أجّلت محكمة سودانية، الأربعاء، جلسات محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير إلى منتصف أغسطس/ آب الجاري لأسباب أمنية وإنسانية، بطلب من هيئة الدفاع عنه، ودعا تجمع المهنيين لمسيرة مليونية، الخميس، بالتزامن مع توقعات بانخراط الفرقاء السودانيين في تفاوض مباشر على وثيقة دستورية، تمهّد لتكوين حكومة مدنية، وإعلان الحزب الشيوعي انسحابه من التفاوض والمشاركة في الحكومة الانتقالية.
واستجابت المحكمة لطلب هيئة الدفاع عن البشير الذي يواجه اتهامات فساد وحيازة عملات أجنبية، عُثر عليها في مسكنه الرئاسي قبل الإطاحة بحكمه، بتأجيل بدء محاكمته حتى منتصف الشهر الجاري، استناداً إلى الأوضاع النفسية، وظرفه الإنساني المتمثل في وفاة والدته قبل يومين.
وشوهد أكثر من 10 محامين حضروا إلى المحكمة للترافع عن البشير، من بين عشرات المحامين الذين أعلنوا تكوين هيئة دفاع عنه، برئاسة رئيس البرلمان المنحل أحمد إبراهيم الطاهر. ولم يمْثل البشير أمام المحكمة لأن سلطات السجن لم تنقله إلى المكان، في وقت أعلن فيه أن المحكمة ستكون علنية ويُسمح للجميع بحضورها، وربما تُبث على وسائل الإعلام.
ويواجه البشير اتهامات فساد مالي وغسل أموال والتعامل بالنقد الأجنبي، وتحريز مبالغ ضخمة من العملات الأجنبية في مكان سكنه الرئاسي، إضافة إلى تهمة الثراء الحرام والمشبوه.
ويرى معارضون أن الجرائم الموجهة إلى البشير في القضية المعروضة أمام المحكمة هي «أهون» الاتهامات التي ارتكبها البشير إبان حكمه للسودان بالحديد والنار طوال 30 عاما.
ويواجه البشير تهما أخرى، تتضمن التحريض على قتل المتظاهرين، وتدبير انقلاب عسكري ضد حكومة مدنية منتخبة، وتقويض الدستور، وارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأطيح بالبشير من الحكم في 11 أبريل/ نيسان الماضي بثورة شعبية، وانقلبت عليه «لجنته الأمنية» التي كوّنها لقمع المحتجين، وأنهت حكمه وأودعته السجن منذ ذلك الوقت.
وحذّرت الوساطة الأفريقية من أي تباطؤ أو تلكؤ في عودة قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي للتفاوض، وتسريع إقرار الإعلان الدستوري لمنع البلاد من الانزلاق في الفوضى، ونددت بشدة بقتل تلاميذ في مدينة الأبيض (غرب) الإثنين الماضي، وطالبت بـ«إلحاح شديد، بإيقاف الجناة سريعاً، وتقديمهم للمحاكمة لينالوا العقاب المستحق».
وقال وسيط الاتحاد الأفريقي الموريتاني محمد الحسن ولد لبات، في مؤتمر صحافي في الخرطوم، إن التلكؤ في التوصل إلى اتفاق وتكوين حكومة مدنية يهدد الأمن والاستقرار في البلاد، وأضاف محذراً: «الوساطة لن تقبل أي ذريعة أو محاولة تلكؤ.. وأي تباطؤ قد ينجم عنه ليس الاحتقان فقط، بل قد يلحق أضراراً كبيرة بالبلد والثورة والمنطقة والقارة الأفريقية».
ودعا لبات وشريكه الوسيط الإثيوبي محمود درير، المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى تسريع إكمال توقيع الإعلان الدستوري تحقيقاً للمصلحة الوطنية. كما توقع لبات بأن يعود الطرفان إلى مائدة التفاوض في أقرب وقت بعد إكمال اللجنة القانونية الفنية لمناقشة وثيقة «الإعلان الدستوري»، والمصادقة عليها في أقرب وقت، وأضاف موضحاً: «نعتبر استكمال المصادقة على المرسوم الدستوري أكثر الاستعجالات إلحاحاً، ونهيب بالأطراف والشعب والنخب أن يعوا هذا الاستعجال، وأن يتصرفوا وفقاً له، لأنه يخدم المصالح الوطنية».
