الجزائر - الجزائر اليوم
التمس النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر الخميس، أقصى عقوبات في حق المتهمين الـ17 الموقوفين والمتابعين في قضية "تركيب السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية" تصل إلى 20 عامًا مع مصادرة جميع العائدات الناتجة عن الاختلاس المنظم لـ”العصابة”، إذ طالب ممثل الحق العام تسليط عقوبة 20 سنة في حق كل من الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال.
ورافع ممثل الحق العام مطولا باسم الحراك الشعبي الذي طالب بمحاسبة المفسدين وضرب بيد من حديد كل من تسول نفسه نهب أموال وخيرات الجزائر، مع ضرورة استرجاع هيبة بلد المليون ونصف مليون شهيد الذي لطخت سمعته من وراء هؤلاء المسؤولين من فئة الوزراء والإطارات السامية للدولة، الذين قال عنهم “إنهم تفننوا في نهب المال من خلال جعل الوظيفة المسؤولية مصدرا للثراء والثراء الفاحش، راغبين في استمرار الوضع وأبقوا على مريض على أعلى هيئة دستورية”، في إشارة إلى الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، لكن جاء من ينسف طموحات هؤلاء ويفشل مخططاتهم الدنيئة.. إنه “الشعب” الذي يعتبر القوة الدستورية رقم واحد، ونجح بفضل حراكه أن يقلب الموازين لصالحه ويفسد عرس كل الطغاة ويحقق العدل بجر هؤلاء المفسدين إلى زنزانات السجن”.
واعتبر النائب العام على شاكلة وكيل الجمهورية لدى محكمة الدرجة الأولى بسيدي أمحمد أن “المحاكمة تاريخية وفريدة من نوعها”، موجها اتهامات بالأدلة والقرائن لمن كانوا في مناصب عليا في البلاد، استغلوها من اجل تحقيق مصالحهم الخاصة ومصالح جماعتهم وهؤلاء “الذين تحولوا بين عشية وضحاها من تجار إلى صناعيين”، مستغلين ومستفيدين من الامتيازات الجبائية والجمركية من أجل مصانع أو ورشات لـ”نفخ العجلات” كما يسميها الشعب، تحت غطاء استثمار في “تركيب السيارات”، ضاربين بذلك عرض الحائط كل القوانين التي تحكم الجمهورية بطريقة مدمرة للاقصاد الوطني، تسببت في خسائر مرعبة لخزينة الدولة.
وقال ممثل الحق العام “اليوم ونحن أمامكم نعرض قيمة الخسارة بأرقام مذهلة ومخيفة سببت انهيارا كليا للاقتصاد الوطني والإحباط للشعب الجزائري الذي فقد الثقة بينه وبين مؤسسات بلاده”، مؤكدا “أن هؤلاء الوزراء أحاطوا أنفسهم بأصحاب المال وقاموا بطرق احتيالية باستنزاف احتياطي الصرف، وأبقوا بمريض على رأس هيئة دستورية للحفاظ على مصالحهم ومصالح محيطهم”.
وفي أرقام وصفها النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بالمذهلة والمخيفة، خلال مرافعته، إذ قدرت خسائر الخزينة العمومية حسب تحقيقات قام بها المستشار المحقق لدى المحكمة العليا في ملف “تركيب السيارات”، والمتابع فيها الوزيران الأولان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال و4 وزراء سابقين للصناعة والذين أسقط عنهم الامتياز القاضي الذي تضمنته المادة 573، أزيد من 110 مليار دينار، فيما استفاد رجال الأعمال من الإعفاءات التي يمنحها “أوندي” تقدر بـ5 آلاف مليار و912 مليون دينار بجرة قلم فقط.
وأكد ممثل الحق العام أن المتهمين ارتكبوا مجموعة من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد، وتطرق بالتفصيل حالة بحالة إلى المتورطين في قضية الحال والبداية من أحمد أويحيي المتابع في عدة جرائم منها منح عمدا امتيازات غير مبررة للغير في مجال الصفقات العمومية وخرق قواعد الشفافية والمساواة، أولها المراسلات لوزراء الصناعة بتحديد قائمة المتعاملين المرخص لهم بالحصول على اعتمادات لفتح مصانع التركيب منها قائمة 5+5 وحصول بعض المتعاملين على التراخيص دون أن تتوفر فيهم المعايير المطلوبة بدفتر الشروط، من بينهم متهمون في الملف.
واعتبر المتحدث أن احتكار أويحيى لمهام المجلس الوطني للاستثمار خوله “رفض الملفات وقبولها”، وأورد النائب العام، أن الترخيص الذي منحه يوسف يوسفي، لمجمع معزوز سنة 2017 جاء، ستة أيام بعد إمضائه مع الشريك الأجنبي وهذا مخالف للقانون، كما أن أويحيى قام بتمديد آجال استقبال الملفات وأقر بعدم أحقيته، ومنح ترخيصا استثنائيا لمعزوز، مؤكدا أن أويحيى خرق القوانين عمدا مما سمح لمتهمين من رجال أعمال العمل دون شرط شريك أجنبي، كما أعفى مجمع معزوز من الحقوق الجمركية مما ألحق ضررا بالخزينة العمومية بأزيد من 77 مليار دينار.
