الجزائر - الجزائر اليوم
يشكل التصريح الصادر عن مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالذاكرة الوطنية ورئيس مؤسسة الأرشيف الوطني، عبد المجيد شيخي، بشأن تجريم الاستعمار، طيا نهائيا لهذا الملف الذي كان ولا يزال محل جدل سياسي وإعلامي كبيرين. شيخي قال إن “الشعب كله جرم الاستعمار ولا يحتاج ذلك إلى نص”، وفي رسالة للنواب أوضح أنهم “أحرار في تقديم المشاريع (القانونية) ودراستها ومناقشتها والمصادقة عليها”. والأكثر من ذلك شدد شيخي على أن هذا الملف “ليس من الأولويات بالنسبة لملف الذاكرة الذي أنا مسؤول عنه”.
كلام شيخي واضح ومفاده أن قانون تجريم الاستعمار يدخل في إطار ملف الذاكرة، الذي كلفه به الرئيس عبد المجيد تبون، في سياق مساعي إنهاء حرب الذاكرة مع المستعمرة السابقة، التي كلفت بدورها، المؤرخ بنجامان ستورا للقيام بالمهمة ذاتها من الجانب الفرنسي.
وظل ملف تجريم الاستعمار حاضرا في المشهد منذ ما يناهز العقدين من الزمن، وإن بدأت بصفة غير رسمية من خلال مطالبة جمعية 08 ماي 1945، مع مؤسسها الراحل بشير بومعزة بالتعويض عن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، إلا أنها دخلت الأروقة الرسمية في عام 2005 عبر بوابة المجلس الشعبي الوطني، في محاولة للرد على سن البرلمان الفرنسي قانون 23 فبراير 2005، الممجد للممارسات الاستعمارية في الجزائر وفي غيرها.
وكما هو معلوم، فقد تدخلت رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت، ووبخت رئيس الغرفة السفلى للبرلمان حينها، عمار سعداني، على تدخله في ملف “لا يعنيه”، وفق ما تسرب حينها، معتبرة المسألة تتعلق بالعلاقة مع طرف أجنبي (فرنسا)، في حين أن العلاقات الخارجية هي من صلاحيات رئاسة الجمهورية وليس البرلمان، كما قيل.
وعلى الرغم من الإشارات التي تسربت حينها بأن هذا الملف يتجاوز المؤسسة التشريعية إلى السلطة التنفيذية ممثلة في الرئاسة، إلا أن المبادرات بسن قانون يجرم ممارسات الاستعمار الفرنسي في الجزائر، لم تتوقف، وهنا تجدر الإشارة إلى مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار الذي قدمه النائبان السابقان، مصطفى عبدي عن حزب جبهة التحرير الوطني ومحمد حديبي عن حركة النهضة، وهو المشروع الذي حظي بتوقيع غالبية أعضاء المجلس الشعبي الوطني، ومع ذلك توقف بمجرد وصوله إلى مكتب المجلس في عهد رئيسه الأسبق، عبد العزيز زياري.
ويعتبر مقترح قانون تجريم الاستعمار الذي تقدم به النائبان عبدي وحديبي، الأكثر جدية، ووضع السلطات أنذاك في حرج كبير أمام الرأي العام، ولولا إيفاد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، أمين عام قصر الإيليزي أنذاك، كلود غيان، إلى الجزائر من أجل الضغط، لكان الوضع مغايرا.
وبعد توقفه لنحو عشرية، عاد مشروع تجريم الاستعمار بقوة في أعقاب اندلاع الحراك الشعبي، فقد أودع مشروع قانون جديد لتجريم الاستعمار في جانفي الماضي لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني، ونال الدعم من رئيس المجلس سليمان شنين، بضغط من منظمة المجاهدين، ومباركة من وزير المجاهدين الطيب زيتوني، إلا أنه بقي حبيس الأدراج رغم إلحاح أصحابه.
وبعد تأكيد المستشار برئاسة الجمهورية بأن ملف تجريم الاستعمار يبقى من اختصاصه باعتباره مكلف به من قبل رئيس الجمهورية بالذاكرة. فهل يتوقف النواب مستقبلا عن المطالبة برفع الحظر على المشروع المودع في 2020 أو المبادرة بمشاريع أخرى ذات الصلة؟
قد يهمك ايضا:
مستشار الرئيس الجزائري يستعرض ملفات الذاكرة والتاريخ مع أعضاء "الوطنية للمجاهدين"
عبد المجيد شيخي يؤكّد أنّه لا نقاش بشأن الحركى في ملف الذاكرة مع فرنسا
أرسل تعليقك