إسطنبول - جلال فواز
استأنفت المحكمة الجنائية العليا في إسطنبول، محاكمة مجموعة من الصحافيين والكتاب والمسؤولين الإداريين في صحيفة "جمهوريت" المعارضة بتهمة ممارسة "أنشطة متطرّفة"، التي كانت قد بدأت منتصف يونيو/حزيران الماضي وتشمل 17 من الصحافيين والمسؤولين في الصحيفة، عندما وجّه إليهم الادعاء العام تُهم دعم والترويج لمنظمة متطرّفة دون أن يكونوا أعضاء فيها، لتضاف هذه المحاكمة إلى كثير من القضايا التي تثير القلق بشأن حرية الصحافة والتعبير التي تواجه الحكومة التركية بسببها انتقادات داخلية وخارجية واسعة، وتعد هذه المحاكمة الأولى لصحافيين تمّ توقيفهم بموجب حالة الطوارئ التي فرضتها السلطات بعد الانقلاب الفاشل، واتُهم الصحافيون الخاضعون للمحاكمة بأنهم أيدوا من خلال كتاباتهم أو تغريداتهم وتدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي 3 مجموعات تعدها أنقرة "متطرّفة"، هي حزب العمال الكردستاني، وجبهة تحرير الشعب اليسارية المحظورة، وحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن.
وتنفي صحيفة "جمهوريت"، المعروفة بانتقاداتها للرئيس رجب طيب إردوغان وحكومة العدالة والتنمية الاتهامات الموجهة إلى صحافييها، معتبرة أنها "عبثية" وتؤكد أنّ الهدف من المحاكمة هو إسكات إحدى آخر الصحف المستقلة في تركيا.
وتجمّع مئات من نواب حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي المعارضين والناشطين الحقوقيين والمواطنين من قراء الصحيفة، التي تعد أحد الأصوات القليلة المعارضة في تركيا، أمام القصر العدلي، يوم أمس الإثنين، في منطقة تشاغليان في إسطنبول أمام مقر الصحيفة نفسها في حي بيشكتاش للاحتجاج على محاكمة الصحافيين والمسؤولين فيها، مرددين هتاف "الصحافة ليست جريمة"، وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "العدالة والحرية لكل الصحافيين"، و"لستم وحدكم، لسنا وحدنا".
يذكر أنّ من بين المتهمين الموقوفين الصحافي الاستقصائي المعروف أحمد شيك، الذي مضى على اعتقاله 360 يومًا، وهو مؤلف كتاب "جيش الإمام" الذي صدر عام 2011، وكشف فيه عن علاقات النخبة التركية بحركة غولن التي تقول أنقرة إنها تغلغلت في المؤسسات الحكومية، بينما تم اعتقال مالك الصحيفة أكين أتلاي ورئيس تحريرها مراد صابونجو، منذ 421 يوما، في حين أمضى المحاسب أمره إيبر 263 يوما في السجن، إضافة إلى بعض الأسماء المعروفة في الأوساط الإعلامية والسياسية والشعبية في تركيا التي تخضع للمحاكمة، الكاتب قدري غورسال ورئيس التحرير مراد صابونجو، ورسام الكاريكاتير موسى كارت والكاتب الصحافي الاستقصائي أحمد شيك، ويطالب الادعاء بعقوبات تتراوح بين السجن 7 أعوام ونصف و43 عامًا للعاملين في صحيفة "جمهوريت"، بينهم بعض من أشهر الصحافيين في تركيا اتهموا باستهداف الرئيس رجب طيب إردوغان "بوسائل حرب غير متكافئة".
وقرّرت المحكمة في 26 سبتمبر/أيلول، قررت إطلاق سراح الكاتب الصحافي قدري غورسيل بعد أن أمضى 11 شهرًا رهن الحبس الاحتياطي على ذمة القضية، كما أفرجت في 28 يوليو/تموز، عن 7 صحافيين ومديرين تنفيذيين يعملون في الصحيفة شرط عدم مغادرة البلاد، هم، موسى كارت وبولنت أوتكو وتوران غوناي وأوندر تشيليك وكمال غونغور وهاكان كاراسينير وغوراي أوز، ويحاكم غيابيًا رئيس تحرير الصحيفة السابق جان دوندار الذي فرّ إلى ألمانيا، وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام وعشرة أشهر على خلفية تقرير في الصفحة الأولى للصحيفة اتهم فيه الحكومة التركية بإرسال أسلحة إلى سورية في القضية المعروفة باسم "شاحنات المخابرات"، التي حكم فيها بالسجن المؤبد في 14 يونيو/جزيران الماضي على نائب حزب الشعب الجمهوري أنيس بربراوغلو بتهمة إفشاء أسرار الدولة بغرض التجسس السياسي أو العسكري بعد أن سلّم الصحيفة نفسها مقاطع فيديو تظهر عمليات نقل أسلحة إلى تنظيم داعش في سورية.
يشار إلى أنّه يوجد أكثر من 170 صحافيًا تركيًا خلف القضبان، ألقي القبض على معظمهم بعد محاولة الانقلاب الفاشلة واتهموا بدعم التطرّف، فيما تحتل تركيا المرتبة 155 في قائمة تضم 180 بلدًا في تصنيف حرية الصحافة أعدتها منظمة "مراسلون بلا حدود".
أرسل تعليقك