وأعلن الحزب الشيوعي السوداني، أحد مكونات تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، انسحابه من التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، وتعهد بالعمل على إسقاطه باعتباره امتداداً لنظام المعزول عمر البشير.
وقال السكرتير العام للحزب محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن أعضاء المجلس العسكري الانتقالي هم اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ، وقد انقلبوا على ثورة الشعب. مضيفاً: «إنهم يمثلون مصالح الرأسمالية الطفيلية التي كانت تحكم البلاد، ويمارسون القمع نفسه لأنهم تربوا على كراهية الشعب السوداني واستباحة دمه».
وتمسك الخطيب بحل جهاز الأمن، وقصر صلاحياته على جمع المعلومات وتحليلها، مع حل الميليشيات كافة، وفق ترتيبات أمنية، بما في ذلك قوات الدعم السريع المنشأة بقانون خاص.
وشدد الخطيب على أهمية تسليم البشير وآخرين للمحكمة الجنائية الدولية لتثبيت مبدأ «عدم الإفلات من العقاب»، وإقامة العدالة ومحاكمة كل «من أضر بالشعب والوطن من رموز النظام والفاسدين»، وذلك لقطع الطريق أمام الثورة المضادة. قاطعاً بعدم مشاركة حزبه في المفاوضات الجارية، وعدم المشاركة في أيٍّ من مستويات السلطة خلال الفترة الانتقالية، كما تعهد بالعمل مع الشارع لـ«تحقيق أطماح الجماهير في التغيير الجذري، وإتاحة الحريات العامة والديمقراطية»، وإسقاط حكم المجلس العسكري الانتقالي.
وأوضح المتحدث باسم الحزب وممثله في فريق التفاوض صديق يوسف، أن حزبه لن يغادر تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، على الرغم من انسحابه ورفضه مواصلة التفاوض.
وأوضح يوسف أنهم متمسكون بالمواثيق الموقّعة بينهم والممثلة في قوى إعلان الحرية والتغيير، وأنهم سيتحولون لحزب معارض حال توقيع اتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي، والتخلي عن تنفيذ بنود «إعلان الحرية والتغيير»، الموقع بينه وبين التحالف الذي يقود الحراك السوداني.
من جهته، انتقد القيادي في الحزب صالح محمود، أداء الوسيط الأفريقي محمد الحسن ولد لبات، وقال إنه خالف المهمة الموكلة إليه من الاتحاد الأفريقي، والممثلة في الإشراف على نقل السلطة للمدنيين، وأصبح وسيطاً بين الطرفين، ودعاه للعودة لممارسة مهمته الأساسية، موضحاً أنهم سيطلبون من مفوضية الاتحاد الأفريقية إبعاده.
ورفض تجمع المهنيين السودانيين تكوين لجنة من قِبل المجلس العسكري الانتقالي، للتحقيق في مقتل التلاميذ في مدينة الأبيض، وطالب حاكم الولاية بالقبض على المجرمين مباشرةً لأنهم معروفون.
وانتقد التجمع الذي يعد من أهم مكونات قوى الحرية والتغيير، ما أطلق عليه «تواطؤ المسؤولين» تجاه حماية الشعب، على الرغم من سلمية ثورته، معتبراً المظاهرات والاحتجاجات والمواكب حقاً دستورياً. كما تعهد التجمع بمواصلة المظاهرات والمواكب والاحتجاجات، وعدم توقفها حتى بعد الدخول في المرحلة الانتقالية، ورفض اتخاذها ذريعة لقتل المدنيين السلميين، محملاً «العسكري» المسؤولية عن سفك الدماء ودعاه للبحث عن طرق لحماية المحتجين بدلاً عن قتلهم.
ودعا التجمع لتسيير مواكب مليونية، الخميس، تحت شعار «القصاص العادل»، وطالب الأجهزة الأمنية والمجلس العسكري الانتقالي بتوفير الحماية لها، مؤكداً حق الطلاب في التظاهر.
قد يهمك أيضًا
تخفيف حكم الإعدام لسودانية قتلت زوجها عمدًا لـ 5 سنوات سجن
وفاة والدة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير
أرسل تعليقك