باريس-الجزائر اليوم
يبدو أن الكثير من الفرنسيين غير مستعدين للمصالحة التاريخية مع الجزائر، والتي دعا إليها رئيسهم، إيمانويل ماكرون، والدليل الهجمة التي تعرض لها وزير داخليتهم، جيرالد دارمانان مباشرة بعد عودته إلى بلاده، بسبب وضعه باقة ورد كرم بها أرواح الشهداء من ضحايا جيش الاحتلال، بمقام الشهيد بالعاصمة.زيارة دارمانان، الذي يقول إن أصوله جزائرية، أحيت نار العداوة التي تكنها بعض الأوساط الفرنسية، تجاه من قام بالثورة ضد فرنسا، ووصلت العداوة حد وصف المجاهدين بأنهم “قتلة ومجرمون”، وهو التوصيف الذي صدر عن تييري مارياني، النائب في البرلمان الأوروبي، عن “حزب التجمع الوطني”، ذي الخلفية اليمينية.وعلى الرغم من أن ما قام به وزير الداخلي الفرنسي بمقام الشهيد، إجراء بروتوكولي يعمل به عند زيارة أي مسؤول أجنبي إلى الجزائر، وعلى الرغم من أن المسؤول ذاته قام بتكريم من حارب من أجل فرنسا بمقبرة سانت أوجان غرب العاصمة وفق بيان للسفارة الفرنسية، إلا أن ذلك لم يشفع لهذا الوزير عند بعض المسؤولين في بلاده.
مارياني الذي شغل منصبا في حكومة الرئيس الأسبق، نيكولا ساركوزي، وبعد أن نشر فيديو لوزير الداخلية الفرنسي وهو يضع باقة ورد بمقام الشهيد، ثم أتبعها بتغريدة جاء فيها: “يا لها من إهانة للحركى والأقدام السوداء، عندما يشاهد جيرالد دارمانان وهو يكرم مجرمي جبهة التحرير الوطني”.وأضاف في التغريدة: “يا لها من إهانة للجيش وقدامى المحاربين عندنا”، قبل أن يتساءل: “متى سيتوقف أصدقاء ماكرون عن خيانة واحتقار تاريخنا؟”.
بدورها فاليري بوايي، النائب عن “حزب الجمهوريين”، لم تفوت الفرصة وصبت جام غضبها على وزير داخلية بلادها، والسبب ذاته، وهو تكريم من طردوا جيش الاحتلال الفرنسي وجلبوا الاستقلال للجزائر، حيث وصفت ما قام به دارمانان بأنه “خيانة”.بوايي نشرت فيديو وزير الداخلية الفرنسي وأتبعتها بتغريدة كتبت فيها: “أشعر بالاشمئزاز مرة أخرى من هذه الإهانة التي تعرضت لها الحكومة الفرنسية في الجزائر. أنا أفكر في الحركى المعذبين، والأقدم السوداء المحطمين، أفكر في جنودنا الذين ضحوا من أجل الأرض الفرنسية، وأطالب باحترام ذاكرتهم في النهاية. يجب وقف هذه الخيانة”.
من بين الذين هاجموا دارمانان، يوجد أحد أشهر الصحافيين في فرنسا، وهو روبير مينار، المعروف بجذوره الجزائرية وبتوجهاته اليمينية المتطرفة. وعلى غرار من سبقه، قام مينار بوضع فيديو دارمانون في مقام الشهيد، ثم أتبعه بتغريدة نارية، قال فيها: “لا يليق بوزير فرنسي فعل مثل ذلك”. ومضى مغردا: “جنودنا الذين سقطوا في الجزائر، الحركى المعذبون، عائلات الأقدام السوداء الذين تحطمت حياتهم إلى الأبد … ألا يعني ذلك شيئًا بالنسبة له؟”.
بهذه التغريدات الغاضبة استقبل صنف من السياسيين في فرنسا عودة وزير داخليتهم من زيارته الرسمية على الجزائر. تغريدات لا يمكن وصفها إلا بأنها محقونة بشحنة كبيرة من الحقد الأعمى، بسبب فعل بروتوكولي، معهود في كل بلدان العالم. إنها إشارة لا يمكن التشكيك فيها، بأنها دليل على أن المجتمع السياسي في فرنسا، لا يزال يعاني من عقد التاريخ، وهذا المعطى قد يحول دون تحقيق ماكرون لأهدافه مع الجزائر.
قد يهمك
وقوف جيرالد دارمانان بمقام الشهيد يثير غضب اليمين المتطرف بفرنسا
ماكرون يصرح بأنه يتفهم مشاعر المسلمين ولا يتبنى الرسوم المسيئة
أرسل تعليقك