صورة لعملات اجنبية و عراقية
صورة لعملات اجنبية و عراقية
بغداد ـ نجلاء الطائي
تنشط في محافظة الأنبار العديد من عصابات النصب والاحتيال مستغلةً التخلخل الأمني والبطالة التي يعاني منها الآلاف من خريجي المعاهد والكليات الذين يلجئون إلى بعض متعقبي المعاملات لغرض تعيينهم في دوائر الدولة مقابل مبالغ مالية باهظة وفي النهاية يتبين دجل هؤلاء النصابين ما سبب وقوع العشرات من الشباب
العاطلين عن العمل ضحية لعمليات النصب والاحتيال المنتشرة بكثرة حالياً في المحافظة.
عامر محمد 36 عاما خريج معهد إعداد المعلمين عاطل عن العمل يخرج كل صباح إلى" مسطر العمّالة" ليحصل على بعض قوت يومه في أعمال البناء كالعشرات من زملائه لم يترك باباً لدائرة أو مؤسسة حكومية إلا وطرقه آملاً في الحصول على وظيفة لعله يبني شيئاً من مستقبله الذي حطمته البطالة لكنه بعد محاولاته الدؤوبة بحث عمن يوفر له فرصة عمل أو وظيفة بإحدى الدوائر فتعرف على أحدهم ووعده بتعيينه مقابل بضع مئات من الدولارات كما يروي لنا حتى وقع ضحية لعمليات النصب والاحتيال وخسر مبلغاً مالياً باهظا مقابل تعيينه في إحدى دوائر الدولة وأكتشف أنها عملية احتيال وقع فيها كحال الكثيرين.
وقال عامر في معرض حديثه لـ "العرب اليوم " إن " سبب لجوئي إلى مثل هؤلاء الأشخاص محاولاتي المستمرة للحصول على وظيفة أكسب منها رزقي ورزق عائلتي فبعد تخرجي من المعهد لم أتمكن من الحصول على وظيفة ولجأت إلى مؤسسات الدولة كلها ولم أفلح فالدرجات الوظيفية تذهب إلى بعض الأشخاص بعينهم ليوزعوها على معارفهم وأقاربهم ولم يبقَ أمامي سوى اللّجوء إلى بعض الأشخاص ممن يدعون إمكان توفير وظيفة في إحدى الدوائر وفعلاً اتفقت مع أحد الأشخاص العاملين في هذا المجال بعد تعرفي عليه عن طريق أحد معارفي واتفقنا على مبلغ من المال وصل بعد مناقشات طويلة إلى 3000 دولار أميركي لقاء تعييني في سلك التعليم".
وتابع "ودفعت المبلغ لهذا الشخص ومعاملة التعيين وبعد أسابيع قليلة اكتشفت أنه محتال حيث أخذ مبلغ مالي من أحد الأصدقاء مقابل تعيينه وتبين أن الأمر الوزاري للتعين مزور فذهبت إلى أحد مراكز الشرطة في منطقته ورفعت شكوى ضده لكن للأسف تبين لي أن بعض ضباط الشرطة يتعاونون معه فأخبروه بأن لعبته انكشفت وعليه الهرب وفعلاً هرب إلى إحدى المحافظات وهناك ألقي القبض عليه من قبل الجهات الأمنية بعد تقديم أحد ضحاياه شكوى ضده هناك والآن هو في السجن لكن المشكلة أن عمليات النصب والاحتيال لا تجد رادعاً قانونياً حقيقياً لمن يمارسها فبعد زج أحدهم في السجن تطلب الجهات القانونية من الضحية تقديم صكوك أو كمبيالات أو شهود ضد المتهم وحتى بعد تقديمها تجده بعد فترة وبعد تدخل أهله أو شيخ عشيرته يخرج من السجن ليعود إلى ممارسة النصب والاحتيال من جديد على أناس آخرين ".
وميض عادل خريج كلية التربية وهو أحد ضحايا عمليات النصب والاحتيال أوضح أن "ما يدفعنا كشباب عاطلين عن العمل إلى مثل هؤلاء هو البطالة التي نعاني منها فبعد سنين متعبة وقاسية من الدراسة تبدأ رحلة الألف ميل معنا في البحث عن وظيفة أو حتى فرصة عمل ولو بعقد عمل بسيط في إحدى الدوائر والمؤسسات الحكومية في حلم التعيين الذي صار حكراً على أصحاب القرابة من بعض السياسيين فلم نجد أمامنا سوى البحث عن أية طريقة للحصول على وظيفة لكننا لم نكن نعرف في البداية عن عصابات النصب والاحتيال، بخاصةً وأن مثل هؤلاء النصابين يستخدمون طرقاً مختلفة لإغراء الشباب الباحثين عن وظيفة من خلال خبراتهم المتراكمة في تعقُب المعاملات في دوائر الدولة ويساعدهم في ذلك أشخاص آخرون يشتركون معهم في الاحتيال على الناس فهم يطلبون مبالغ باهظة بالدولار مقابل أمر وزاري بالتعيين ".
ويضيف وميض " حالنا أصبح كحال الغارق الذي يحاول التمسك بأي قشة لينجو من الغرق فنحن في حالٍ يرثى لها من البطالة فاضطررنا إلى البحث عن مثل هذه الوسائل للحصول على الوظيفة في هذه الدائرة أو تلك لكننا وقعنا ضحيةً للنصب والاحتيال وخسرنا أموالنا وجهدنا معاً ".
