قرّر المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيلية (الكابنيت)، بعد اجتماع مطول فجر الخميس، إعطاء مهلة يوما واحدا لحركة "حماس" تسيطر خلاله على الوضع في قطاع غزة، فإذا استمرت مسيرات العودة في إطلاق البالونات والطائرات الورقية الحارقة، أو جرت محاولات اختراق للشريط الحدودي، أو إطلاق قذائف صاروخية باتجاه إسرائيل فإن القوات الإسرائيلية ستنتقم بسلسلة ضربات قاسية.
وأكدت مصادر سياسية أنه قرر قبول توصيات الجيش بالرد على العنف الفلسطيني "بضربة شديدة متصاعدة، لم يسبق أن شهدها القطاع منذ الحرب الأخيرة في العام 2014".
وقال وزير الإسكان الإسرائيلي، الجنرال في الاحتياط يوآف غالانت، عضو "الكابنيت"، خلال مؤتمر لمقاولي البناء في إيلات، ظهر الخميس: "لن أتطرق إلى مضمون مداولات، لكن بإمكاني قول أمر واحد بصورة واضحة جدا، وهو أن قواعد اللعبة سوف تتغير. ونحن لن نقبل بإرهاب النار وإرهاب السياج بعد الآن"، وأكد أن أحداث الجمعة ستكون هي الاختبار.
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لاجتماع "الكابنيت" في السابعة من مساء الأربعاء، لكنه عقد في ذلك الموعد اجتماعا مغلقا مع رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، الذي قطع زيارته إلى الولايات المتحدة مساء الثلاثاء، بعد توتر الأوضاع من جراء إطلاق قذيفتين صاروخيتين من قطاع غزة، سقطت إحداهما على بيت في بئر السبع، والأخرى في البحر قبالة شواطئ تل أبيب. وجاء الرد الإسرائيلي عليها بشن 20 غارة على قطاع غزة. وبعد ساعتين، أدخل نتنياهو الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية للتباحث في سبل التعامل مع قطاع غزة، واستغرق الاجتماع خمس ساعات ونصف الساعة، لينتهي في ساعات الفجر الأولى.
وذكرت مصادر سياسية أن مداولات "الكابنيت"، تناولت خطتين عسكريتين مختلفتين تجاه غزة، الأولى طرحها وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، والأخرى طرحها آيزنكوت، وتحدثت خطة الجيش عن "عمل عسكري محدود نسبيا، يتصاعد بالتدريج بما يتلاءم مع التطورات الميدانية"، بينما الخطة التي طرحها ليبرمان كانت هجومية، ودعت إلى شن عمليات عسكرية شديدة القوة ضد حماس: "بكل ما يعني ذلك".
وقال أحد المصادر إن القيادة السياسية قررت خلال اجتماع "الكابنيت"، أن الاختبار سيكون الجمعة، وإن التعليمات الصادرة للجيش تقضي "بالتعامل بشدة زائدة مع العنف عند السياج".
وتقضي الخطة التي طرحها الجيش في اجتماع "الكابنيت"، وتم إقرارها، بأن تطلق القوات الإسرائيلية النار على المتظاهرين الفلسطينيين في ما هم بعيدون عن السياج الأمني؛ وهو ما يعني توسيع "المنطقة العازلة" بين السياج الأمني ومواقع المظاهرات الفلسطينية. كذلك، تقضي الخطة بتصعيد استهداف الشبان الذين يطلقون البالونات والطائرات الورقية الحارقة.
وسئل رئيس الدائرة السياسية-الأمنية السابق في وزارة الأمن الإسرائيلية، الجنرال عاموس غلعاد، بشأن تفسيره لهذا القرار، والفرق بينه وبين خطة ليبرمان، قال لإذاعة "كان" الرسمية، إنه "يجب استنفاد الطرق كافة كي لا نصل إلى مواجهة في غزة، ومن خلال الحفاظ على الأمن. ليس مهما من أطلق القذيفة باتجاه بئر السبع، فـ(حماس) تسيطر في غزة، وكل ما ينبغي أن تستخلصه من هذا الحدث، هو أن الأجدى لها أن تعود بسرعة إلى الهدوء؛ لأن حكمها قد يكون في خطر".
وأيّد هذا التوجه وزير الشؤون الإقليمية في الحكومة، تساحي هنغبي، وهو عضو في "الكابنيت"، فقال إنه مثل رئيس الوزراء ومعظم الوزراء، لا يؤيد تنفيذ هجوم جارف على قطاع غزة. وقال في لقاء مع إذاعة الجيش الإسرائيلي "ما الذي سنربحه من الحرب؟ ولماذا الاستعجال. نحن وجّهنا رسالة قوية جدا إلى (حماس). فلننتظر كيف ترد يوم الجمعة. فإذا استمرت في نهجها، ستتلقى ضربة قاسية".
وتنشغل الحلبة السياسية في إسرائيل بموضوع التوتر على الحدود مع غزة. فقالت رئيسة المعارضة، النائب تسيبي ليفني، إن "قرار الحكومة الرد على الأوضاع في قطاع غزة حسب مزاج (حماس)، لن يكون مجديا ولن يغير شيئا. تغيير الواقع يجب أن يكون بطرق أخرى وباستراتيجية بديلة". وقالت ليفني، في حديث إذاعي صباح أمس "لا يجوز أن تصبح حركة حماس العنوان الوحيد لإسرائيل. فهناك عناوين أخرى. لكن الحكومة تتهرب من التفاوض مع السلطة الفلسطينية؛ لأن هذا يشكل تهديدا على نتنياهو، أكبر من الخطر الذي تشكله (حماس) على إسرائيل".
وقال الجنرال عميران لفين، الذي يعد اليوم من قادة حزب العمل المعارض، إن الحكومة أثبتت حتى الآن، أن تهديدات رئيسها ووزرائها لـ"حماس" ولإيران ولـ"حزب الله" هي مجرد عربدة كلامية لا تفيد شيئا، وقد جاءت لأن هذه الحكومة لا تبحث عن حلول، بل تتهرب من الحلول. وهي مستعدة لأن يدفع المواطنون الإسرائيليون حول غزة ثمن استهتارها هذا". وأضاف لفين في لقاء مع إذاعة المستوطنين (القناة السابعة)، "لقد آن الأوان لنقول بصراحة، إن حكومة اليمين بقيادة نتنياهو تعمل على تقوية حركة حماس، التي تضع في رأس برنامجها هدف تدمير إسرائيل. فهذه الحركة، الضعيفة جدا، تستمد منا القوة. بأيدينا نجعلها قادرة شيئا فشيئا على السيطرة أيضا في الضفة الغربية. وحكومتنا تفعل ذلك بوعي؛ لأنها لا تريد أن تدخل في مفاوضات مع السلطة الفلسطينية حول عملية سلام. إنها تخاف من السلام ولا تريد أن تدفع ثمنه. فتختار (حماس)، التي تؤيدها في رفض السلام".
أرسل تعليقك