليقك