اللاذقية – سانا
تشكل تجربة الخطاط محسن زيني رافدا مهما للساحة الفنية المحلية حيث تتنوع تجربته على مدى ثلاثة عقود لتشمل الكثير من الأساليب الفنية ذات الأهمية والتجديد والتنوع ما ساعد الخطاط زيني على تبوء مكانة مرموقة في المشهد الخطي السوري وارسى له بصمة خاصة ولاسيما أنه تتلمذ على يد كبار الخطاطين العرب ممن يسمون شيوخ الكار ليصب معارفه هذه في مجموعة من الأعمال الفنية المتميزة.
وعن بداياته قال زيني "منذ كنت طفلا في الصف الرابع الابتدائي كنت أرسم لوحات للخط في جريدة الحائط المدرسية ومنذ ذلك الزمن عملت على الحرف مع العلم أنني من عائلة تكتب وتعلم القرآن الكريم وهذا الموضوع كان محفزا لي مع أخذ بعين الاعتبار العامل الوراثي وفي ذلك الوقت اتجهت باتجاه الحرف وكانت تستوقفني اللوحات في الشارع واللافتات وعناوين الكتب والجرائد والمجلات وكنت اقلدها وهذا كان حافزا لتعلم الحرف ورسمه بشكل صحيح".
وأضاف عندما وصلت إلى المرحلة الثانوية تعلمت من خلال الكراس الذي تركه لي معلمنا وأستاذنا الخطاط العراقي هاشم البغدادي حيث اعتبر نفسي متأثرا بالخطاطين القدامى مثل ياقوت الحموي إلى جانب مجموعة كبيرة من القامات البارزة في هذا المجال مثل الشيخ الحافظ عثمان من بغداد ومصطفى الراقم عراقي وبدوي الديراني الذي عرف في بلاد الشام وهؤلاء رموز ولهم بصمة كبيرة في هذا الفن وقد تأثرت بهم إلى أبعد حد.
وبين زيني أن المشاركة في الملتقيات والمعارض التي تقام دوريا أثرت معارفه ومهاراته إلى حد بعيد حيث وفرت له الكثير من التلاقح الفكري الذي أسهم في انضاج أفكاره إذ يستفيد الخطاط في هذه الفعاليات من حضور خطاطين كبار ممن يصححون له الحرف كما يوفر التلاقي والاحتكاك ورؤية أعمال المشاركين في الملتقيات الكثير من الأفكار الجديدة والحركات والأساليب الإبداعية المهمة فمن المهم جدا الاطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة منها.
ولفت إلى أن الأهم في هذه الملتقيات هو الجلسات الحوارية التي تقام على هامش انشطة من هذا النوع والتي تتحول إلى ما يشبه ورشات عمل يتجمع فيها الخطاطون فيعطي كل منهم للآخر خلاصة بحثه الطويل في هذا الفن مع تأكيد ضرورة وجود لغة حوار ناضجة لجمع الآخر مع الآخر ليصار إلى أفضل رؤية وأفضل تصور.
ورأى زيني أنه يجب على المبدع الابتعاد عن الأنانية لينتج في النهاية ثمرة جديدة تكون نتيجة للتلاقح الفكري والمعرفي والبيئي والاجتماعي ويعطي إغناء لهذه الثمرة مؤكدا ضرورة تعميم لغة الحوار والوقوف عند المشاكل ومعالجتها بالشكل العلمي الصحيح الهادف.
وأضاف نحن في بلد رأس شمرا وهو أساس اللغة العربية والخط فهنا الكثير مما يجدر الاهتمام به والانطلاق من هذه الأبجدية وهذا المكون الثقافي الغني جدا فسورية بلد الحضارة وعمر حضارتها أكثر من 9000 سنة ويجب علينا التعامل مع هذا الموروث التاريخي والثقافي بغناه المعرفي من خلال تلاقح الحضارات المتوارثة على هذا البلد وهذا المكون من هنا تأتي عظمة هذا البلد وهذه العظمة يجب ان تتجسد بمفردات وأحرف يتعلمها الأطفال من خلال أساتذة ومعلمين ومربين ورواد معرفة.
وأكد زيني ضرورة تعليم الأطفال الخط وأصوله منذ نعومة أظافرهم بشكل أكاديمي منذ المرحلة الابتدائية والتدرج معهم في المراحل التالية وطالب بضرورة وجود معهد اختصاصي خاص بتعليم أصول الخط العربي يسمى معهد الخط العربي أسوة ببعض الدول العربية الشقيقة المجاورة مثل العراق حيث بها هكذا معهد والأمر نفسه في مصر.
وتابع نحتاج إلى عدد من المعاهد والأكاديميات المتخصصة إضافة إلى وجود تخصصات عالية في الخط العربي نفسه ووجود تخصص في كل نوع من أنواع الخط نفسه في الخط الكوفي والنسخ والرقعة والثلث والفارسي وغيره من خطوط لينهل منها الجميع فهذا ما نفتقده حقيقة هنا للوصول إلى المراتب العليا في هذا الفن التراثي العريق.
وأكد ضرورة الاستفادة من خبرات الخطاطين الكثر في المحافظة لتعليم الأطفال في مدارسهم أصول الخط بشكل صحيح وذلك من خلال التعاقد معهم أو من خلال إقامة دورات تعليم للمعلمين في المدارس لتحسين خطهم وتعليمهم اصول الخط وهو ما اقترحه على مديرية التربية أكثر من مرة لإقامة دورات خط للمعلمين في مدارس المحافظة وهي دورات تطوعية تقام بالتعاون مع مجموعة من الخطاطين مجانا ولكن هذه المبادرة لم تلق الصدى الإيجابي لدى المعنيين.
واعتبر زيني أن التقنيات الحديثة والحاسوب أثرت سلبا في المشتغلين بهذا الفن فمن خلال الحاسوب يمكن إدخال برنامج معين وكتابة أي خط كان لكنه سيكون فاقدا للروح وللحياة وللحيوية التي يكتب بها الخطاط بيده مؤكدا أن الحاسوب تقنية يجب أن تعطينا وأن تشكل رافدا إيجابيا بتطبيقات الحرف وأصوله.
أرسل تعليقك