وأوضح أن "محاولات عديدة قمت بها مع آلاف من أمثالي من الخريجين العاطلين عن العمل للحصول على وظيفة لكنني كل مرة أجابه بالفشل فلم أترك دائرة أو مؤسسة حكومية إلا وقدمت إليها طلباً للتعيين وأفاجأ كل مرة بآلاف من العاطلين يقدمون طلباتهم فتتناقص فرص الأمل أمامي نتيجة قلة الدرجات الوظيفية التي تخصص للمحافظة كل عام من جانب والتلاعب بهذه الدرجات من قِبل جهات معينة من جانبٍ آخر وفي ضوء هذه الظروف برز العديد من الأشخاص يدعون إمكان توفير درجات وظيفية في وزارات الدولة المختلفة مقابل مبالغ مالية كبيرة فالبعض ممن لجئوا إلى مثل هؤلاء نجحوا بالحصول على وظيفة وهم قلة لكنني كنت مع العشرات من زملائي من ضحايا النصب والاحتيال وبعد أن قدمتُ شكوى قانونية ضد الشخص الذي وعدني بالتعيين في إحدى الوزارات اكتشفتُ أنه يعمل مع أشخاص آخرين ويكون هو المسؤول عن إيصال المبالغ التي يتقاضاها مني ومن غيري إلى العصابة وفي حال اكتشاف أمرهم واعتقال أحدهم من قبل أجهزة الشرطة تبدأ المساومات والاتصالات بنا للتنازل عن حقنا القانوني مقابل وعود بإعادة ما دفعناه من أموال وما لاحظته أن مثل هؤلاء النصابين لديهم خبرة في معاملات الدوائر الحكومية ووزارات الدولة ما يغري الضحية بشكل أكبر بتصديقهم.
ومن جانب آخر "الفساد الإداري المنتشر في دوائر الدولة سبَّبَ أن تكون ظاهرة تعاطي المبالغ المالية مقابل إنجاز معاملة أو وعود بالتعيين أشبه بالأمر المعتاد والقابل للتصديق من قبل الآخرين كل ذلك استغله المحتالون لكسب المال بهذه الطرق غير القانونية وغير الشرعية ولا بد من ردعهم وملاحقتهم بشكل قانوني لمنع تنامي هذه الظاهرة بشكل قد يهدد أمن المجتمع ".
ويرى أسامة محمد خريج كلية العلوم وعاطل عن العمل " أن ظاهرة النصب والاحتيال بدأت تنشط بشكل واضح وكبير في السنوات الأخيرة نتيجة الفساد الإداري والمالي الذي تشهده الدوائر الحكومية وعدم ردع عصابات النصب والاحتيال بشكل يجعلهم عبرة لغيرهم واليوم نجد حديث أغلب العاطلين من خريجي المعاهد والكليات عن أشخاص يتقاضون مبالغ مالية مقابل تعيينهم في مؤسسات الدولة فلم يعد الأمر خافياً وقد وقع الكثيرون ضحيةً لعمليات النصب والاحتيال نتيجة عدم وجود متابعة من الجهات المختصة للمحتالين فهم يتجولون ويمارسون عمليات النصب ليس فقط على مستوى التعيينات والوظائف بل حتى في تجارة السيارات مثلاً والأغنام ".
وأضطر موظف سابق في إحدى الشركات النفطية يدعى علاء الياسين لترك وظيفته خلال فترات العنف والتدهور الأمني، وقال لـ "العرب اليوم "أنا " لم أدخر جهداً في محاولة العودة إلى وظيفتي السابقة لكنني كل مرة أقدم فيها طلب لإعادتي للعمل أواجه بالرفض من قبل إدارة الدائرة التي كنت أعمل فيها رغم عودة الكثيرين ممن تركوا العمل للظروف نفسها التي مررتُ بها لكنهم عادوا إما بدفع مبالغ مالية لأشخاص نافذين أو لجئوا إلى أحد معارفهم من السياسيين فلم يكن أمامي أي خيار آخر سوى البحث عن وسيلة جديدة للعودة إلى عملي فعرّفني أحدهم على شخص يدعي أن له علاقات حميمة مع بعض رجال الدولة واتصل أمامي بأحد معارفه وحصل منه على وعد بإعادتي إلى وظيفتي مقابل مبلغ 2500 دولار ودفعت المبلغ لكن تبين فيما بعد أنه أحد العشرات من النصابين والمحتالين وما دفعني إلى الّلجوء إلى مثل هؤلاء تجارب مر بها آخرون عادوا إلى وظائفهم مقابل مبالغ مالية لكني كل مرة اسأل فيها أحد الذين تمت إعادتهم إلى وظائفهم بهذه الطريقة أجده يتهرب من إرشادي إلى الشخص أو الجهة التي قامت بإعادته إلى الوظيفة وكأن هؤلاء عصابات أو مافيات تعمل في الخفاء ولديها نفوذ هنا وهناك ربما في مؤسسات ودوائر مختلفة وتستغل هذه العصابات غفلة الكثير من الخريجين العاطلين عن العمل".
فيما أعلن مصدر إعلامي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية السبت ، أن هناك أكثر من 550 ألف عاطل عن العمل من فئة الشباب في عموم البلاد .
وقال المصدر لـ"العرب اليوم " ،"إن نسبة العاطلين عن العمل في العراق بلغ 11%وهذه نسبة مطابقة لما جاءت بها وزارة التخطيط "، مؤكدا "عدم تعاون الوزارات مع وزارة العمل لإيجاد حل لمشكلة البطالة "، لافتا إلى أن معظم الوزارات تعتمد مبدأ المحاصصة في التعينات، ولا يتم التعين وفقا للمؤهل العلمي ".
وأعلن المصدر "الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ، أن "هناك مشاريع للقروض الصغيرة بحدود (5-20 )مليون دينار ،يتم تسديدها خلال خمس سنوات من دون فوائد مصرفية "، مضيفا ،أن "فرز الأسماء سيكون في الأول من شهر آب / أغسطس المقبل 2013 ".
أرسل تعليقك