اللاذقية - سانا
يدل تنوع عالم الآلهة في سورية القديمة وتعدد وظائفها خلال الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد على أن المجتمع السوري ذو ثقافة عميقة الجذور وغنية.
وتلبية لرغبات أبناء المجتمعات المتعبدة للآلهة في سورية القديمة ولقناعتهم بأهميتها في حماية الدورة الزراعية التي تعد محور حياتهم إضافة إلى حماية الصناعة والتجارة وأسفار البحار شيدوا لها المعابد و قدموا لها النذور و الأضاحي لدرء المخاطر التي تعيق الحياة الاقتصادية ولدورها في تطور الحياة الدينية والاجتماعية و السياسية واعتمدت الديانة الكنعانية على عبادة قوى النمو و التوالد و كانت الآلهة مسيطرة حسب معتقداتهم على قوى الطبيعة وهذا ما أظهرته لنا الألواح و النصوص الآمورية الكنعانية المكتشفة في ماري وايبلا وايمار ومملكة أوغاريت و قدمت معلومات عن الديانة الكنعانية ومجمع الأرباب الكنعاني الذي يضم آلهة كثيرة أبرزها آيل كبير الآلهة ثم شمش آله الشمس و عليان بعل إله الحياة والآلهة العظيمة عشتروت وغيرها.
وأوضح الباحث الدكتور جمال حيدر مدير آثار جبلة في حديث لـ سانا أن الوثائق المكتشفة دلت على أن ايل كان الإله الأعظم للشعوب الكنعانية وجيرانهم الآراميين فقد وجد له نصب في أوغاريت من الحجر الكلسي في موسم حفريات 1937 وهو جالس على عرش غني بالزينة كما جسدته الأعمال الفنية المكتشفة والمنحوتات الحجرية والتماثيل المعدنية على شكل شيخ حكيم جالس بوقار يهب زواره الرحمة والحكمة.
وبين حيدر أن ثاني الآلهة في الثالوث الأعظم الإله بعل ابن آيل و هو جوهر العبادة الكنعانية حيث لقب في النصوص الأوغاريتية بألقاب عدة منها ألين وتعني العظمة والقوة و راكب السحاب والعلي أي المرتفع وعندما يختفي يحل الجفاف وعندما يظهر تسيل الانهار عسلا من جديد.
وأضاف نظرا لأهمية بعل في المجتمع السوري بشكل عام وفي أوغاريت بشكل خاص فقد تناولته الموءلفات الأدبية التي عثر عليها في مكتبة الكاهن الأكبر وتحدثت عن معاركه ضد الإله يم و الإله موت وتأتي الأهمية الكبيرة لهذا الإله نظرا لما فرضته طبيعة البيئة في الأرض السورية وبشكل خاص في المناطق التي اعتمدت على مياه الامطار في زراعتها.
وعبر سكان أوغاريت بحسب مدير آثار جبلة عن نعمة المطر التي تنتج المحاصيل وألهوها في اسطورة بعل فهو الشخصية الأساسية والمركزية التي تدور حولها أحداث القصائد الميثولوجيا الأوغاريتية نظرا لدوره الهام و الحيوي باعتباره اله المياه و العواصف و الصواعق و شفيع البحارة و هذا له أهمية كبيرة عند كنعانيي السواحل السورية لافتا إلى أن موطنه الأصلي كان عند الحدود الشمالية لمملكة اوغاريت على قمة جبل الاقرع .
أما عشتروت فهي آلهة الخير والبركة والخصب وآلهة التدمير في المعارك والنزال وقد عرفت بشخصيتها الحربية في أسفار العهد القديم وهي تمثل الحب الاباحي لذلك كان من أهم رموزها العري فكانت تظهر عارية في صورها ونقوشها وكان الحصان أحد أهم رموزها المهمة لما يمثله من القوة والبطش وذلك يدل على أصولها الآسيوية كما ظهرت برموز مصرية مثل التاج المصري المضاف له قرنان جانبيان و كانت الهة الخصب عند الفينيقيين المعبود الشائع الوحيد للشعوب السامية و لدى السومريين راعية الحرب والحب في آن معا.
أرسل تعليقك