الأقصر ـ سعيد فرماوي
تعدّ الأقصر محافظة مصرية تقع في إقليم جنوب الصعيد وتتوزع مراكزها ومدنها على ضفتي نهر النيل وعاصمتها هي مدينة الأقصر التي كانت قديمًا تمثل مدينة طيبة عاصمة مصر خلال حقب فرعونية عدّة، وتمتلك المحافظة مجموعة نادرة من الأماكن الأثرية التي لا يزال الكثير منها محتفظا بحالته ومن أشهرها: معبد الأقصر، معابد الكرنك، مقابر وادي الملوك، وادي الملكات، المعابد الجنائزية، معبد إسنا وغيرها، بجانب القطع الأثرية الفريدة التي يعرضها متحف الأقصر، ظلت عاصمة المحافظة طيبة عاصمة لمصر حتى بداية الأسرة السادسة الفرعونية، حين انتقلت العاصمة إلى منف في الشمال.
ويحب السياح زيارة هذه المحافظة لرؤية إبداعات الفراعنة، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للبريطانيين، حيث اشتهرت أغاثا كريستي، الكاتبة الإنجليزية، بكتابة روايات الجرائم، وبالتالي إذا أخبرت أحد البريطانيين أنك أبحرت في نهر النيل في مصر بالتحديد الأقصر وأسوان، سيأتي في مخيلته أحد جرائم القتل من قصة كريستي "Death on the Nile"، والتي أرتُكبت على ضفاف النهر، كما أنه ليس بالكتاب الجيد عن مصر.
رحلة النيل تبدأ بالأهرامات وتنتهي بأسوان:
وحين ترسو المركب في مدينة دارو، الواقعة في الشمال مباشرة من سد أسوان، وترى الأبقار، ولكن بداية من شمال مصر، يجب زيارة أهرامات الجيزة الواقعة تحت أشعة الشمس الحارقة، والرمال الصفراء، والتي تبدو متبلرة ومتصلبة أمام كل شيء. وتعد الفترة الفاصلة بين بناء الهرم الأكبر، وعهد كليوبترا، أطول من فترة انتهاء عهد الملكة المصرية وحتى يومنا هذا، وكانت الأهرامات نقطة جذب قديمة عندما وصل الرومان إلى مصر، فربما ذهبت كليوبترا والقيصر في جولة في بارجة مفتوحة وسط الأهرامات.
وسقطت مصر من على الخريطة السياحية البريطانية، وكان ذلك مفهوما بفعل الأوضاع السياسية في مصر، وقد تم منع الرحلات إلى مدينة شرم الشيخ، بعد إسقاط الطائرة الروسية في سيناء 2015، والآن تنصح وزارة الخارجية البريطانية زيارة نهر النيل وما حوله، والآن تعود السياحة ببطء إلى مصر، خاصة مع تعويم الجنيه المصري والذي سمح للسياح بالسفر إليها بأسعار معقولة جدا. وحين تصل إلى مدينة الأقصر بالقطار بعد زيارة الأهرامات، من الأفضل تناول الإفطار على ضفاف نهر النيل، ووكذلك إذهب إلى فندق "المديرة" حيث غرف النوم الواسعة ذات السقف المرتفع.
رحلة بحرية تستمر 4 ليالي:
واتجه المصريون القدماء إلى بناء المعابد في الجنوب وكذلك النصب التذكارية، والمقابر الخاصة بالملوك، ففي الأقصر ستجد معبد الكرنك ومعبد الملكة حتشبسوت، والكثير من التاريخ المصري القديم المنقوش على جدران المعابد، وبعد زيارة هذه الأماكن الأثرية، يمكن أن تبدأ الرحلة البحرية التي تستمر لأربع ليالي، وتبدأ من منطقة إسنا، حيث ينفتح النهر بعد سلسلة طويلة من الأقفال، ويتوجه جنوبا إلى أسوان عند السد العالي وسد أسوان، ويترأس هذه الرحلة البريطانية جين أيرفينغ، والتي تعيش في مصر منذ 13 عاما مع زوجها المصري.
حيوانات رموز اللغة الهيروغليفية ما تزال موجودة:
ويوجد نوعان من الرحلات البحرية في نهر النيل، النوع العادي، حيث الإبحار إلى أسفل النهر ومن ثم استئجار المقصورة، ويوجد في مركب "دهبية" 12 غرفة نوم بها حمام داخلي، وعلى متنها يمكنك احتساء الشاي ذو المذاق الرائع، وتجربة أطباق الشيف محمود، مثل العجة والفطائر والخبز الطازج، والبابا غنوش وسلطات الفتوش والأسماك المشوية والغولاش، والدجاج.
وعند الوصول إلى جنوب سد أسوان، ستقابل الماشية والحمير الموجودة عند المياه، وهناك أيضا سباحي النهر والذين يفضلون سباحة الأنهار بدلا من البحار، ويمكن اصطياد الأسماك من نهر النيل، وكذلك مشاهدة الطيور التي اعتاد قدماء المصريون نقشها على جدران المعابد مثل البط وأبو منجل، والصقور والنسور والبوم، وكانت بمثابة رموز الكتابة الهيروغليفية، وسمحت هذه اللغة للملك بالسيطرة على السكان والحفاظ على سلطته.
أرسل تعليقك