أصبحت العلاقات الاقتصادية بين السعودية وروسيا على عتبة مرحلة جديدة من النمو والتطوير، يأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه إبرام حزمة من الصفقات الاستثمارية الجديدة بين البلدين، وهي الاتفاقيات التي من المتوقع أن تنعكس إيجابًا على حجم التبادل التجاري، وزيادة فرص تنويع مصادر الدخل.
وبلغ حجم الصادرات الروسية إلى الأسواق السعودية خلال عام 2016 نحو 350 مليون دولار، بينما بلغ حجم الصادرات السعودية إلى روسيا خلال العام ذاته نحو 150 مليون دولار، بينما من المتوقع أن تشهد هذه الأرقام زخمًا إيجابيًا للغاية خلال الفترة المقبلة.
وتبلور عن أعمال "حوار الرؤساء التنفيذيين السعودي الروسي"، المنعقد في العاصمة الروسية موسكو، بالتزامن مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى روسيا الاتحادية، ترجمة حقيقية لتعزيز حجم الاستثمارات والشراكة بين البلدين، حيث منحت هيئة الاستثمار السعودية الشركات الروسية 4 تراخيص للاستثمار المباشر في البلاد، منها تراخيص مخصصة للاستثمار في الجانب الصناعي، وأخرى في قطاع الخدمات.
وأسهمتا السعودية وروسيا اللتان تعدان عملاقي الطاقة في العالم أجمع، من خلال رؤية مشتركة في إعادة التوازن للأسواق النفطية، جاء ذلك حينما قررا خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل، بعد أن نجحت السعودية في توحيد صف منتجي النفط من داخل وخارج "أوبك".
ولم يغفل الجانبان أهمية الاستثمار في التكنولوجيا، حيث تمثل المنصة المشتركة للاستثمار في التكنولوجيا واجهة جديدة تم تخصيصها للاستثمار في المستقبل، بينما من المتوقع أن تتزايد حجم فرص الاستثمار في التقنية والتكنولوجيا خلال الفترة المقبلة، خصوصًا أن رؤية السعودية 2030 فتحت مزيدًا من آفاق الاستثمار، ورفعت وتيرة تنويع الاقتصاد.
وكان وزير التجارة والاستثمار، الدكتور ماجد القصبي، رئيس الجانب السعودي في اللجنة المشتركة، قد ألقى كلمة أكد فيها أن الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين سيكون لها الأثر الكبير في إحداث نقلة نوعية في العلاقات السعودية الروسية.
وأوضح القصبي أن الجانب السعودي يعمل بدعم وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وضمن "رؤية المملكة 2030" مع الجانب الروسي لنقل العلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة، والاستفادة من مقومات البلدين في فتح آفاق وأسواق جديدة، واستثمارات نوعية في الطاقة، والتقنية، والصناعات العسكرية، والبنية التحتية، كما ستشمل مجالات التعاون، النفط، والبتروكيماويات، والغاز، والمعادن، والمجال الزراعي.
وأكد الوزير القصبي أن هذا التعاون البنّاء سيسهم في إيجاد فرص وظيفية وتعزيز المحتوى المحلي، وزيادة صادرات المملكة واستقطاب استثمارات نوعية، مشيرًا إلى أن جميع الجهات ذات العلاقة ستعمل على متابعة نتائج هذه الزيارة التي وقعت فيها 20 اتفاقية بين القطاعات الحكومية والخاصة، التي ستكون انطلاقة لأعمال اللجنة السعودية الروسية والتي ستنعقد بعد نحو أسبوعين في مدينة الرياض.
وكان رئيس مجلس أعمال الغرف السعودية، المهندس أحمد الراجحي، قد أعرب في وقت سابق عن أمله في أن يخرج حوار الرؤساء التنفيذيين بدعم كبير للتعاون التجاري بين المملكة وروسيا، والاستفادة من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في البلدين، وتحويل أنشطة الشركات إلى شراكات فاعلة تدعم التوجه القائم بين قيادتي البلدين في الدفع بالعلاقات إلى مستويات أكبر في مختلف المجالات.
وقال الراجحي: "إن تكثيف اللقاءات بين البلدين بات أمراً ملحاً لتحريك وتنشيط العلاقات التجارية والاستثمارية بين المملكة وروسيا، وإيجاد علاقات مثمرة متوازنة تتيح حرية التجارة بين الجانبين، وتساعد في الوقت ذاته في دخول المنتجات السعودية الروسية لأسواق البلدين، وتفتح الطريق نحو علاقات تواكب المكانة الاقتصادية والسياسية التاريخية التي تجمع المملكة وروسيا".
وأهاب الراجحي بمجلس الأعمال السعودي الروسي المشترك، أن يقوم بدوره في متابعة ووضع آليات التنفيذ لنتائج الحوارات البينية التي جمعت رجال الأعمال في المملكة وروسيا، وتفعيل الاتفاقيات التي وقعت بين البلدين في مجالات عدة تخدم التعاون الاقتصادي وتعزز من مستوى الشراكة التجارية، وتزيل أي معوقات قد تواجه رجال الأعمال في البلدين في استثمار أموالهم بشكل مطمئن، مع دعم الثقة بين التجار والمستثمرين وإيجاد آليات مناسبة لتبادل فرص التعاون الاستثماري.
وحث الراجحي رجال الأعمال في كلا البلدين على إقامة مشاريع صناعية مشتركة بغرض التصدير، وإيجاد آلية مفعلة للتبادل التجاري بين المملكة وروسيا من خلال مجالات عدة مثل: المعارض، والتدريب، واللقاءات، مع تسوية الاختلافات التي قد تطرأ على بعض أمور التجارة والاستثمار بين أصحاب الأعمال، من أجل حلها وتسهيل إجرائها بشكل يعود بالمنفعة لصالح البلدين الصديقين.
أرسل تعليقك