مسقط ـ أ.ش.أ
شهد المؤتمر الدولي لتطوير العلوم الفقهية الذي يواصل أعماله بسلطنة عمان حاليا حضورا مصريا مكثفا في إطار العلاقات المتميزة بين البلدين ، حيث جاء الوفد المصري كأكبر وفد عربي وإسلامي مشارك في المؤتمر الذي بدأ فاعلياته أمس ويستمر حتى الخميس المقبل وتنظمه وزارة الاوقاف والشئون الدينة بسلطنة عمان تحت عنوان "الفقه الإسلامي المشترك الإنساني والمصالح" ، وذلك تحت رعاية رئيس مجلس الدولة العماني الدكتور محفوظ المنذري .
وجاءت مشاركة وفد مصر بنحو 42 مشاركا من أساتذة الفقه والعلوم الشرعية والقانون والشريعة في جامعات الأزهر والقاهرة والإسكندرية ودار العلوم إضافة إلى مفتي مصر الدكتور شوقي علام والمفتي السابق الدكتور على جمعة والذين غادرا الليلة الماضية بعد مشاركتهما في اليوم الأول للمؤتمر .
فيما جاءت ليبيا بالمركز الثاني من حيث عدد المشاركين بها حتى اليوم بنحو 20 مشاركا ثم تونس 10 والجزائر 7 والمغرب 5 مشاركين ، إضافة إلى وفود خليجية من السعودية والبحرين والامارات العربية والكويت ودول أوربية منها روسيا وبريطانيا واسيانيا واستراليا ويمثلها أساتذة وعلماء مسلمون وغربيون .
وقد تنوعت البحوث المقدمة من الوفد المصري حول موضوعات المؤتمر في الفقه الإسلامي وقيم العدل والمساواة والحرية في الإسلام ، حيث طالب الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بحقوق الإسكندرية في بحثه حول الفقه الإسلامي في مؤتمرات القانون المقارن بتحقيق آمال كبار رجال القانون في العالم العربي والغربي في تأسيس معهد إسلامي للقانون المقارن ، مطالبا سلطنة عمان - التي أصبح مؤتمرها الفقهي السنوي مؤتمرا علميا يحتشد فيه الباحثون - إلى إنشاء هذا المعهد مع إيجاد صيغة عملية لربطه بجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وإنشاء كراسي للقانون المقارن في الجامعات العربية والإسلامية ، و كراسي اخر للقانون الإسلامي المقارن في الجامعات العالمية الكبرى ، وأكد أن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة قانونية تشريعية لا يمارى فيها وأن اختلاف المذاهب يحوي ثروة تشريعية هي مناط الإعجاب ، ومعها يستجيب الفقه الإسلامي لجميع مطالب الحياة .
من جانبه .. قال الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية الدكتور عبد الحميد عبد المنعم مدكور ، في بحثه بعنوان حقوق الإنسان ومقاصد الشريعة الإسلامية ، إن ما شرعه الإسلام من حقوق الإنسان لم يكن مُثُلاً معلقة في الفضاء ، أو مجرد مناشدة للضمير الإنساني كي يرتفع إلى هذا الآفق العالي الذي تقرر في الإسلام ، بل إن الحياة الإسلامية شهدت – منذ عهد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ثم عهد الراشدين ومن سار على نهجهم من حكام المسلمين – تطبيق هذه الحقوق وأن تطبيقها كان يزدهر كلما كانت الشريعة حاضرة في نفوس حكام المسلمين وعلمائهم، وفي حياتهم الاجتماعية على وجه العموم، وأن ما وقع من عدوان على هذه الحقوق، أو تقصير فيها كان يرجع إلى أسباب كثيرة يأتي في مقدمتها التجافي عن هُدْى الشريعة وتعاليمها.
وأضاف أن المتفق عليه بين علماء الشريعة أن الفتوى تتغير باختلاف الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، وليس على المجتهدين من حرج في هذا التجديد أو تلك الإضافة، ما دام ذلك كله دائرا في فلك الشريعة ، قاصدا إلى بيان محاسنها وكمالها ، واتساعها لتحقيق مصالح البشر ، دون مخالفة أو مصادمة لنصوصها أصولا وفروعا وتشريعا وهداية وروحا.
ومن جهته .. أشار أستاذ الشريعة الإسلامية بدار العلوم محمد نبيل غنايم ، في بحثه حول حقوق الإنسان في المواثيق الدولية ، إلى أن الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية واجتهاد الفقهاء في ضوئهما بالاستنباط الصحيح منهما ومن أقوال الصحابة والتابعين والأئمة الفقهاء وعلى مقاصد الشريعة الإسلامية بأنواعها الضرورية والحاجية والتحسينية .
ولفت إلى أن الإعلان العالمي يتميز بالمرجعية الإلهية ، والسعة والشمول ، والثبات والاستمرار والإلزام والالتزام وتقييد بعض الحقوق بضوابط شرعية تمنع الفوضى والإنفلات وإلحاق الضرر والأذى بالآخرين ، ويحقق التوازن بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة ، ولا يميز طرفا على آخرين فى حين انحاز الإعلان العالمى لحساب الفرد على الجماعة.
وقال أستاذ القانون الدولي الإقليمي ونائب رئيس جامعة الإسكندرية السابق الدكتور محمد السعيد الدقاق ، في بحثه حول فكرة المساواة بين القانون الدولي الإقليمي والنظرية الإسلامية ، إن المساواة لا تعني التساوي والتماثل في منتجات العقول أو العلوم أو كل ما يكسبه الإنسان من قدرات ومهارات بجهده وذكائه وإن الإسلام يرى المساواة أنها مساواة مقيدة بما يجوز فيه التساوي وليست مطلقة كون التفاوت بين الجميع حقيقة واقعة ينتج عنه تميز فيما بينهم من قدرات ، وأشار إلى أن الإسلام يرى ضرورة توظيف التباين الواقعي في القدرات والمواهب والإمكانات لصالح المجتمع وأعضائه ، كما يضع الحلول الواقعية التي تتسق مع طبيعة البشرية والتي تؤدي إلى تعويض من هم أقل قدرة وإمكانيات من عناصر ضغفهم لتكون الحلول تميزا إيجابيا للفريق الأضعف يدفع به للأقتراب ممن هم أكثر قدرة وإمكانيات .
وطالب أستاذ القانون الدولي بإنجلترا الدكتور محمد مطر ، المؤسسات الأكاديمية العربية بالدراسة المقارنة للقيم الإسلامية ووضها في برامج عملها .
أرسل تعليقك