اتسعت في الفترة الأخيرة حملات تفكيك واعتقال عصابات تنشط في مجال تهريب البشر بالجزائر، تنظم رحلات هجرة غير نظامية نحو الضفة الأخرى من المتوسط، عبر زوارق وقوارب نفاثة بمبالغ مالية تتراوح بين 50 و75 مليون سنتيم للحراق الواحد، وأحيانا يتم فرض مبالغ بالعملة الصعبة تصل حدود 3000 أورو، انطلاقاً من مختلف الشواطئ الجزائرية لاسيما سواحل غرب الوطن منها عين تموشنت، الغزوات، تنس، وهران، مستغانم القريبة من المياه الإسبانية.
قال مصدر أمني لـ”الشروق”، إن المصالح المشتركة وضعت يدها على 27 شخصا بين الفترة الممتدة بين 1 أفريل والخامس ماي الجاري، ينشطون في 4 عصابات منظمة تتولى تهريب “الحرّاقة” على مستوى 3 مدن ساحلية بغرب البلاد، انتهت التحقيقات بإحالة 13 شخصا على محكمة الجنايات لتسبب بعضهم في فقدان مرشحين للهجرة في عرض البحر، وتورط البعض في وفاة قاصر يبلغ من العمر 16 عاما ينحدر من ولاية الشلف كان على متن قارب صيد .
وتفرض المصالح الأمنية في سواحل غرب الوطن، طوقا غير مسبوق على شواطئ وهران وعين تموشنت على وجه الخصوص هذه الأيام، لتواتر الأخبار عن خروج جماعي لقوارب سريعة “فانتوم” في رحلات إبحار سري إلى شبه الجزيرة الإيبيرية مقابل مبالغ تصل 700 ألف دينار جزائري ثمن رحلة الحراق الواحد، وتأتي هذه الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرضها هذه الأيام قوات خفر السواحل ووحدات القوات البحرية بالإضافة إلى عودة فرق الدرك المختصة في مكافحة الهجرة غير النظامية إلى نظام الحواجز الثابتة على طول الشريط الساحلي الغربي، أمام جنوح أصحاب المال والأثرياء إلى جريمة تنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية عبر قوارب “خارقة” مزودة بمحركات قوتها تزيد عن 259 حصانا، وتؤكد المعلومات الواردة إلينا، أن تقارير استعلاماتية تفيد في هذا الشأن أن هناك أرباب مؤسسات وأبناء نواب سابقين ومجوهراتيين ومقاولين انخرطوا في جريمة تنظيم رحلات الموت، التي وجدوا فيها ضالة التكسب غير المشروع والثراء الفاحش .
وحسب ما أورده المصدر، فإن مخطط تضييق الخناق على هذه العصابات جاء ليضع حدا لتزايد حالات ما يسمّى “الحرقة”، أي الانتقال والهجرة نحو الضفة الأوروبية.
ونفذت السلطات الأمنية في وهران عشية عيد الفطر “الثلاثاء الماضي” آخر عملياتها ضد تلك العصابات، واعتقلت 5 أشخاص ينحدرون من ولايات وهران، غليزان، الشلف، أحدهم مقاول، بتهمة تورطهم وارتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في مجال تنظيم الهجرة غير المشروعة كان يديرها البارون الموقوف “ب.ن” في أواخر 2020.
كما نجحت مصالح أمن ولاية الشلف في توقيف ثلاثة أشخاص في ورشة لصناعة الزوارق المطاطية بمدينة المرسى الساحلية، وضبط هواتف محمولة ذكية ومبالغ مالية تشكل عائدات رحلة إبحار سري كانت العصابة بصدد تنظيمها لتهريب 13 شخصا من مختلف بلديات الشلف تم إيقافهم بشاطئ القلتة .
وينظر المحققون في مؤشرات تقارب وتقاطع بين الموقوفين الضالعين في تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية من جهة، وبين أشخاص ينشطون في تجارة التجهيزات والمعدات البحرية من جهة ثانية، وذلك لأغراض إجرامية تتمثل في تنظيم “الحرقة”.
قوارب الشبح ضاعفت عدد “رحلات الموت”
وعزت جهات تشتغل على مكافحة ظاهرة الهجرة غير القانونية، ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى عوامل الجذب في شبكات التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية، وظهور القوارب النفاثة، التي تضمن رحلات سريعة تقل عن 4 ساعات، إلى ألميريا ومورسيا وطريفة الإسبانية.
وأشارت ذات المصادر، إلى أن إسبانيا كونها طرفا في موضوع الهجرة غير الشرعية القادمة من سواحل الجزائر، تشتغل منذ فترة على عقد اجتماعات تنسيق مع السلطات الجزائرية، ما ساهم في “رفع عمليات اعتراض وتوقيف القوارب التي تقل المهاجرين السريين من سواحل غرب الجزائر على وجه التحديد”.
ويرى مراقبون لظاهرة الهجرة غير النظامية، أن بروز ظاهرة القوارب الشبح “السريع” التي انتشرت بقوة في بعض الشواطئ الجزائرية، ضاعف من عدد الرحلات السرية لقوة هذه القوارب في الإبحار في البحار الدولية، إذ تكفي 3 ساعات ونصف لقطع مسافة بحرية بين سواحل عين تموشنت وشواطئ الأندلس الإسباني، الأمر الذي دفع الجهات المختصة إلى مضاعفة الرقابة على الشواطئ لفرملة هذه الحركة المحمومة لعصابات منظمة والتحقيق فيمن يقف وراء هذه القوارب السريعة.
قد يهمك ايضاً
“بقة صالح” المتهم بالتجسس أمام محكمة الجنايات الاستئنافية في العاصمة غدا
تأجيل المحاكمة في فضيحة الطريق السيار للمرة الثانية
أرسل تعليقك