الجزائر - الجزائر اليوم
أكد المجلس الدستوري "دستورية" أحكام الأمر الذي يقضي بتمديد آجال إيداع ملفات الترشح لتشريعيات 12 جوان بخمسة أيام، كونها "لا تمس بالضمانات الدستورية لممارسة المواطن حقه في الترشح"، مثلما تضمنه العدد الأخير من الجريدة الرسمية. وأكد المجلس الدستوري أن مواد الأمر موضوع الإخطار "لا تمس بالضمانات الدستورية لممارسة المواطن لحقه في الترشح". وجاء هذا القرار بناء على إخطار رئيس الجمهورية للمجلس الدستوري قصد مراقبة دستورية هذا النص، وفقا لأحكام المادة 142 من الدستور. وكان رئيس الجمهورية، عبد
المجيد تبون، وقع الخميس الماضي الأمر المعدل والمتمم للقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، والقاضي بتمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للتشريعيات القادمة بخمسة أيام بطلب من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وبعد استشارة مجلس الدولة والمجلس الدستوري وأخذ رأي مجلس الوزراء. وعكس قرار تمديد آجال إيداع ملفات الترشح، الاهتمام الذي توليه التشكيلات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني التي ستتقدم إلى هذه الانتخابات بقوائم حرة للمشاركة في انتخابات البرلمان الجديد الذي ينتظر منه أن يمحي مخلفات التجربة الماضية، باعتباره
منصة لنقل انشغالات الشعب وليس ل"البزنسة" وشراء الأصوات والذمم وفق منطق "الشكارة" والمال المشبوه. ويتضح من خلال الطلب الذي تقدّم به رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي لرئيس الجمهورية والقاضي بتمديد آجال إيداع ملفات الترشح، الضغط الذي تواجهه مندوبيات السلطة عبر الولايات التي وجدت نفسها في سباق مع الزمن لمعالجة الملفات، غير أنه بدا بأن الزمن المحدد لها لن يسعفها في استكمال دراستها كاملة في الآجال المطلوبة، في ظل حرص وتشديد رئيس الجمهورية على ضمان الشفافية والإنصاف في هذه
العملية. كما أن هذا القرار يعطي الانطباع بأن الاستحقاق القادم سيكون مغايرا هذه المرة خصوصا في ظل الشروط التي أقرها الرئيس تبون، للترشح في التشريعيات القادمة، والتي تتركز على إبعاد المال الفاسد وغير الفاسد عن العملية الانتخابية، ما ساهم في تعفن العمل السياسي والحزبي لسنوات وسرّع في تراجع انخراط المواطنين في العملية السياسية بما فيها مشاركتهم في الانتخابات خصوصا في التشريعيات التي تراجعت من 66% عام 1997 إلى 37% عام 2017. كما ظهر اهتمام الشباب للمشاركة في هذا الاستحقاق في ظل دعوة الرئيس تبون لهم
لدخول المعترك السياسي وخوض التجربة النيابية ومن ثم الاحتكاك بمؤسسات الدولة، في الوقت الذي سجل فيه إقدام كبير للمترشحين ضمن القوائم الحرة، ما زرع بعض المخاوف لدى الأحزاب التقليدية التي ترى في الحضور القوي للمجتمع المدني منافسا قويا لها. ورغم أن الأحزاب السياسية التقليدية مازالت تتمتع بوعاء انتخابي معتبر على مستوى قواعدها، إلا أن تورط بعض مسؤوليها في قضايا فساد وإيداعهم السجن، أثر على شعبيتها، فضلا عن تجربتها غير الموفقة في العهدات النيابية السابقة بسبب معايشتها لثقافة "الشكارة"، ما جعلها تضع اليوم، ألف
حساب لمنافسها الجديد في ظل الاهتمام الذي يوليه، رئيس الجمهورية للمجتمع المدني لدرجة أنه خصص له مرصدا وطنيا، ليكون بمثابة قوة اقتراح ومنصة للتشاور في تحقيق أهداف التنمية الوطنية. ويرى مراقبون أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستفرز تركيبة جديدة للبرلمان، حيث ينتظر أن تستفيد منها أحزاب إسلامية بدأت تلقي بثقلها في العهدة النيابية القادمة، فضلا عن الأحزاب حديثة النشأة والأحرار الذين سترتفع مكانتهم من خلال الاستعانة بوجوه جديدة غير حزبية بالدرجة الأولى، وحتى الذين ينتمون إلى فئات اجتماعية وعمرية ومهنية مختلفة بمن
فيهم المشاركين في الحراك. وإذا كان الرهان القادم للرئيس تبون هو إضفاء النوعية على العمل التشريعي وإعادة هيبة البرلمان حتى يكون بمثابة الأذن الصاغية لانشغالات الشعب، فقد حرص على إدخال معيار الكفاءة والمستوى الجامعي على الأداء النيابي، في سياق إحداث قطيعة مع المراحل السابقة وبناء برلمان قوي يستمد قوته من شرعية الصندوق، بعيدا عن التعيينات أو المحاصصة الحزبية وتحرير مهام النائب وتيسيرها بعيدا عن الرقابة. ويندرج كل ذلك في إطار السعي لإحداث تغييرات في بنية النظام السياسي وآلياته، بما يتماشى مع تحوّلات
المجتمع الجزائري ومطالب التغيير الشعبية التي يجسدها الحراك الشعبي، الذي حرص الرئيس تبون على الاستجابة لمطالبه. كما أن رهان إحداث نقلة نوعية يرتكز أساسا على تغيير التركيبة البشرية والحزبية للبرلمان القادم، من خلال المضي نحو تأسيس جزائر جديدة يتطلع إليها الجميع، ما جعل رئيس الجمهورية يحرص على توفير كافة الظروف اللازمة لإنجاح الموعد الانتخابي في ظل احترام الخيارات السياسية للشعب الجزائري.
قد يهمك ايضاً
المجلس الدستوري الجزائري يؤكد دستورية تمديد آجال إيداع ملفات الترشح و ضمان الشفافية
المجلس الدستوري الجزائري يقضي بشرعية القرار بعد تمديد آجال إيداع ملفات الترشح لتشريعيات 12 جوان
أرسل تعليقك