عمان ـ بترا
قال مدير مديرية التراث في وزارة الثقافة الدكتور حكمت النوايسة أنّ التراث الثقافي غير المادي هو التراث المتوارث جيلًا عن جيل، وهو ما تبدعه الجماعات والمجموعات إبداعًا متجددًا ومستمرًّا بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها؛ ما ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها.
وأضاف الدكتور النوايسة لوكالة الأنباء الاردنية (بترا)، إنّ أهمية الحفاظ على التراث غير المادي للشعوب تكمن بمساهمته في إيجاد الحوار الحضاري الإنساني، وتنحية التشوهات الطارئة التي أوجدتها قوى تسعى إلى السيطرة على شعوب ترى أنّها تحتاج إلى ترويض.
وبين إّن تعزيز الهويات الوطنية والقومية غير القاتلة غاية في الأهمية؛ أي الهُويات التي تقبل الشراكة في إطار التنوع، وتنظر إلى التنوع بوصفه القانون الطبيعي الذي يعطي الحياة معنىً وجمالًا.
وأوضح أن التراث يشكل في تكامله ضمن الإطار الوطني، الخلفية الاجتماعية والثقافية لصياغة الهوية الوطنية والقومية لأيّ أمّة من الأمم، فضلًا عن كونه شاهدًا حيًّا على قدرة الإنسان على الإنتاج في الظروف المختلفة" الإنتاج الثقافي والمادي".
وعرض الدكتور النوايسة لمشاريع مديرية التراث في وزارة الثقافة، منها مشروع المركز الوطني الأردني، وأنه مشروع يهدف إلى إحياء التراث الأردني وحفظه من الضياع عبر تكوين قاعدة معلومات أردنية في مجال المأثورات الشعبية من خلال الألفاظ المتداولة وشرح معانيها، وضبط الألفاظ وتشكيلها، وهو مشروع وطني يحمل في طياته جمع وتوثيق المفردات المتداولة في التراث الثقافي غير المادي وحصرها، حيث يقوم الباحثون من الجامعات المختلفة بجمع وحصر ميداني يشمل المصطلحات التراثية والحية جميعها في مناطق المملكة.
ولفت إلى أن المشروع الوطني لحصر التراث الثقافي غير المادي يهدف إلى حصر التراث الثقافي غير المادي وهو الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءًا من تراثها الثقافي.
وشاركت وزارة الثقافة بعملية حصر التراث الثقافي غير المادي بالتعاون مع اللجنة الوطنية للثقافة والتربية والعلوم "اليونسكو"، والاتحاد الأوروبي، وكانت المرحلة الأولى في محافظة مادبا عام 2012، ونتائجها في حوزة مديرية التراث ورقيًّا، وستظهر على موقعها بعد أن تجتاز مراحل المراجعة المختلفة.
وأكد أنّ مديرية التراث قدمت مشروعًا لحصر التراث، وتمّت الموافقة عليه بمنحة من دولة الكويت الشقيقة؛ لمسح التراث الثقافي غير المادي عن طريق وزارة التخطيط في ثلاث محافظات في فترة زمنية واحدة، وستنفذه الوزارة لحصر التراث في محافظات الزرقاء، والكرك ، والبلقاء.
وفي حديثة عن مشروع إعادة تأهيل المادة الصوتية المسجّلة في السبعينيات من القرن الماضي اشار النوايسة إلى أن المشروع جاء للحفاظ على الموروث الأردني الثقافي، والكنز الذي قام بتسجيله نخبة من الباحثين في التراث، في أواسط السبعينيات والثمانينيات، وفي مناطق مختلفة من المملكة.
وأوضح أنّ لدى المديرية حوالي 950 شريط كاسيت مسجلة في معظم مناطق المملكة، وهي تسجيلات صوتية لتراثيات متنوعة تشكل كنزاً في ذاكرتنا الوطنية، ويجري العمل الآن تخزينها على جهاز الحاسوب؛ لرفد المكتبة الإلكترونية بمادة غنية حول التراث الشعبي الأردني، ومساعدة الباحثين في الرجوع إلى المعلومة بسهولة ويسر.
أما مشروع مسابقة المخطوطات والوثائق في المملكة الأردنية الهاشمية؛ فأكد أّن فكرة هذا المشروع جاءت للحفاظ على الذاكرة الوطنيّة، ونشر التراث الوطني المخطوط، وإتاحته للجمهور الأردني والعربي.
وبين أن من ضمن نشاطات المديرية تمّ إصدار مجلة الفنون الشعبية بعد توقفها ما يزيد عن عشرين عامًا، وإطلاق موقع إلكتروني خاصّ بالمديرية يجري العمل على أن يكون المصدر الأول للباحثين في التراث الأردني.
وفيما يخص الاتفاقيات الدولية أشار إلى أنّ الأردن صادق على اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي 2005 في عام 2007، وتمّ تقديم تقرير الأردن حول تنوع أشكال التعبير الثقافي؛ بمناسبة مرور أربع سنوات على المصادقة على الاتفاقية، وتقوم المديرية بإرسال طلبات إلى صندوق التنوع الثقافي "اليونسكو" للحصول على تمويل مشاريع حول التنوع الثقافي.
أمّا اتفاقية حماية وصون التراث الثقافي غير المادي 2003، فتعمل الوزارة حاليًّا على إعداد التقرير الأردني حول تطبيق اتفاقية التراث الثقافي غير المادي وذلك بمناسبة مرور سبع سنوات على المصادقة عليها.
وحول الاتفاقية العربية لحماية المأثورات الشعبية بيّن أنّ الإرادة الملكية السامية صدرت بالموافقة على قرار مجلس الوزراء تاريخ 19/4/2011، المتضمن الموافقة على انضمام المملكة إلى الاتفاقية العربية لحماية المأثورات الشعبية والقانون النموذجي الخاص بها، وتمّ إيداع وثائق المصادقة موشحة بالتوقيع الملكي السامي بخاتم الديوان الملكي الهاشمي لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
أرسل تعليقك