تونس: حياة الغانمي
شهدت تونس من 1 يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران، دخول ما يزيد عن مليونين ونصف سائح، أي بزيادة تقدر بـ29 في المائة مقارنة بالسنة الفارطة. منهم766 ألف جزائري و517 ليبي، مما يعني أن عدد الأوروبيين والسياح التقليديين والمستهدفين من السياحة التونسية لا يتجاوز 600 ألف.
ومن بين أسباب تراجع السياح الأوروبيين هو اعتبار تونس إلى حد الآن ضمن الدول "الخطرة" وفق تصنيفات أغلب الدول الأوروبية. " أما عن أسباب الصعوبات فتتمثل أساسًا في تراجع الخدمات على مستوى الفندقة والمطاعم والاستقبال والصيانة مما يمثل خطرًا متزايدًا على القطاع لأن سائحًا غاضبًا يغادر البلاد يؤثر بشكل مباشر على 13 سائحًا مفترضًا. هذا بالإضافة إلى قضية الجودة وطرق التعامل والمحيط البيئي للجهات السياحية والضجيج الذي صار عائقًا أمام استجلاب نوعية جيدة من السياح.
ويمكن لإقبال السياح الجزائريين توفير ثلاثين بالمائة من حاجة تونس للعملة الصعبة. ولو أقبل كل سائح جزائري على تحويل 200 يورو فقط بصيغ شفافة ومنظمة لبلغ ذلك حدود 3 آلاف مليار في الخزينة التونسية، وهو مايعادل عشر ميزانية البلاد، فماذا لو أمكن استثمار كل المداخيل بشكل منظم وشفاف؟
ويطالب أهل القطاع بثورة سياحية حقيقية. حيث أصبح التأهيل اليوم ضروريًا في مستوى جودة الخدمات والتصرف في الكفاءات والإقبال بإرادة جادة وحينية على الإصلاح. ففي الديوان الوطني للسياحة ثمة أكثر من 1400 بين عمال وإطارات وموظفين، ولابد لهذا الديوان أن يقوم بدوره الحقيقي والناجع. كما لابد من إعادة الهيكلة داخل وزارة الإشراف وإحكام التصرف في الاختصاصات. لا بد أيضا من إيلاء التكوين الأهمية اللازمة لتجاوز عوائق التصرف التقليدي الذي لازم السياحة اكثر من ثلاثين سنة. وهذا التجاوز ممكن لكنه مرتبط بارادة ومعرفة وخاصة معالجة شجاعة تتجاوز منطق العاطفة والتسيير اليومي لصالح استراتيجية واضحة تواجه المصاعب الحقيقية بشجاعة وترسم اهدافا فيها العاجل والأجل، وهو أمر متاح بالنظر لتوفر الكفاءات الوطنية المختصة وتوفر مخزون سياحي وطني متنوع يمثل رصيدًا مهمًا لتطور القطاع ولتنمية الثروة الوطنية ومخزون البلاد من العملة الصعبة والحلول الاقتصادية والاجتماعية.
وتتربع تونس، منذ سنوات على العرش الذهبي كأحسن وأجمل قبلة سياحية تستهوي الجزائريين لقضاء عطلتهم الصيفية، دون سواها من البلدان المعروف عنها جمالها الطبيعي وشواطئها الخلابة وحسن استقبالها وغناها بالبنى التحتية المساعدة على قضاء أوقات جميلة يتذكرها السائح ولا يستطيع إلا أن يعود إليها مرة أخرى كلما سنحت له الفرصة لذلك. ورغم بروز بعض الوجهات السياحية الجديدة في الآونة الأخيرة والتي لفتت انتباه السائح الجزائري، كتركيا التي استقطبت السنة المنصرمة آلاف العائلات الجزائرية، إلا أنها ما فتئت تتدحرج من سلم اهتماماته شيئا فشيئا، خاصة بعد الأحداث الأمنية التي عصفت بها أخيرًا بعد الانقلاب الفاشل على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هذه الدولة التي استطاعت في فترة وجيزة ان تؤثث لصناعة سياحية رائدة لم تتمكن من التغلب على تونس، لعدة اعتبارات أهمها القرب الجغرافي والخدمات...
أرسل تعليقك