لندن ـ كاتيا حداد
كشفت كولين لاروز الأميركية المشتبه في تورطها بأنشطة "إرهابية"، عن الظروف التي قادتها في طفولتها إلى السير في طريق "الجهاد الإسلامي"، وذلك في أول مقابلة صحافية معها، منذ إلقاء القبض عليها في تشرين الأول/أكتوبر 2009، حيث أكدت لاروز أنها عاشت طفولة مأساوية، أدت بها في نهاية المطاف إلى سلوك الطريق الراديكالي المتطرف.
وتقول صحيفة "غارديان" البريطانية أن كولين لاروز تحمل اسم مستعار وهو "جهاد جان"، وأنها من الأميركيين البيض، وقد نشأت في فلادلفيا، كما تشير الصحيفة إلى اعترافها بالتآمر بشأن قتل رسام الكاريكاتير السويدي، كما تذكر أنها اعتنقت الدين الإسلامي لأنه منحها إحساس بالانتماء، بعد أن عاشت طفولة مضطربة، تعرضت خلالها للاغتصاب على مدى سنوات، على يد أبيها.
وتأتي هذه التصريحات على لسان كولين لاروز البالغة من العمر "49 عامًا" في أول مقابلة إعلامية معها منذ اعتقالها في تشرين الأول/أكتوبر 2009، بتهمة التآمر بشأن قتل رسام الكاريكاتير السويدي لارس فيلكس، الذي قام برسم رسوم مهينة لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام.
كما تناولت لاروز في المقابلة التي أجراها معها الصحافي في وكالة "رويترز" جون شيفمان في مركز الاعتقال الفيدرالي في فلادليفيا، والذي تنتظر فيه حكمًا في جلسة 17 آيار/مايو المقبل، كافة الملابسات التي دفعت بها لانتهاج طريق التطرف والراديكالية عن طريق تبادل الأحاديث عبر شبكة الإنترنت مع أحد عملاء تنظيم "القاعدة"، والذي يطلق على نفسه اسم "عين النسر"، وكذلك مع العديد من المتطرفين الإسلاميين.
وعندما سئلت عما كانت تفكر فيه عندما اعتنقت الإسلام، وغيرت اسمها إلى فاطمة، قالت أنها كانت تعيش من قبل حياة تخلو من التدين في ميتشيغان وتكساس وبنسلفانيا، وقالت أيضًا أنها كانت تعتقد باعتناقها الإسلام أنها ذاهبة إلى حيث تنتمي، وأنها نجت من العديد من الأشياء التي كان يمكن أنت تودي بحياتها.
وأضافت لاروز أنها دائمًا ما تعتقد بأن هناك هدف وراء بقائها على قيد الحياة، وعندما تعرفت على الإسلام أدركت أن هذا ما كان ينبغي أن تفعله، وأن هذا السبب هو ما جعلها باقية على قيد الحياة حتى هذه اللحظة.
كما أضافت أنها انزعجت كثيرًا وأصيبت بالألم وهي ترى التغطية الإعلامية لما فعلته القوات الإسرائيلية في غزة، وقالت أن الصهاينة بدأو بقصف الفلسطينيين بالقنابل، وأنها أصبحت منذ تلك اللحظة أكثر راديكالية وتشددًا، وقالت أنها بعد ذلك بدأت تفكر أكثر في "الجهاد".
وتتذكر لاروز أيام جلوسها أمام شاشة قناة "الجزيرة" القطرية، وهي تشاهد الهجمات الإسرائيلية ومقتل الأطفال، وتقول أنها بكت، وأنها كانت تتذكر أيام طفولتها، وتقول كيف أن مثل هؤلاء الأطفال يموتون دون أن يدري بهم أحد، أو يعتني بهم أحد.
وعلى مدى عدة أشهر، أصبحت أكثر اقترابًا من الجهاديين، ثم تحدثت إليهم كثيرًا عبر الإنترنت، و تذكر أنها شعرت بأنهم إخوة، يتمتعون بالقوة، وأنهم غاية في التدين، حيث تقول أنها أحبتهم كثيرًا.
وتشير التقارير إلى أنه تم إقناعها في نهاية المطاف بالسفر إلى السويد خلال آب/أغسطس 2009، بهدف قتل فيلكس، إلا أن عملاء "إف بي آي" استطاعوا القبض عليها عند عودتها إلى فلاديلفيا، قبل القيام بتنفيذ مخططها.
هذا، وقد أمضى الصحافي شيفمان ستة أشهر في دراسة حكاية لاروز، وتوصل إلى قناعة بأنه وعلى عكس الصورة الخطيرة التي يقوم الإعلام بتصويرها عن الشخصية "الإرهابية" عندما قامت السلطات بإلقاء القبض عليها، فإن القضية تبعث على السخرية أكثر من الخوف والرعب، وأنها تبعث على الاستغراب أكثر من كونها حادث مشؤوم، خاصة وأن "إف بي آي" كانت تراقب تحركاتها ونواياها على مدى 15 شهرًا قبل اعتقالها.
وتقول أختها بام التي تعمل مستشاره قانونية، أن أختها مرت بظروف صعبة خلال فترة طفولتها، جعلتها أكثر عرضة للتأثر، وسهولة الانقياد عاطفيًا، وأنها تعرضت للاغتصاب عندما كانت في سن الثامنة على يد والدها ريتشارد لاروز، الذي استمر في اغتصابها عدة سنوات، إلى أن هربت من المنزل في ديترويت في ولاية ميتشيغان، عندما بلغت سن 13 عامًا.
وقالت بام أنها عاشت فترة في الشوارع، كما عملت كبائعة هوى، وسقطت فريسة لإدمان الهروين والكوكايين. وقد أكد والدها كما يزعم البعض على واقعة اغتصابه لها، ولكنه لم يحاكم على جرائمه، حيث أنه توفي عام 2010.
وتقول لاروز التي من المنتظر أن يصدر الحكم بسجنها مدى الحياة أن والدها دمر حياتها، وجعلها تركتب كل الموبقات في حياتها، وأنها كانت دائمة الثورة والتمرد على كل ما كان يفعله معها، وأن أمها لم يكن في مقدروها أن تفعل شيء كي تساعدها.
أرسل تعليقك