اليوتيوب هو سحر الإنترنت بالمعنى الحرفي. منصة يمكنك أن تُعبر فيها عن رأيك بدون قيود على الإطلاق، ما دمت تحترم دستور الإنسان وألّا تسب أو تكون عنصريًّا أو تتوجه باتهام باطل إلى أحدهم دون وجود دليل على ذلك.
لذلك أصبح اليوتيوب منتزه كل الذين يريدون طرح آرائهم على الآخرين دون حرج أو ضغوطات أسرية. وبهذا وجدنا قنوات يوتيوب تتحدث عن الفن، الدين، الطعام، الرياضة، الموسيقى، الرقص، الرسم، السينما، التلفاز، وأي تصنيف حياتي آخر يمكن أن يخطر على بالك.
ولكون اليوتيوب ساحرًا، نقدم لكم اليوم مجموعة أخطاء وارد أن يقع فيها أي شخص مُبتدئ على اليوتيوب. وبالطبع أنا شخصيًّا وقعت فيها سابقًا، ولهذا أنا سأكتب لكم النصائح التالية من واقع خبرة عملية، لا كلمات جوفاء أخذتها من مقالات ومواقع أخرى كما يفعل الكثيرون على الإنترنت هذه الأيام لجلب المشاهدات ورفع معدل الربح. كل رأس عنوان من التالي يُمثل خطأ مستقلًا بذاته.
المعدات هي كل شيء!
العرب عمومًا، والمصريين خصوصًا، لديهم عقدة الكمال المُطلق. وأن كل شيء ينجح في هذه الحياة، يجب أن يكون قد بدأ بمستوى مرتفع جدًا. أي أن متخصصين مراجعات الهواتف الذكية الآن، بالتأكيد بدأوا حياتهم على اليوتيوب بتلك المعدات ونفس مكان التصوير البديع وكل تلك الأشياء البرّاقة. لكن للأسف هذا خطأ من مجموعة أخطاء قاتلة يقع فيها المُبتدئ.
البداية على اليوتيوب لا تستلزم أن تكون الكاميرا بـ 1000 دولار، أو أن يكون مقر التصوير عبارة عن مكان واسع جدًا ومليء بالإكسسوارات الجذابة والمُكلفة ماديًّا، ولا يجب أيضًا أن تكون الإضاءة من أبهظ وأبرع ما يكون. البداية دائمًا ما تكون بسيطة جدًا. مجرد كاميرا هاتف، ميكروفون صغير لا يتجاوز الـ 20 دولارًا، ومجموعة مصابيح للإضاءة لا تتجاوز قيمتها الـ 10 دولارات فقط. مع الوقت المعدات ستتطور، لكن البداية لا تستحق كل هذا العناء.
كرامتي قبل أي شيء
أيضًا يعتقد البعض أن طلب الاشتراك أو الإعجاب من الآخرين على مقاطع الفيديو خاصتهم هو أمر يدعو للحرج والمهانة والذل. لكن الأمر فعلًا ليس بذلك السوء. لماذا؟
فكر معي، أنت لا تريد أن تلفت نظر الآخرين إلى فيديوهاتك، من سيشاهدها إذًا؟ كيف ستحصل على الإعجاب والاشتراك الذي تريده كي تشعر بقيمة الذي تقوم به؛ فبالتالي تتحمس للاستمرار فيه؟ لن تصل إلى أي مكان بمجرد نشر رابط الفيديو على صفحتك الشخصية بفيسبوك أو تويتر.
الشعور بالمهانة هو خطأ من أخطاء تدمير الرغبة على الاستمرارية. ادخل إلى بريد الناس على مسنجر وواتساب، اطلب منهم نشر الفيديو وعمل إعجاب، وأن يشتركوا في القناة أيضًا. صدقني لن تصل إلى أي مكان دون الحرص على وصول الفيديو إلى أكبر عدد ممكن من الناس. حتى تصل إلى 1000 مشترك، وقتها يمكن لفيديوهاتك أن تصل لجزء بسيط من الجمهور وحدها دون نشر خارجي.
لا يهم أي شيء سوى المحتوى
لا يا عزيزي، المحتوى فعلًا ليس كل شيء. أجل، المحتوى هو الذي يجذب الجمهور. لكن “البهارات” الخاصة بالفيديو هي التي تجعل الأمر احترافيًّا وترفع من معدلات المشاهدة والإعجاب والاشتراك مع الوقت. ما هي تلك البهارات يا تُرى؟ دعني أعرفك عليها.
• الصورة المصغرة: هي الصورة التي تكون على واجهة الفيديو من الخارج، وتلك هي التي تدفع المُشاهد للدخول على الفيديو بنسبة 80% أكثر من العنوان ذاته. يجب أن تكون بسيطة في تصميمها، وأن تحمل رسالة الفيديو، ولا مانع من وجود عنصر جذب لوني فيها.
• الكلمات المفتاحية: الكلمات المفتاحية هي التي عندما يكتبها المشاهد في بعض اليوتيوب، يظهر له الفيديو الخاص بك في نتائج البحث. تلك الكلمات يجب أن تكون مرتبطة تمامًا بفكرة الفيديو الخاص بك، وأيضًا أن تكون متماشية مع “التريند” العام الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي.
