استعرضت مؤسسة "غارتنر" المتخصّصة ببحوث المعلوماتيّة، تقريرًا، أصدرته عن "دورة الضجيج"، المتّصلة بالتقنية المتطوّرة المُسمّاة "إنترنت الأشياء". وأوضحت أنّ "إنترنت الأشياء" واصلت صعودها في العام المنصرم. وبمزيد من التدقيق، يلاحظ التقرير أيضًا أنّ مسار "إنترنت الأشياء" ضمن التطوّر التكنولوجي الرقمي، وصل إلى نقطة يمكن وصفها بعبارة "ذروة التوقّعات المُضَخّمة".
ويقصد من العبارة أنها ذروة موقتة تطغى فيها قصص النجاح الفرديّة التي يعيشها رواد تلك التقنية، مع ما تحمله من وعود كبيرة، على تحفّظ الأسواق الطبيعي حيال تبني تقنية لم تعبر اختبار الزمن. وفي سياق الضجيج الذي يرافق "ذروة التوقّعات المُضَخّمة"، جرى تذكّر أن تلك الذروة الساحرة غالبًا ما يليها هبوط إلى "قاع من الخيبات". وبعدها تأتي مرحلة "منحدر التنوير"، في حال تجاوبت الأسوق بشكل طيّب مع تلك التقنية، قبل أن تصل الأمور إلى مرحلة الاستقرار، عند "هضبة إنتاجيّة"، في حال جرى اعتماد تقنية "إنترنت الأشياء" على نطاق واسع في الأسواق.
ونجح "المنتدى العالمي لإنترنت الأشياء"، الذي عقد دورته الثالثة في شيكاغو، في تقديم عدد من الأمثلة عن نجاحات ساطعة تبرهن الإمكانات الضخمة لـ"إنترنت الأشياء".
وحاول الرئيس التنفيذي لشركة "سيسكو سيستمز" جون تشامبرز، في إطار المنتدى، الإجابة عن سؤال "طبيعة إنترنت الأشياء"، أهي مدّ بحري قوي يستطيع أن يرفع معه القوارب الاقتصاديّة، أو مجرّد لعبة تنافسيّة محصّلتها التعادل؟.
ورجّح تشامبرز، أن يشهد المستقبل القريب فرزًا بين فائزين وخاسرين. ولاحظ أيضًا أنّ تواصل انتشار أدوات التواصل الرقمي سوف يساهم بدور كبير في نجاح الشركات اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وكذلك الحال بالنسبة للمدن والدول أيضًا.
وشهد "المنتدى العالمي الثالث لإنترنت الأشياء" عددًا من العروض المذهلة التي ظهرت فيها روبوتات منخرطة في خضم العمل، وبيانات فوريّة يجري نقلها مباشرة من المصانع وغيرها من الأمثلة الآتية من أوساط الصناعة. ونجحت تلك الأمثلة في إظهار مدى قدرة النُظُم الرقميّة المتّصلة بالإنترنت، في تطوير آليات الأعمال المتنوّعة.
وأبدى كثيرون من المدعوّين إعجابهم بعرض "آي روبوت آفا 500"، المشغل بواسطة خدمة "سيسكو" للتواجد عن بعد "تيليبريزنس"، إذ يمثّل "آي روبوت آفا 500" أداة تضمن للتعاون بواسطة التواصل بالفيديو. وفي عرضٍ مؤثّر أثناء المنتدى، استخدم أحد المشاركين ذلك الروبوت كي "ينوب" عنه في المشاركة في منتدى شيكاغو، وأداره من... ألمانيا.
واستطاعت الآلة، التي تظهر كأنها عمود متنقل متّصل بجهاز مراقبة مثبّت على شاشة تعلو العمود، أن تتنقل بكل سهولة من غرفة إلى أخرى، كما لم تواجه صعوبة في التواصل مع المتحدثين والمشاركين الآخرين.
وتركت الحرية الجسدية في الحضور الافتراضي التي قدّمها روبوت "آفا 500" أثرًا إيجابيًّا على المشاركين، على عكس تجربة بارزة أخرى عُرضت خلال فعاليّة أخرى، هي جولة خاصة على غواصة "يو-505" الألمانية في "متحف العلوم والصناعة" في شيكاغو.
ودارت نقاشات كثيرة حول التشفير والخصوصيّة والنماذج الأمنيّة، خلال جلسات المنتدى. وثار سؤال عن صورة عليها النسخة المعاصرة من أسطول الطائرات والسفن الحربية التي استخدمت لأسر آلة "آنيغما"، التي كانت على متن الغواصة "يو-505".
في السياق عينه، يكلّف روبوت "آفا 500"، قرابة 75 ألف دولار تقريبًا. وفي حين يستحيل في التشكيك الطابع المسلّي للابتكار، المتأتي من حضوره كإنسان آلي بين البشر، يصعب أيضًا التغاضي عن الأسئلة العميقة التي يحرّكها ذلك الحضور عينه، لاسيما في ما يتّصل بآثار تقنيات التواصل الافتراضي على العلاقات البشرية.
أرسل تعليقك