الرئيس الأميركي باراك أوباما
واشنطن ـ رولا عيسى
أثنى على موافقة الكونغرس بمجلسيه على مشروع القانون الذي يرمي إلى تفادي ما يسمى بالهاوية المالية التي كانت تنتظر أميركا، فقد صوت الكونغرس لصالح التسوية التي عرضها البيت الأبيض التي تقضى بفرض مزيد من الضرائب على الأثرياء دون الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة
. ورحب أوباما، في بيان له أمام الصحافيين في البيت الأبيض بالقرار، باعتباره يفي بما تعهد به في حملته الانتخابية، قائلا إن وعده الرئيس الذي تعهد به خلال حملة انتخابات الرئاسة كان يتمثل في تغيير مجموعة قوانين الضرائب التي كان يشوبها تشوهات تميل لصالح الأغنياء على حساب اصحاب الطبقة المتوسطة والعاملة في أميركا، مؤكدا أن هذا الوعد قد تحقق في تلك الليلة.
وكان الرئيس الأميركي، الذي قطع إجازته مع عائلته في هاواي وعاد إلى واشنطن من أجل إيجاد حل للأزمة، قد غادر بعد ذلك عائدا إلى هونولولو، وقبل أن يغادر كان قد أطلق تحذيرا قال فيه أن سأم من تلك الصدامات والمواجهات المتكررة التي شهدها الكونغرس وأنه سوف يضطر إلى البحث عن وسائل بديلة تمكنه من مواصلة أهدافه في الإدارة الأميركية.
يذكر أن الجمهوريين يستعدون في الوقت الراهن للدخول في مواجهات جديدة مع مطلع الشهر المقبل، بخصوص مسألة الحد من الإنفاق ورفع سقف الديون.
ودعا أوباما الكونغرس إلى استبدال تلك المواجهات بمزيد من التسويات والاتفاقات المشتركة التي تحظى بقبول الحزبين معا في العديد من القضايا والأمور مثل مسألة خفض النفقات، وقال إنه يأمل مع مطلع هذا العام أن يركز الجميع بخصوص إمكانية التوصل إلى تسويات وصفقات مشتركة مثل هذه بقليل من الاستعراض والدراما وبعيدا عن تحقيق مكاسب سياسية على حساب المصلحة العامة ودون إزعاج لجموع الشعب الأميركي.
وكانت دراما أزمة "الهاوية المالية" قد شهدت نهايتها عندما قامت كتلة من الجمهوريين في مجلس النواب الذي يعارض بشدة القانون الأخير بالانضمام على مضض إلى النواب الديموقراطيين لإقرار القانون معدل 257 صوتا مقابل 167 صوتا.
وترى الأوساط السياسية في الولايات المتحدة، أن هذه الخطوة تكشف مدى الانقسام الأيديولوجي الذي يعيشه الجمهوريين في الوقت الراهن، حيث شارك 85 صوتا في تأييد القانون مقابل 151 صوتا كان غير قادر على ابتلاع الصفقة، كما كشف إقرار هذا القانون عن مدى تلاحم الديموقراطيين حيث لم يرفضه سوى 16 صوتا من الديموقراطيين.
وصوّت مجلس النواب على القانون بعد إقراره في مجلس الشيوخ في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء.
ويصف المراقبون هذا القانون بأنه تسوية مضطربة وقصيرة المدى، ولولا إقرار هذا القانون لكان دافع الضرائب الأميركي مضطرا إلى تحمل أعباء ضريبية مرتفعة اعتبارا من أول كانون الثاني/ يناير، وبموجب هذا القانون الجديد فقد انحصرت الزيادة الضريبية على الأثرياء الذين يشكلون نسبة 2 في المئة فقط من جموع الشعب الأميركي، كما أن هذا القانون يمنع من الخفض التلقائي في البرامج الفيدرالية بداية من الدفاع وحتى الرعاية الاجتماعية التي كان من المنتظر أن تبدأ من أول يوم هذا العام، وقد تأجلت عملية الخفض بموجب هذا القانون لمدة شهرين.
وأعرب أوباما في بيانه عن شكره لكل من ساهم في الكونغرس من جمهوريين وديموقراطيين في هذا التصويت، قائلا إنه سوف يقوم بالتوقيع على قانون برفع الضرائب على أثرياء أميركا والحيلولة دون تطبيقها على دخل أفراد الطبقة الوسطى لأن ذلك كان يمكن أن يعود بالاقتصاد الأميركي إلى حالة من الركود.
ووصف المراقبون ما تحقق في الكونغرس بأنه لا يزيد عن كونه انتصار جزئي لأوباما لأنه سبق وأن وعد بفرض الضرائب الجديدة على من يزيد دخله عن 250 ألف دولار ولكنه وافق تحت ضغط الجموريين على فرضها على من يزيد دخله عن 450 ألف دولار الأمر الذي أثار فزع الجناح اليساري في أوساط الديموقراطيين، وكان الجمهوريون يرغبون في رفع ذلك السقف بحيث تفرض الزيادة الضريبية على من يزيد دخله عن مليون دولار سنويا.
وكان البيت الأبيض حذر من أن الفشل في التوصل إلى تسوية قبل بداية العام الجديد يمكن أن يلحق أضرارا بالغة بأسواق المال ويهدد بدفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود، وكان أوباما في ظل نشوة انتخابه رئيسا للمرة الثانية، يأمل في ترويض النواب الجمهوريين داخل مجلس النواب.
وعلى الرغم من انتصاره المحدود في هذه الصفقة إلا انه لايزال بعيدا عن تحقيق ذلك الهدف، لاسيما وأن أعضاء مجلس النواب الجمهوريين يعدون العدة لسلسلة من الاعتراضات والمواجهات الجديدة بداية من الشهر القادم المقبل مسائل الحد من النفقات ورفع سقف الديون.
وقد لوح بذلك ميتش ماكونيل الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ بعد دقائق من التصويت، وكذلك فعل رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بوهنير عندما قال أن التركيز الآن سوف ينصب على مسألة الإنفاق، وقال أيضا إن الشعب الأميركي قد اختار الأغلبية الجمهورية داخل مجلس النواب وأنهم بصدد الاستفادة من ذلك في محاسبة الرئيس خلال عام 2013.
لكن أوباما يطالب بالتوقف عن مثل هذه المواجهات، وقال إنه في حالة إذا ما أثار الكونغرس خلافا حول مسألة رفع سقف الديون فعليه أن يتحمل مسؤولية النتائح الكارثية المترتبة على ذلك.
يذكر أن أزمة الهاوية المالية كان قد بدأ النقاش حولها في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر بين رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بويهنر والرئيس أوباما، ثم بين رئيس مجلس الشيوخ الديموقراطي هاري ريد ونظيره الجمهوري ماكونيل، ولكن كل هذه المفاوضات بات بالفشل ولم تحسم الأزمة في النهاية إلا بصفقة خلال الأسبوع الماضي بين ماكونيل ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن.
أرسل تعليقك