بيروت ـ غنوة دريان
يعاني الكثيرون من الانفعال والذي يجعل ساعاتهم أو ربما أيامهم صعبة ومؤرقة، فمن منا لم يشعر بحالة ارتباك وذهول لسماع أخبار سيئة مثل وفاة عزيز أو صديق، مما لاشك فيه إن حياة أي منا نحن البشر تقوم على العلاقة الحميمة بين النفس أولا وما ترتبط بها من انفعالات لا حصر لها، منها الشخصية وأنماطها ومتغيرات انفعالاتها، الجسد وانعكاساته، الدوافع وتشعباتها، الانفعالات وامتداداتها، اللغة وقوة إدراكها أو ضعفها، وقدرتنا على المواجهة والتفاعل والتعامل مع المواقف الحياتية المتنوعة.
وتعتبر النفس العامل الأساسي وراء التحكم في انفعالتنا، فالانفعال استجابة شاملة للكائن الحي إزاء مواقف بيئية مثيرة تدعو لتفاعل الكائن معها، وقد يكون هذا التفاعل مضرا ومدمرا يأخذ صورة الهرب أو القتال أو الخوف في حالة الغضب، أو قد لا يكون كذلك ويكون نقمة على صاحبه في حال كبته لهذه الانفعالات.
ويختلف الإنسان عن غيره من الكائنات في التعبير عن انفعالاته، لكونه يستجيب للمواقف المثيرة بمجرد الانفعال، ولكنه يدخل عنصر التفكير وتقييم الموقف والواقع الفعلي وما سينتج عنه، وهذه الأبعاد تلعب الدور الأهم والمؤثر في الاستجابة الانفعالية المباشرة للمواقف، بقصد الحفاظ على أمن وسلامة النفس في الموقف الراهن وفي الآمد الطويل، رغم أننا نتفاوت فيما بيننا في قوة التحمل ونوع الاستجابة وإدراك الموقف الكلي أو الجزئي، وما سيؤول إليه الآمر، ولكن سؤالنا ما هو الفاصل الزمني في استلام الانفعال وتأثير الاستجابة؟.
ولذا فالانفعال يعد مؤشرا للخطر ويتخذ أي عضو في الجسم كوسيلة للتعبير. فإن التحول من المرح والسعادة إلى الغضب أو الحزن أو الخوف، أو التحول من المزاج الجيد إلى المزاج السيئ يمكن أن يحدث بسرعة ولكن العكس صعب الحدوث، فمن الصعب أن تحول شخص من المزاج السيئ إلى المزاج الجيد بسهولة، مثال على ذلك لو فقدت شخص عززي عليك فلن يمكنك مهما حاول كل من حولك في تحويل حالتك الزاجية من الحزن والضيق لفقدان هذا الشيء إلى حالة الفرح، ولكن نستطيع جعل إنسان في قمة السعادة يتحول إلى الغضب أو الخوف أو الحزن بوضعه في ما يوجب ذلك.
أحاسيس الانفعالات لا تحدث بسهولة، فيجب حدوث الانفعال المطلوب أولاً لكي يحدث الإحساس المصاحب للانفعال، ولإحداث الانفعال يجب التحضير والتمهيد له جسمياً ونفسياً وعصبياً. ويقول علماء النفس إن التحكم الزائد في الانفعالات وكبت الغضب وعدم التعبير اللفظي والحركي عن الصراعات الداخلية يؤدي إلى جهد على الجهاز العصبي مما يؤثر على إفراز بعض الهرمونات مثل الادرنالين والرينين والتي تؤدي بدورها إلى ازدياد ضغط الدم وتظهر الأعراض واضحة جدا لدى ذوي الشخصيات الوسواسية الذين يميلون للاتقان والنظام مما يجعل تكيفهم مع المجتمع صعباً ومجهداً.
ومن أهم وسائل التغلب على الانفعال:
- البعد عن مواطن الانفعال والأشخاص الذين يثيرون الانفعال. أخذ الأمور ببساطة والعمل على التأويل الحسن "التمس لأخيك عذراً" فقد ثبت أن الانفعال سببه النفس، فاشغل نفسك عن موطن "موضوع " الانفعال أي لا تفكر فيه.
-الاسترخاء :- فوجد الآن علاج كامل للاسترخاء، وذلك بسبب أن في الانفعال كالعصبية تكون الأعصاب مشدودة، فبالاسترخاء تتغلب على الانفعال وتتغير حالتك الانفعالية من العصبية إلى الهدوء، وتتفق بعض الآراء على أن الشخصية المتونة –الطبيعية- هي تلك الشخصية التي يتمتع صاحبها برزانة العقل، وبأنه سعيد ويتمتع بنشاط بين أفراد المجتمع وله القدرة على استغلال كامل قابليته وقدراته النفسية، ويتكيف بشكل متوازن مع البيئة التي يعيش فيها، لذا اطلق عليه بأنه الشخص السعيد الذي يبذل ما بوسعه من أجل سعادة أسرته واصدقائه ومجتمعه ويعيش بوفاق تام مع جيرانه.
أرسل تعليقك