كشف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس، عن مراسلته الأمين العام للأمم المتحدة ”منذ أيام”، لتشجيعه على ”التعجيل بتعيين مبعوثه الشخصي والشروع في إعادة إطلاق مسار تسوية مسألة الصحراء الغربية”، معربا عن أسفه لسلوك مسار السلام الأممي بشأن مسألة الصحراء الغربية، منذ استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، السيد هورست كوهلر، ”طريقا محفوفا بالعقبات”، مما يحتم إعادة إطلاق مسار التسوية في هذه المنطقة. في حين ذكر باقتراح الجزائر الخاص باحتضان الحوار بين الأشقاء الليبيين، ”وفاء منها لتقاليدها الدبلوماسية.
وأضاف السيد تبون، في كلمته خلال قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا (إثيوبيا)، أن مسألة الصحراء الغربية لم تعرف بعد طريقها إلى التسوية، بالرغم من أن منظمة الأمم المتحدة ”تعكف منذ سنوات طوال، بدعم من منظمتنا القارية على تطبيق مراحل خطة للتسوية المرسومة لقضية الصحراء الغربية المبنية على أساس حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير مصيره”.
ودعا رئيس الجمهورية في هذا الإطار إلى ”بذل جهود صادقة وبنية حسنة في سبيل البحث عن حل لقضية تصفية الاستعمار الوحيدة التي تبقى معلقة في إفريقيا” وهو حل ”يضمن حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير مصيره من خلال تنظيم استفتاء حر ونزيه بما يتماشى وقرارات الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة ذات الصلة”.
وفي هذا السياق، عبر السيد تبون عن تمسكه بـ"صلابة وثبات الموقف الافريقي الداعم للقضية الصحراوية العادلة واستكمال مسار تصفية الاستعمار في افريقيا، بعيدا عن أية مناورات تسويفية وعن سياسة الأمر الواقع”.
ونوه في هذا السياق بـ"الإنجازات الهامة وكذا المساهمة الفعالة للاتحاد الافريقي في فض النزاعات وبناء السلام على المستوى القاري والإقليمي وتشييد منظومة أمن جماعي من خلال وضع الأطر المؤسساتية لآليات السلم والأمن بهدف دفع مسارات التسوية السلمية وإنهاء الأزمات”.
ولدى تطرقه إلى الأزمة الليبية، قال رئيس الجمهورية إن ”الوضع المأساوي الذي يسود في ليبيا الشقيقة التي تتقاسم معها الجزائر حدودا طويلة ومصيرا مشتركا، لا يزال يشكل مصدر قلق بالنسبة إلينا”، مضيفا أن ”الشعب الليبي الشقيق لا يستحق الويلات التي يكابدها اليوم”.
وشدد الرئيس عبد المجيد تبون على أن الجزائر، ”التي تدعو إلى وقف التدخل في ليبيا تدعم بقوة الجهود المستمرة لإنهاء الاقتتال فيها بصفة دائمة وإلى تهيئة الظروف للحوار بين الإخوة الليبيين”، معتبرا أن هذه هي ”الطريقة الوحيدة التي بوسعها إيجاد مخرج للأزمة، حتى لا يصبح هذا البلد الإفريقي ملعبا للمنافسات بين الدول”.
وذكر باقتراح الجزائر الخاص باحتضان الحوار بين الأشقاء الليبيين، ”وفاء منها لتقاليدها الدبلوماسية ووفق ما تم التأكيد عليه في برلين ومؤخرا في برازافيل خلال قمة لجنة الاتحاد الافريقي رفيعة المستوى حول ليبيا،/ تحت الرعاية المميزة لأخي الرئيس دنيس ساسو نغيسو”.
وكان السيد تبون قد جدد في مستهل كلمته أمام نظرائه الأفارقة ”تمسك الجزائر العميق والمستمر بالقيم المثلى للمنظمة القارية وبمبادئها وأهدافها”. وهو التزام يجد أصوله -مثلما قال- ”في مدى تجذر البعد الافريقي للجزائر المنبثق من موقعها الجغرافي والمصقول في تاريخها العتيق”. وأشار في هذا الصدد إلى أن بلادنا ”ستساهم دوما وبلا هوادة في تعزيز الجهود الهادفة إلى تحقيق السلم والأمن في إفريقيا”، معتبرا أن حل الأزمات في القارة ”يجب أن يقوم على الحل السلمي والحوار الشامل والمصالحة الوطنية”.
