تتجه "الجزائر الجديدة" بخطى ثابتة نحو تجسيد الالتزام بمشروع التغيير الجذري والإصلاحات الشاملة، المعتمدة بالدرجة الأولى على المجتمع المدني وفئة الشباب، ولذلك جاءت تعليمات الرئيس عبد المجيد تبون واضحة خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء الأخير، عندما أمر بالإسراع في إنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب من أجل إشراكهما في التسيير وصناعة القرار السياسي، فيما يرتقب أن تكون تشريعات 12 جوان القادم، محطة هامة لتجسيد الانطلاقة الجديدة للجزائر، التي بدأت معالمها تبرز في الإقبال المميز للمجتمع
المدني والشباب على الترشيحات أمام حزمة التسهيلات والمزايا التي منحت لهما لأول مرة، لتمكينهما من الانخراط في مسعى تجديد وتشبيب المؤسسات الدولة.وحملت التوجيهات التي أسداها السيد رئيس الجمهورية إلى أعضاء الحكومة في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حرصه على إنشاء كل من المرصد الوطني للمجتمع المدني، والمجلس الأعلى لشباب، تطبيقا لأحكام الدستور المعدل بموجب استفتاء الفاتح نوفمبر الماضي، واستكمالا للإصلاحات السياسية، حيث أبرز الرئيس الأهمية التي يمثلها المجتمع المدني، إلى حد اعتباره أحد أهم "ركائز
التغيير" والقناة التي تمكن "مختلف القوى الحية "في المجتمع بالانتظام والتعبير عن انشغالاتها واقتراحاتها، ثم تطوير مساهمتها لاحقا في تسيير الشأن العام، داعيا في هذا الإطار إلى التطبيق الفوري للمرسوم الرئاسي الخاص بإنشاء المرصد الذي يؤطره.مرصد المجتمع المدني.. ردّ الاعتبار ويعد المرصد الوطني للمجتمع المدني، حسبما ينص عليه الدستور، هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية، ومن مهامه الأساسية "تقديم آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات المجتمع المدني"، كما يساهم في "ترقيه القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة
ويشارك المؤسسات الأخرى في تحقيق أهداف التنمية الوطنية".صوت المواطن المؤسس للديمقراطية التشاركية ينتظر أن يكون المرصد الوطني للمجتمع المدني، المنتظر تنصيبه قريبا، صرحا لتجسيد الديمقراطية التشاركية، التي تعدّ من أهم أسس تسيير الدولة العصرية، تتم عبر إشراك المواطن في تسيير المرفق العام واختيار البرامج التنموية محلية كانت أو وطنية، والأخذ برأيه عبر ممثليه في الجمعيات العامة التي تعقدها الجهات المكلفة بتنفيذ السياسات والبرامج العمومية.وسيمكن إشراك المجتمع المدني في التسيير وصناعة القرار السياسي من اعتماد
تسيير سلس ومرن للحكم، يجنب الجهاز التنفيذي الصراعات والاحتجاجات التي كانت إحدى مظاهر فترة التسيير الماضية.وتجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أن أبرز الهيئات الدولية الخاصة بمكافحة الفساد في العام، تلجأ في تقييمها لشفافية الحكم بالدول ودرجة مكافحة الفساد، إلى المكانة التي تمنحها الدولة للمجتمع المدني في التسيير، وهو الالتزام الذي تعهدت الجزائر بتجسيده ضمن خريطة الطريق التي تبنتها بعد الثورة الشعبية السلمية لحراك 22 فيفري.وضمن هذا التوجه الجديد، حرص مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالحركة الجمعوية والجالية
الوطنية في المهجر نزيه برمضان في خرجاته الميدانية التي جاب فيها مختلف ربوع الوطن، على تأطير المجتمع المدني وتوجيهه الصحيح والاصغاء الى انشغالاته ومطالبه، حتى يكون قادرا على لعب الدور المناط به مستقبلا.مشروع قانون يمكن الجمعيات من الاستثمار ومن بين أهم التسهيلات التي ستعتمدها الحكومة اتجاه المجتمع المدني مستقبلا، حسب تصريحات سابقة لنزيه برمضان، مشروع قانون الجمعيات الجديد، الذي سيفتح المجال أمامها للاستثمار من أجل تمكينها من تمويل نفسها بنفسها والمساهمة في التنمية الاقتصادية.وحتى وإن كان مفهوم
