دعا رئيس الجمعية الوطنية للمصدّرين الجزائريين "أنيكسال" علي باي ناصري، أمس الأربعاء، الوزير المنتدب للتجارة الخارجية إلى وضع إستراتيجية وطنية لدعم التصدير حيز التنفيذ في أقرب الآجال، معتبرًا الإستراتيجية التي ساهمت الجمعية في إعدادها على مدار ثلاث سنوات عملا شاملا حدد كل الأمور ذات العلاقة بترقية الصادرات خارج المحروقات، والتي قال إنها لا تتجاوز فعليا 645 مليون دولار سنويا، منها 300 مليون دولار صادرات السكر لمجمع سفيتال.
واقترح المتحدث أن تتم الحمائية الحقيقية على ضوء معايير النوعية وليس على إجراءات المنع أو رفع الرسوم الجمركية، لا سيما بعد أن انضمت الجزائر إلى منطقتي التجارة الحرة على المستويين العربي والإفريقي، وقرب الشروع في العمل ضمن المنطقة الحرة مع الاتحاد الأوروبي وفقا لمتطلبات اتفاق الشراكة بين الطرفين، فبعد منطقة التبادل الحر العربية التي انضمت إليها لجزائر في 2008، سيشهد عام 2020 دخول منطقة التبادل الحر الإفريقية حيز التنفيذ بداية من شهر يوليو، كما سيعرف شهر سبتمبر المقبل، بداية العمل ضمن منطقة التبادل الحر مع أوروبا، وذلك بإلغاء كل الرسوم الجمركية على المنتجات المصنعة باستثناء المواد الفلاحية والطبيعية.
هذا الوضع شّكل مصدر قلق بالنسبة لضيف منتدى يومية "المجاهد" الذي أكد أن الاقتصاد الجزائري لم يحضر نفسه بطريقة جيدة لمواجهة كل هذه المنافسة، وأن "تنافسيته تبقى محدودة"، مشيرا إلى أن ما تم خلال السنة الماضية، من إجراءات في مجال التجارة الخارجية تم بطريقة قال إنها "فوضوية" وهو ما لم يساهم في تطوير الاقتصاد الجزائري.
فالجزائر اليوم تعيش لأول مرة في تاريخها ـ يضيف المتدخل ـ عجزا في ميزان المدفوعات لمدة خمس سنوات متتالية، وهو نفس الأمر بالنسبة للميزان التجاري وميزان الخدمات. كما أن الصادرات الفعلية خارج المحروقات تحسب في حدود 600 مليون دولار سنويا، وهو رقم ضئيل جدا في نظره، ما يوحي بأن "التصدير لم يكن يوما أولوية حقيقية لدى السلطات".
وبخصوص تعيين وزير منتدب للتجارة الخارجية ثمّن المتحدث هذه الخطوة، مشيرا إلى أن ذلك "كان أملنا" من باب أن "الجزائر لم تكن تتحكم فعليا في تجارتها الخارجية لا من حيث الاستيراد ولا من حيث التصدير"، وهو التحدي الذي تواجهه هذه الوزارة الجديدة التي سيكون أمامها مهمة تطوير الصادرات، واتخاذ موقف بشأن الاتفاقيات التجارية التي تم توقيعها.
وتأسف باي ناصري، لكون الانضمام إلى مناطق التبادل الحر والمصادقة على مختلف الاتفاقيات التجارية للجزائر تم "بقرارات سياسية"، والأدهى أن ذلك تم "بدون إجراء أي دراسات حول أثر هذه الاتفاقيات على الاقتصاد الوطني". ما أدى مثلا إلى خسارة حوالي 2.5 مليار دولار سنويا من الرسوم الجمركية دون مقابل يذكر بسبب اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
ولذا قال ناصري، إن من أهم الأدوار التي تنتظر الوزارة المنتدبة للتجارة الخارجية هو "التكفل بجوانب هذا الانفتاح والنظر في آثاره على الاقتصاد الوطني، من خلال إجراء دراسات جدوى"، مشيرا إلى أن ذلك أمر لا يمكن تحقيقه دون امتلاك "الصلاحيات" والاستعانة بـًاالكفاءات" على مستوى الوزارة الجديدة، التي عليها فتح باب التشاور مع المؤسسات والفاعلين الاقتصاديين. مؤكدا في هذا الصدد أنه "لا يمكن أن نصادق على اتفاقيات تبادل حر ثم نقوم بمنع دخول منتجات من بلدان لأسباب حمائية... فإما أن نفتح المجال التجاري وإما أن نغلقه".
ومن أهم المشاكل التي تطرق إليها رئيس جمعية المصدرين، خلال الندوة نظام الصرف الذي قال أن من الضروري عصرنته، لأنه أصبح عائقا حقيقيا ليس فقط أمام القدرات التصديرية للبلاد لا سيما في مجال الخدمات، ولكن كذلك بالنسبة للمستثمرين الراغبين في العمل خارج البلاد، وهو الإشكال الذي يطرح في كل مناسبة عند الحديث عن التصدير.
وبخصوص الصادرات من المواد الفلاحية أشار المتحدث، إلى أن العمليات التي تحدث حاليا ـ رغم أهميتها ـ لا ترقى إلى المستوى المطلوب الذي يمكن المنتوج الوطني من التموقع في الأسواق الخارجية، معبّرا عن اقتناعه بأن السوق الحقيقية التي يجب التركيز عليها هي السوق الأوروبية، مشيرا إلى وجود 5 ملايين جزائري بفرنسا وحدها، وهو ما يمثل فرصة هامة لتصدير المنتجات الفلاحية. لكن ذلك يتطلب وجود "مؤسسات كبيرة" مدعمة بإمكانيات لوجستية ضخمة، مقترحا في هذا الشأن تخصيص 500 ألف هكتار لزرع المنتجات الموجهة للتصدير والعمل بها في إطار شراكة مع أجانب للاستفادة من خبراتهم وشبكاتهم التجارية.
فالأمر ـ يقول السيد ناصري ـ يتطلب توفر كميات كبيرة من المنتجات الفلاحية بصفة منتظمة ودائمة وبنفس النوعية، مع احترام آجال التسليم، وهذا لا يمكن حاليا تحقيقه ببلادنا حاليا، مشيرا إلى أن ما يتم من عمليات تصدير لمواد الفلاحية يقوم به "مصدرون صغار"، داعيا إلى تحديد "رؤية" خاصة بتصدير المنتجات الفلاحية، خاصة وأن الجزائر لها من الإمكانيات ما يجعلها بلدا مصدرا كبيرا في هذا المجال، مستدلا بتجارب شخصية بينت الاهتمام الكبير للأجانب بمنتجاتنا الفلاحية.
وللوصول إلى حل مجمل المشاكل التي يعاني منها التصدير دعا علي باي ناصري، إلى "تطهير المنظومة التشريعية" والتخلص مما وصفه بـًامقابر القوانين"، في إشارة إلى القوانين الكثيرة دون تطبيق، كما طالب بوضع أسس لدبلوماسية اقتصادية تعمل على ترقية الصادرات الجزائرية.
:قد يهمك ايضــــاً
العجز في الميزان التجاري للجزائر يتجاوز 7 مليار دولار
عجز في الميزان التجاري للجزائر مع الدول العربية الكبرى
أرسل تعليقك