الجزائر ستساهم دوما في تعزيز جهود السلم في إفريقيا
وقال رئيس الجمهورية إن التجربة ”الناجحة” التي عاشتها الجزائر منذ استقلالها، ”تعزز يقينيا بأن حل الأزمات في قارتنا يجب أن يقوم على الحل السلمي والحوار الشامل والمصالحة الوطنية، دون أي تدخل أجنبي”، مضيفا أنه ”انطلاقا من هذه القناعة الراسخة، ستساهم الجزائر دوما وبلا هوادة في تعزيز الجهود الهادفة إلى تحقيق السلم والآمن في إفريقيا، كما ستواصل دعمها للمبادرات الرامية إلى فض النزاعات والدفاع عن القضايا العادلة للشعوب ،التي تكافح وتناضل من أجل استرجاع حقوقها الأساسية وممارسة حقها في تقرير المصير. ومن أهمها القضية الفلسطينية”.
وأوضح رئيس الجمهورية أن العالم يواجه اليوم ”تحديات غير مسبوقة وكأنه يتناءى عن معالم القانون الدولي والأطر متعددة الأطراف التي أنارت درب المجتمع الدولي ومكنته من الحفاظ على السلم والأمن العالميين”، مشيرا إلى أن القارة الإفريقية ”كثيرا ما تتعرض بسبب حساسيتها لارتداد الصدمات المزعزعة التي تضرب الاستقرار في العالم”.وتطرق في هذا الصدد، إلى الأزمة في الساحل والتي اعتبرها ”مثالا مؤسفا وتعيسا لهذا الواقع”؟، حيث شهد الاستقرار ”الهش أصلا” في دول مثل مالي ”تدهورا مفاجئا في أعقاب الأزمة الليبية، ناهيك عن النيجر التي لم تنج هي الأخرى من الهجمات التي استهدفت جيشها مع تصاعد الهجمات الدموية التي يقترفها الإرهابيون في بوركينا فاسو وبعض المحاولات في البلدان الساحلية”، مؤكدا أن ”عدم الاستقرار اكتسح منطقة الساحل على الرغم من الجهود الشجاعة التي بذلتها البلدان المعنية”. وقال الرئيس إن بلدان المنطقة في حوض بحيرة تشاد ”تجابه بنفس الشجاعة والصمود الأعمال المدمرة لبوكو حرام من خلال القوة المشتركة المتعددة الجنسيات”. وفي هذا الإطار، جدد رئيس الجمهورية التأكيد على ”تضامن الجزائر مع هذه البلدان الشقيقة المتضررة من هذا العنف الهمجي والعبثي”، كما حيا ”جهودهم وتضحياتهم وكذلك الدعم الذي تقدمه الدول الصديقة والشركاء الدوليون الآخرون”.
ورحب أيضا بالمبادرات التي اتخذت مؤخرا لتطوير استراتيجيات مكافحة الإرهاب في الساحل، ”سواء على المستوى العسكري أو على الصعيد السياسي والاقتصادي والدبلوماسي”، في حين أبرز أنه ”على كل هذه الأصعدة لم تتوقف الجزائر أبدا عن تقديم مساهماتها المتعددة الأشكال في الجهود المبذولة لاستتباب الاستقرار المستديم في إفريقيا وبالخصوص في منطقة الساحل والصحراء، سواء على المستوى الثنائي أو عبر آليات مثل لجنة قيادة الأركان العملياتية المشتركة CEMOC أو وحدة دمج
الاتصالات UFL التي أنشئت مع بلدان الجوار أو عبر المركز الافريقي للدراسات حول الإرهاب CAERT”.
وأعلن رئيس الجمهورية أن هذه المساهمة ”سيتم تعزيزها في الأشهر القليلة القادمة، لا سيما من خلال تقييم الآليات المذكورة آنفا، فضلا عن لعب دور أكبر في تنفيذ اتفاق السلم في مالي”، مؤكدا بهذا الخصوص عزمه ”كل العزم على المساهمة في المضي قدما في مسار السلم والمصالحة الوطنية في مالي ورفع العراقيل التي تعيق تنفيذ اتفاق السلم المنبثق عن مسار الجزائر”،
وأبرز الرئيس تبون، أن هذه القمة العادية تنعقد في ”ظرف خاص لقارتنا، تميزه جملة من التحديات المتعددة كالإرهاب والتطرف والمتاجرة بالمخدرات وتعدد بؤر التوتر والأزمات التي زادت حدتها بشكل مفرط”. وهو ما يشكل -كما أضاف- ”عائقا حقيقيا في وجه التنمية والتطور لبلداننا ويقوض جهودنا المشتركة لمحاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وتلبية تطلعات شعوبنا المشروعة للرفاه والازدهار”.
وأوضح أن هذه التحديات تجعل من قمة الاتحاد الإفريقي ”فرصة مواتية لتجديد التزامنا بالعمل سويا على التصدي لها. وبالسعي الدؤوب إلى تحرير إفريقيا من النزاعات والسماح لها بتوجيه جهود وطاقات أبنائها لخدمة التنمية والمضي قدما نحو المزيد من الاندماج”.
