تجري ترتيبات المرحلة المقبلة على أكثر من صعيد، منها ما هو ظاهر مثل المشاورات السياسية حول تشكيل الحكومة المقبلة، ومنها ما هو بعيد عن الكاميرات والأنظار، على غرار ذلك الذي يستهدف تشكيل فصول المشهد على مستوى الهيئة التشريعية وبعض المناصب السامية والحساسة في الدولة.
وبينما فتح الرئيس عبد المجيد تبون الباب أمام كل الأحزاب والتشكيلات الممثلة في المجلس الشعبي الوطني الجديد، للمشاركة في المشاورات السياسية حول تشكيل الحكومة المقبلة، تذهب بعض التسريبات الأولية إلى القول بأنه ليس كل من تنقل إلى رئاسة الجمهورية للقاء الرئيس تبون، سيكون ممثلا في الحكومة المقبلة أو مدرجا ضمن قائمة المستفيدين من كعكة المرحلة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الأطراف السياسية المرشحة للمشاركة في الحكومة الجديدة، لا تزيد عن ثلاثة أطراف، وهي تلك التي حققت إنجازات على صعيد التمثيل في الغرفة السفلى للبرلمان خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 جوان الجاري، وهي كل من حزب جبهة التحرير الوطنية (98 مقعدا)، وتكتل المستقلين (الأحرار) (84 مقعدا)، والتجمع الوطني الديمقراطي (57 مقعدا)، في حين استبعدت ذات التحليلات إمكانية مشاركة حركة مجتمع السلم وبدرجة أقل حركة البناء الوطني التي يبقى حضورها واردا.
وإن كان للبعد التمثيلي دور بارز ومحدد في توزيع المسؤوليات في الحكومة وفي بقية مؤسسات الدولة الأخرى على الشركاء السياسيين المتحمسين، إلا أن البعد السياسي والتقارب في التوجهات والاستعداد لتقديم التنازلات وعدم التصلب في المواقف، سيكون له دور لا يقل أهمية أيضا في توزيع المناصب.
وحققت الأطراف السياسية الثلاثة التي سبقت الإشارة إليها، ما لا يقلّ عن 239 مقعدا مجتمعة، وهو رقم يعادل الأغلبية المطلقة من مقاعد الغرفة السفلى للبرلمان البالغ عددها 407 مقاعد، ما يؤهلها وفق الأعراف الديمقراطية، إلى تشكيل الحكومة في شكل تحالف سياسي، على غرار “التحالف الرئاسي” الذي قاد البلاد في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، إلى غاية العام 2012.
ويكون توزيع المقاعد الوزارية، حسب حجم التمثيل، بحيث يتوقع أن يحصد حزب جبهة التحرير الوطني أكثر من غيره، وقد عبر عن هذا الأمين العام للحزب، أبو الفضل بعجي، بعد فراغه من لقاء الرئيس، عندما قال إن الأفلان سيحصد حقائب أكثر من غيره، يليه تكتل الأحرار ثم التجمع الوطني الديمقراطي، وهو المطلب الذي يبقى معقولا إذا احترم المنطق السياسي.
وبالنسبة للنائب السابق والقيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، فإن الحديث عن المشاركة في الحكومة من عدمها سابق لأوانه، وهو مرتبط بما ستتلقاه الحركة من رئاسة الجمهورية من عروض، خلال اللقاء الذي يجمع الرئيس تبون برئيس الحركة عبد الرزاق مقري المقرر اليوم، وكذا ما سيقرره مجلس الشورى المرتقب التئامه نهاية الأسبوع وفق ما هو مسطر، كما قال.
توزيع المكاسب السياسية على الفائزين في الاستحقاق السابق، سوف يتعدى الجهاز التنفيذي إلى الهيئة التشريعية التي لا تقل أهمية عن الحكومة من حيث الامتيازات، ويتعلق الأمر هنا بمنصب رئيس الغرفة السفلى بالثقل الذي يتمتع به في المعادلة السياسية، الأمر الذي يتطلب ترتيبات سياسية عليا، كما جرت العادة.
وفي هذا الصدد، تدور في كواليس السباق أسماء مختلفة كرئيس محتملة للغرفة السفلى، وهو الخيار الذي يبقى رهينة توافقات سياسية، أو إشارة من قمة الهرم تنساق وراءها الأغلبية السياسية التي تشكل الحكومة، غير أن هذا الخيار يبقى رهينة حسابات سياسية وجغرافية (التوزيع الجهوي) معقدة، مرتبطة بتوزيع المناصب السامية في الدولة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ما لم تبرز أسماء أخرى تقلب المعادلة استنادا إلى طبيعة السياسة التي تبقى رمالها متحركة دوما وإلى آخر لحظة.
قد يهمك ايضاً
رئيس الجمهورية الجزائري يعلق على "عهدة ثانية" والتعامل مع الإسلاميين والتطبيع مع إسرائيل
زعيم "البوليساريو" على جهاز الأوكسجين خلال زيارة تبون له في الجزائر
أرسل تعليقك