الاستثمار لا ينطبق والطبيعة الوظيفية للجمعيات، باعتبار أن السبب الأول لنشأتها هو الدفاع عن برامج محددة وفئات معينة، غير أن فكرة "التمويل الذاتي"، ستسمح لها بالتحرر من سلطة المانحين وتوجيهاتهم، وفك قيود الاستغلال الذي كانت تعيشه في الفترة السابقة، إذ أن غالبيتها كانت تستغل كلجان مساندة في مناسبات معينة.المجلس الأعلى لشباب.. مشتلة للتكوين السياسي وفي سياق ضخ دماء جديدة قادرة على قيادة قاطرة التغيير، راهنت القيادة السياسية، وفي مقدمتها رئيس الجمهورية، على عنصر الشباب في تسيير المرحلة القادمة، من خلال التنصيص
على إنشاء المجلس الأعلى لشباب في الدستور الجديد، تكون له صلاحيات واسعة ومهام جديدة، تختلف عن تلك التي كانت في السابق، حيث ظل منذ 2016 "مجمدا" ولم يفعّل يوما..وتعكس فكرة انشاء المجلس الأعلى للشباب، مراعاة الرئيس تبون للأغلبية التي يمثلها هذا العنصر في تركيبة الساكنة، ولذلك فقد أسدى تعليمات تقضي بضرورة الإسراع في اعداد مشروع قانون خاص بالمجلس الاعلى لشباب، لتحديد مهام وتنظيم هذا المجلس بشكل معمق.كما أمر رئيس الجمهورية في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، بوضع كل الآليات الكفيلة بجعل
هذا الصرح بمثابة "فضاء خصب وذي مصداقية لتمثيل الشباب وتعزيز قدراتهم على تولي المسؤوليات العامة وترسيخ الثقافة الديمقراطية"، مبرزا القيمة التي يمثلها المجلس، لدرجة أنه اعتبره بمثابة "برلمان للشباب ومشتلة للتكوين السياسي، خاصة الجامعيين، حتى يتمكنوا لاحقا من المشاركة في صناعة القرارات المصيرية للبلاد". وأعطى رئيس الجمهورية تعليمات من أجل إنضاج آليات ضبط تشكيلة المجلس لتراعي بالدرجة الأولى التكوين الحقيقي للشباب القادر على تسلم المشعل لتسيير البلاد.تسهيلات بالجملة لتمكين الشباب ولوج البرلمان ولإثبات
حسن نواياها إزاء عنصر الشباب وإخراج البرامج السياسية من دائرة الوعود الانتخابية إلى ساحة التطبيق الميداني الفعلي، اتجهت القيادة السياسية في البلاد، إلى تجسيد التغيير مع أول موعد انتخابي يخص تجديد المؤسسات، والمتمثل في تشريعيات 12 جوان القادم، حيث تم تخصيص حصص محترمة ومعتبرة لهذا العنصر في القوائم الانتخابية.واعتمد مجلس الوزراء الأخير بتوجيه خاص من رئيس الجمهورية، حزمة من التسهيلات لفائدة الشباب حتى يتمكن من المشاركة في تشريعيات 12 جوان بكل أريحية، ويخوض المنافسة بدعم من الدولة، لترجمة
المزايا العديدة التي جاء بها مشروع القانون العضوي الخاص بنظام الانتخابات، كالتسهيلات الخاص بالتمويل وتسخير الإمكانيات المادية واللوجستية لتمكين الشباب من الوصول للبرلمان.في هذا السياق، أسدى رئيس الجمهورية توجيهات للحكومة من أجل اتخاذ كل الترتيبات المتعلقة بدعم وتشجيع مشاركة الشباب في هذا الموعد الانتخابي، حيث أمر بمجانية القاعات والملصقات الإشهارية وطبعها لفائدة المترشحين الشباب، مع تكليف مصالح الولاة لاستحداث الآلية المناسبة إداريا". وتترجم تركيبات القوائم الحرة لانتخابات 12 جوان، التطبيق الميداني
لتوجيهات الرئيس في هذا الإطار، حيث راعت في قوائمها مكانة خاصة للشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة، فضلا عن ممثلين عن المجتمع المدني، ما يدل على أن التوجه نحو التغيير وضخ دماء جديدة بالمؤسسات انطلق وستكرس بشكل فعلي مع تشريعات الصائفة القادمة.
قد يهمك ايضاً
حزب صوت الشعب يصرح أن خطاب الرئيس تبون بداية لرسم خريطة الجزائر الجديدة
قوجيل يصرح أن بناء الجزائر الجديدة لا يساعد بعض الأطراف
أرسل تعليقك