أبوظبي ـ أ.ش.أ
يواصل أكثر من 60 خبيرا وأكاديميا ودارسا من دول عربية وأجنبية ورشات العمل التي يقيمها مؤتمر أبو ظبي الدولي الثالث للترجمة تمهيدا لعقد جلسة حوارية مفتوحة، لمناقشة واقع وإشكاليات الترجمة وتحديات نقل المنتج الثقافي العربي إلى الآخر، والخروج بتوصيات نهائية ترتقي بمهنة وفن الترجمة وتساهم في تطوير حركة الترجمة في العالم.
وشهدت أولى الجلسات الحوارية، والجلسات الأولى لورشات العمل للمؤتمر الذي يحمل عنوان "الهوية والتواصل الثقافي"، طرح عدد كبير من القضايا الهامة المتعلقة بالترجمة وواقعها وآفاقها، وناقش عدد كبير من المختصين والخبراء والمترجمين من المخضرمين ومن جيل الشباب تحديات وشؤون هذه المهنة الإبداعية.
ومع انطلاق ورشات العمل الأربع أوضح رؤساء هذه الورشات منهجهم وأهدافهم منها، مشيرين إلى أنهم سيسعون بالتعاون مع المشاركين في الورشات لطرح المشكلات ومناقشتها بهدف وضع تصورات ورؤى واقتراحات لسبل تجاوزها مشاكلها التغلب عليها.
وعشيّة بدء ورشات العمل، وبعد حفل افتتاح المؤتمر الذي ينظمه مشروع "كلمة" التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، أوضح مديرو ورشات العمل طريقتهم في إدارة الورشات، وشرحوا الأساليب التي سيعتمدونها خلال ورشاتهم هذه، كما قدّم رؤساء ورشات العمل خلال جلسة الحوار خلاصة الأفكار التي ستُناقش والوسائل التي سيتبعونها .
وأوضح الدكتور محمد عصفور رئيس ورشة الترجمة من العربية إلى الإنجليزية ، أنه سيتم مناقشة الدقة بالترجمة وسلامة اللغة العربية لها ، كما سيتم خلال الجلسات مقارنة الترجمات ببعضها ومقارنة التعابير والمصطلحات لمعرفة الأنسب منها.
وأشار إلى أن ورشة العمل والمتدربين سيحللون الاختلاف في الترجمات في الشكل المعنى، وأن أهم الفوارق بين الجمل العربية والأجنبية هي ابتداء العربية بالفعل وبالمسبب بينما تبدأ الأجنبية بالفاعل والمتعلقات والأسباب،مشددا على ضرورة مراعاة هذه التراتبية بالترجمة.
من جانبه، قال الدكتور عز الدين عناية، رئيس الورشة الإيطالية، أنه اختار نوعين من النصوص، أحداهما تاريخي والثاني شعر إيطالي معاصر، موضحا إن أنسب الطرق بالنسبة له لمعرفة مشاكل الترجمة هو الخوض في تجربة ترجمة لنص تاريخي وآخر شعري.
أما الدكتور سعيد الشياب، رئيس ورشة الترجمة من الإنجليزية، فاشار إلى إن لديه رؤية مختلفة قليلاً، حيث اختار نصاً شعرياً وليس أدبياً له علاقة بالهوية ، لأن ترجمة القصة والرواية برأيه أسهل كثيراً بالمقارنة مع الشعر، بسبب الصور الشعرية والمجاز والتشبيه والغموض الذي يلف الشعر بشكل عام، وأشار إلى أن ما اختاره له علاقة بالهوية .
ومن جانبها، أكدت الدكتورة زينب بنياية رئيسة ورشة الترجمة من الإسبانية ، أهمية تسليط الضوء على دور الترجمة في تثبيت الهوية، وأهمية تنمية قدرات المترجمين، وتزويدهم بآليات لتخطي العقبات التي تواجههم في عملهم.
يشار إلى أن مشروع "كلمة" الذى ينظم المؤتمر هو مبادرة طموحة غير ربحية لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة تموّل ترجمة أرقى المؤلفات والأعمال الأدبية الكلاسيكية والمعاصرة من مختلف اللغات إلى اللغة العربية ومن ثمّ طباعتها وتوزيعها.
وتمّ إطلاق مبادرة "كلمة" من أجل التصدي لمشكلة مزمنة عمرها ألف سنة، وهي النقص الذي تعاني منه حركة الترجمة في العالم العربي والمتمثل في ندرة الكتب المتميزة المترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية. وقد أدّى هذا النقص إلى حرمان القرّاء العرب من الاستمتاع بأعمال أعظم المؤلفين والمفكرين على مرّ التاريخ، وحرمانهم من التعلم من هذه الأعمال أيضاً. ولا يتوفر حالياً في معظم الدول العربية كثيرٌ من الأعمال الأدبية والعلمية العالمية البارزة إلا بلغاتها الأصلية، بحيث تقتصر الاستفادة منها على فئة محدودة من فئات المجتمع.
من هذا المنطلق، يأخذ مشروع (كلمة) على عاتقه ترجمة حوالي 100 كتاب سنويّاً، من أهم المؤلفات العالمية الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة من مختلف دول العالم، لإتاحتها للقراء باللغة العربية.
وتنطلق فكرة (مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة) من أن الترجمة تمثل جسراً بين الثقافات، فالترجمة وسيلة اتصال ومثاقفة بعد أن تحول العالم، بفعل ثورة الاتصالات وعصر العولمة، إلى قرية كونية تتفاعل فيها الثقافات واللغات، وللترجمة دور رئيس في البحث العلمي، لهذا ظلت الترجمة محطّ رعاية الدول والشعوب المتقدمة، فهي تحرص على تفعيلها ودعم مؤسساتها وتنشيطها وبناء تصورات استراتيجية للترجمة ودورها العلمي والحضاري.
ويسعى المؤتمر إلى تفحّص الواقع الراهن لحركة الترجمة من العربية وإليها وبلورة استراتيجيات تنهض بعمليات الترجمة وتوسيع حركتها.
أرسل تعليقك