وثبّت النائب العام، جنحة تعارض المصالح ضد أويحيى، مشيرا إلى أن أولاده يزاولون نشاطا ولم يخبر السلطة الرئيسية المسؤولة عليه بذلك، كما ثبّت له تهمة التصريح الكاذب بأنه لا يمتلك حسابا بنكيا ولا بريديا في حين عثر على حساب في بنك “بي.دي.أل” باسمه وفيه 30 مليار دينار عجز عن تبرير مصدرها، بل أن التحقيقات كشفت عن إيداع أويحيى لأموال كان يتم بمبالغ تتراوح بين 5 ملايين و50 مليون دينار في الحسابين، ومع هذا عجز عن تبرير مصدرها، مما يثبت أنها أموال “رشوة”، أما في ما يخص عبدالمالك سلال الذي وجهت له تهم منح امتيازات غير مبررة للغير، إذ أمر سلال خلال مراسلات لوزير الصناعة عبد السلام بوشوارب بتمرير كل ملفات تركيب السيارات التي وافق عليه، وقال المتحدث: “سلال هو من أعطى صلاحيات كاملة لبوشوارب حتي يصبح فرعون”.
وتابع ممثل الحق العام “سلال اشتغل بدفتر شروط غير قانوني ومنح امتيازات غير مبررة لمتعاملين وأساء استغلال الوظيفة خلال ترأسه مجلس الاستثمار، كما أصدر تعليمة خاصة وجهها إلى والي بومرداس لاقتطاع أراض فلاحية مما ألحق ضررا بأزيد من 24 مليارا و796 مليون سنتيم، وثبتت ضده جنحة تعارض المصالح من خلال إدخال ابنه شريكا في مجمع معزوز وبايري وخرج بـرأسمال قدره 11 مليار دينار، لأنه ابن وزير، مصرحا “أبناء الشعب مطايشين ويحرقوا وابنه يستفيد وينهب مجانا، لأن والده وزير”.
ضف إلى ذلك -يقول ممثل النيابة- فإن ملف تركيب السيارات كان تحت إشرافه مباشرة، كما شارك في التمويل الخفي للأحزاب السياسية، وعين مديرا للحملة الانتخابية للمترشح السابق عبد العزيز بوتفليقة وفتح حسابين بنكيين، الأول لمختلف الايداعات، والثاني مخصص للمساعدة المحتملة من الدولة، وخرق بذلك قانون الانتخاب وعين حداد وهو لا علاقة له بالحملة لإدارة الأموال، وعرفت الحسابات ثلاثة إيداعات من 39 مليار سنتيم من معزوز ومبلغ مليار سنتيم من طرف بلاط و5 ملايير سنتيم من طرف بن حمادي موسى، واعتبرت الأموال مجهولة، اذ فاقت بكثير الأجر القومي السنوي للفرد وخالفت شروط التبرع والهبات.
وواصل النائب العام مرافعته من خلال تطرقه لوزراء تولوا حقيبة وزارة الصناعة وعاثوا فيها فسادا، فمحجوب بدة أصدر 6 مقررات تقنية لصالح معزوز، مستندا على دفتر شروط فاقد للسند القانوني، ولهذا فهو قد منح امتيازات غير مبررة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحق الترشح والمساواة والشفافية ومنح مقررات على أساس دفتر الشروط لا يستند لأي أساس قانوني، كما استفاد عرباوي حسان عن طريق المتهم بدة محجوب من مقررات تقنية وإعادة جدولتها دون رفع التحفظات، حيث تسبب في خسائر فاقت 8 ملايير دينار.
وأضاف النائب العام، أن يوسف يوسفي المتابع بتهم منح امتيازات غير مبررة للغير في مجال الصفقات العمومية، فقد تورط في إقصاء العديد من المتعاملين واعتماد ملف معزوز الذي تقدم به لوزارة الصناعة، حيث منح يوسفي لرجل الأعمال معزوز أجلا استثنائيا قبل الطعن بعد رفض ملفه من طرف اللجنة المكلفة لمطابقة نشاطه، كما أساء يوسفي إلى استغلال وظيفته طبقا لأحكام ومواد قانون مكافحة الفساد ومنح 14 مقررا تقنيا لعرباوي حسان ومنحه تراخيص رغم أن الملفات المقدمة لا تحتوي على أي وثيقة نص عليها القانون أو وجود تقرير خبرة وهو يعلم بذلك، ولم يقم يوسفي باتخاذ إجراءات سحب المزايا من المتعامل عرباوي ومجموع الخسائر التي تسبب فيها كانت 50 مليار دينار أي ما يعادل 5 الاف مليار سنتيم.
في هذا الأثناء يقاطعة القاضي أمامك 5 دقائق فقط السيد النائب العام لتقديم التماساتك.. ويواصل ممثل النيابة باختصار قائلا “نورية زرهوني منحت قطعة أرض فلاحية ذات جودة عالية دون وجه حق”.
قد يهمك ايضا:
مطالبات في الجزائر بمحاكمة الرئيس السابق بوتفليقة في قضايا فساد
آلاف المحتجين الجزائريين يتظاهرون في "خرّاطة" مهد الحراك الشعبي
أرسل تعليقك