واعتبر رئيس الجمهورية، أن الاتحاد الافريقي ”قطع أشواطا حسنة على هذا الدرب”، مضيفا أنه ”ينبغي الاعتراف في الوقت ذاته أن الكثير لا يزال ينتظرنا”، في حين نوه بـ"الاختيار الصائب” لموضوع الدورة ألا وهو ”إسكات البنادق: تهيئة الظروف المواتية لتنمية افريقيا”، وهو الهدف الذي ”سطرناه منذ سبع سنوات في إطار نظرة استراتيجية شاملة تتوافق مع رؤية إفريقيا 2063”.
رئيس الجمهورية يقرر إنشاء وكالة جزائرية للتعاون الدولي
أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، بأديس ابابا (إثيوبيا) عن قرار إنشاء ”وكالة جزائرية للتعاون الدولي لأجل التضامن والتنمية” ذات بعد إفريقي، حتى يتم بث ديناميكية جديدة في التعاون الدولي للجزائر، لاسيما تجاه البلدان الشقيقة في إفريقيا والساحل.
وقال السيد تبون في كلمة له خلال قمة الاتحاد الافريقي إن هذه الارادة السياسية ستترجم إلى تدابير ملموسة وفورية”، مؤكدا أن المهمة الرئيسية لهذه الوكالة هي ”تجسيد رغبتنا في تعزيز الإعانة والمساعدة والتضامن مع دول الجوار على أرض الواقع، لا سيما الدول الشقيقة في الساحل”، في حين أشار إلى أنه ”ستتم تغطية مجمل مجالات التعاون من قبل هذه الوكالة التي ستتمتع بكل الوسائل الضرورية لإنجاز مهامها من خلال تحقيق مشاريع ملموسة ومفيدة”.
في هذا الصدد، شدد رئيس الجمهورية على أنه سيتابع ”شخصيا” برامج هذه الوكالة وسيحرص على ”إسناد الإشراف عليها إلى شخصية مقتدرة، تتمتع بالكفاءة والمهارة اللازمتين لتحقيق طموحنا في التضامن الأخوي”.
وأوضح الرئيس تبون في هذا الإطار، أن ”الجزائر لا يمكنها أن تتجاهل البلدان الشقيقة والمجاورة ولا القارة الإفريقية التي تشكل امتدادا طبيعيا لها”. مستطردا بالقول ”وإن كنا قد فقدنا شيئا من هذا الأمر إلى حد ما في السنوات الأخيرة، حيث كنا منصبين على شأننا الداخلي، فإننا نعتزم اليوم استعادته بسرعة وقوة ضمن الإطار المتجدد للاتحاد الافريقي وعلى صعيد العلاقات الثنائية”.
في سياق متصل، أشاد السيد تبون بـ"الخطوات الهامة” التي حققتها القارة في مسار تحقيق الاندماج الافريقي، لاسيما من خلال ”دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ ومواصلة تجسيد المشاريع الرامية إلى التكامل الاقليمي وتعزيز البنية التحتية المندرجة ضمن مبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية افريقيا”.
وأعرب بهذا الخصوص، عن اعتزاز الجزائر بكونها ”من الدول التي سبق لها وأن صادقت على معاهدة إنشاء منطقة التبادل الحر القارية”، مبرزا أن هذا الأمر ”يؤكد إيمانها الراسخ بمفهوم التكامل القاري الذي تنخرط بحزم في مساره التنموي”. ودعا الرئيس تبون البلدان الإفريقية الى ترجمة ”هذا الالتزام إلى واقع ملموس”، معتبرا ذلك ”مشروعا واسعا ومعقدا سوف يتطلب مشاركة الروح القيادية الافريقية للحفاظ على الزخم الذي تحمله هذه المبادرة العظيمة”.
وشدد في هذا الإطار على استعداد الجزائر ”دوما للإسهام في تعزيز التكامل الاقليمي وتأكيد عزم القارة الافريقية على التكفل بمشاكلها بنفسها وتخطي تهميشها على مستوى العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي من أجل التحكم بمصيرها والإمساك بمسارها التنموي بكل أبعاده”، مشيرا إلى أن ”الأهمية التي توليها الجزائر للمشاريع المهيكلة مثل الطريق العابر للصحراء والربط بالألياف البصرية وأنبوب الغاز الرابط بين الجزائر ونيجيريا، دليل قاطع على رغبتها في تحويل الاندماج الاقليمي إلى واقع”.
قد يهمك ايضا:
تجميد كل التصريحات الضريبية لمحامي البويرة إلى صدور قانون المالية
برنامج عمل مشترك “جزائري تونسي” لمكافحة الإرهاب العابر للحدود
أرسل تعليقك