• وصف الفيديو: وصف الفيديو هو الشرح الذي تكتبه ويظهر للمُشاهد أسفل الفيديو مباشرة. فيه يجب أن تكتب كلمات من نفس عنوان الفيديو، وأيضًا بعض كلمات من التي تقولها بلسانك خلال الفيديو. لأن خوارزمية الموقع تفهم الكلام الذي يُقال على لسانك، وإذا كتبت نفس الكلام في شرح وعنوان الفيديو، هذا سيُعزز من الفيديو نفسه بمنظور آلية البحث.
لا يهم أي نوع من الموسيقى أستخدم، سيكون الفيديو جبارًا!
لا، وألف لا. ليس أي محتوى موسيقي يمكن استخدامه على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا يوتيوبنا العزيز. خطأ من أخطاء المونتاج العامة التي يقع فيها الجميع في بداياتهم هو الإهمال التام لحقوق النشر والتوزيع.
أي مقطع موسيقي يصدر في العالم، يصدر أسفل مجموعة بنود قانونية. إما أن يصدر تحت قانون منع إعادة التوزيع والنشر، أو قانون الاستخدام الحر. فقط الموسيقى المنشورة أسفل بنود القانون الثاني هي مُتاحة لاستخدامها في مقاطعك، مع الحرص على ذكر مُلحن الموسيقى أو الشركة القائمة عليها بشكلٍ أو بآخر.
إذا لم تلتزم بذلك، سوف يتم حذف الفيديو الخاص بك مباشرة، وفي بعض الأحيان يمكن غلق القناة بأكملها. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن ترفع عليك الشركة قضية في المحكمة وتُطالب بتعويض مالي منك. بالظبط كما أوشكت عائلة (الرحباني) على فعله مؤخرًا ليوتيوبر عربي قام بتنزل فيديو يُسمى (فيروزيات)، فيه يذكر موسيقى كلاسيكية لفيروز، مما أغضب عائلتها وقالوا له: “إما حذف الفيديو، أو الدخول في أمور قضائية مزعجة”.
العنوان الحارق المارق!
فلسفة العنوان الحارق المارق هي خطأ فادح من أخطاء صناع المُحتوى الجدد على يوتيوب دون شك. لماذا؟ لأنها تُخسرك الجمهور الثابت. ما هو الجمهور الثابت؟
الجمهور الثابت هو الذي يُعجب فعلًا بمحتواك، ويقوم بعمل اشتراك، ويحرص دائمًا على مُتابعتك، ويأخذ باله إذا مرت فترة طويلة ولم تقم برفع فيديو جديد، ويبدأ في السؤال على أحوالك من حين لآخر. الولاء هو السمة الأساسية للجمهور الثابت. بينما الجمهور المتغير هو الذي يأتي لمرة واحدة، ويذهب دون رجعة.
الجمهور الثابت يحب ألّا ينخدع بالعناوين المُزيفة، بينما الجمهور المتغير ينجذب للعنوان المُزيف، ويترك الفيديو ولا يهتم بك أبدًا بعدها. فإذا كان لديك جمهور ثابت، ورفعت فيديو بعنوان مُزيف، سيتركك ببساطة وتسقط من نظره مباشرة. والعناوين المزيفة تكون مثل: “انظر إلى سقوط فستان هيفاء وهبي، لن تصدق ما ستراه عيناك!”. ويكون الفيديو ذاته لسُلحفاة تأكل الخسّ مثلًا.
الاهتمام بالتريند بغض النظر عن محتوى القناة
هذا هو الخطأ الأخير معنا اليوم في قائمة أخطاء يقع فيها المبتدئون على يوتيوب. جعلته في ذيل القائمة ليكون صاحب التأثير الأكبر، وأن تتذكروه هو بالذات دونًا عن سواه بعد غلق المقال.
بالطبع يجب أن تهتم بالتريند الشائع في بلدك الأم، والتريند العالمي أيضًا في بعض الأحيان. لكن التريندات لا تتلائم مع أفكار القنوات على الدوام. على سبيل المثال إذا كانت قناتك فنيّة بحتة، وكان التريند مثلًا يتحدث عن السياسة. من المستحيل أن تتحدث عن السياسة في قناة فنية، أليس كذلك؟
الخطأ الذي يقع فيه البعض هو أنهم يتحدثون عن التريند على كل حال، ولا يهتمون إذا تلائم مع فكرة ومحتوى القناة من الأساس أم لا. أجل ستأتي لك مشاهدات محببة إلى القلب، لكن في نظر مُتابعينك الفعليين، أنت مُستغل للتريند بخواء، ولم تهتم بتقديم ما يحبه جمهورك الثابت حتى. وهنا سوف تخسر جمهورك الثابت، وتكسب جمهورًا مؤقتًا سرعان ما سيزول. وستكون المحصلة النهائية صفرًا كبيرًا.
وفي الختام
أخطاء المبتدئين على يوتيوب كثيرة، وبالطبع يمكن أن تفوق ما ذكرناه اليوم. لذلك إذا كان في خُلدك أي شيء آخر تريد أن تضيفه، أحب أن أرى التعليقات مليئة بأفكاركم.
قد يهمك ايضا:
علماء الفلك يرصدون جسمًا طائرًا غير طبيعي داخل مدار كوكب الزهرة
طالب في "ناسا" يبلغ 17 عامًا يستطيع اكتشاف كوكب جديد خلال 72 ساعة
أرسل تعليقك