الجزائر - الجزائر اليوم
التدهور الكبير الذي شهده مستوى الكرة الجزائرية، وتجلى في الإقصاء الجماعي والمهين للفرق الجزائرية من المنافسات الإفريقية، لا يتحمله اللاعبون والطواقم الفنية ورؤساء الأندية والمنظومة الرياضية فقط، بل حتى الجمهور مشارك في الفضيحة وبقوة، بالرغم من أن الجمهور الجزائري صار يتابع وباستمرار مباريات أجنبية ودوريات أوربية تقدم الجماهير في شكل راق وحضاري من إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا والخليج العربي، حيث ينشط الكثير من نجوم الكرة الجزائرية، وأحيانا كرمز يجعل من المباريات الكبيرة أشبه بالأعراس أو اللقاءات العائلية، بينما المباريات عندنا صارت ممنوعة على العائلات وعلى صغار السن وبعضها خطير جدا يمنع الفريق الزائر من اصطحاب جمهوره خوفا من الشجارات الدامية والقاتلة كما هو الشأن في مباريات العميدين شباب قسنطينة ومولودية العاصمة.
في مباراة كأس إنجلترا التي استقبل فيها فريق الدرجة الثانية في الضاحية اللندنية برينتفورد الذي يلعب له الموهبة الجزائرية سعيد بن رحمة، فريق ليستر سيتي في مواجهة قوية جدا وقمة في الإثارة، حدثت لقطة حضارية من المستحيل مشاهدة مثيل لها في الملاعب الجزائرية، المباراة شهدت غياب الجزائري بن رحمة الذي فقد والده فجأة، وسافر إلى الغرب الجزائري، لأجل المشاركة في تشييع جنازته، ومعروف عن سعيد بن رحمة وهو مغترب ولكنه من مواليد عين تموشنت، ارتباطه بوالده، شهدت الدقيقة العاشرة من المقابلة، ورقم عشرة يعني قميص النجم الجزائري، وقوف الأنصار ومعهم الطاقم الفني والمسيرون وراحوا يصفقون في جو من التأثر لتعزية اللاعب الجزائري في وفاة أبيه، وكان الأنصار هم من بحثوا عن طريقة لتعزية لاعبهم في موت أبيه، وقاموا بتلك اللقطة، ليقولوا لسعيد بن رحمة بأنهم معه، وقد شارك في اللقطة الحضارية أنصار ليستر سيتي، الذين تواجدوا في ملعب برينتفورد الذي كان مليئا بأكثر من 25 ألف مناصر من الفريقين.
وفي مباراة الكأس الإنجليزية أيضا التي استقبل فيها مانشستر سيتي فريق هال سيتي، وأصيب فيها محرز في نهاية الشوط الأول قبل أن يغادر في الدقيقة 54، وقف أنصار مانشستر سيتي وغالبيتهم من العائلات من أطفال ونساء ورجال مثل رجل واحد، وأتحفوا محرز بعاصفة من التصفيق نظير كفاحه فوق الميدان والمخاطرة بقدميه من أجل فوز فريقه، وغيرها من الصور الحضارية التي يقدمها الجمهور الإنجليزي في كل المباريات، وهو الجمهور الذي ينتمي إلى البلد الذي انطلقت منه لعبة كرة القدم بقوانينها الحالية، وأيضا البلد الذي عانى من مرض العنف والهوليغينز قبل منتصف ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن ينتقل إلى تحويل مباريات الكرة إلى مواعيد عائلية لا تختلف عن المسارح الراقية التي تقدم السنفونيات والعروض الفنية الرقية.
وفي الجزائر مازال الدوري الجزائري ومختلف المباريات على نفس المنوال، لا يتوقف فيها المناصرون عن سبّ الجميع وحتى لاعبي فريقهم لا ينجون من السبّ، وفي مباراة الكأس التي خسرتها مولودية العاصمة أمام وداد بوفاريك بركلات الترجيح، لم يتوقف الجمهور المحلي عن سب والدة حارس المولودية فريد شعال كلما حاول إرجاع الكرة من منطقة المرمى إلى جو الميدان، وتقوم جماهير كل الفرق من دون استثناء بهذا السلوك العدواني، وهناك حراس مرمى يعيشون حزنا دائما بسبب يُتمهم من جهة الأم، ومع ذلك لا يرحمهم الجمهور ويسب أمهاتهم المتوفيات طوال المباراة بكلام سوقي، ومن غير المعقول أن يجد سعيد بن رحمة المغترب الجزائري دعما من الجمهور الإنجليزي في وفاة والده، ويسبّ الجمهور الجزائري أمهات حراس المرمى “الأحياء منهن والأموات”.
والنتيجة هو الجو اللارياضي الذي صارت تلعب فيه مباريات الكرة في الجزائر، والجميع يعلم ولكن لا يتحرك، بأن تعاطي المهلوسات في المدرجات عندنا صار عادة وتقليدا حيث تباع المئات من زجاجات مشروب غازي معروف، يثير متعاطي المهلوسات فوق المدرجات ويدخل نصف وربما غالبية الأنصار في فقدان الوعي طوال المباراة، ويصبح قيامهم بأي عمل إجرامي خطير واردا وفي أي لحظة، وهو ما أوصل الملاعب الجزائرية لأن تكون الوحيدة في العالم التي قتل فيها لاعب كرة أجنبي هو الكامروني إيبوسي في المباراة الشهيرة التي جرت بين الاتحاد العاصمي وشبيبة القبائل في ملعب 1 نوفمبر بتيزي وزو.
الكرة الجزائرية متدهورة ليس مقارنة مع الأوروبية فقط بل حتى مع الجيران والسبب يتحمله المسؤولون واللاعبون والمدربون وأيضا الجماهير.
:قد يهمك ايضــــاً
صلاح يثير الجدل بتغريدة غامضة عن اتحاد كرة القدم
تركي آل الشيخ يداعب زيدان بـ"النطحة الشهيرة"
أرسل تعليقك