تونس - حياة الغانمي
تحفظت فرقة الأبحاث والتفتيش في منطقة الحرس الوطني في المهدية بتونس بامرأة عمرها 59 سنة قاطنة في سوسة. وجاء ذلك بعد أن تم ضبطها بصدد إدخال 28 قرصًا مخدرًا داخل مأكولات لابنها نزيل السجن المدني في المهدية والمحكوم عليه بـ 5 سنوات سجن من أجل السرقة والعنف. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم خلالها حجز ممنوعات في "القفة" إذ سبق حُجز في سجن بنزرت المدينة وهو سجن صغير، أكثر من 20 "قفة" تحتوي على المواد المخدرة. وتعتبر،"القفة" هي المتسبب الرئيسي في إدخال الممنوعات وخاصة المواد المخدرة إلى السجون، وذلك بسبب غياب آلات المراقبة لاسيما السكانار" في عدد من السجون.
وللتصدّي لهذه الظاهرة، تمّ الشروع في تركيز آلات السكانار في سجن المرناقية وسجن برج العامري وسجن النساء بمنوبة، وفي عدد كبير من الوحدات السجنية. وفي انتظار استكمال توفير التجهيزات اللازمة، فإنّ "القفة" والعائلات أبرز المتهمين بتفاقم ظاهرة تسريب المواد المخدرة وتوجد العديد من القضايا في المحاكم ضد عائلات المساجين لتورطهم بإدخال الممنوعات
وكان يُمنع إدخال بعض الأكلات إلى السجون على أكلة الجلبان لاستغلالها من قبل بعض العائلات في إدخال أقراص مخدرة يتم لفها بعلكة "الكلوروفيل" فتبدو كأنها حبة جلبنان كما يمنع إدخال أكلة الملوخية والعديد من الأكلات الاخرى التي يمكن استعمالها لإخفاء الممنوعات وخاصة المواد المخدرة والآلات الحادة.
لكن أخيرًا تمّ جلب أجهزة متطوّرة قادرة على الكشف عن كل المواد غير العضوية أي عن المواد غير الغذائية، وهي عبارة عن شاشة تكشف تغير لون الأكلة التي تتضمن مخدرات أو ممنوعات. وتقوم بعض العائلات بسحق الأقراص المخدرة ومزجها ببعض الأكلات مثل "المرق" وهي ما يسميه المساجين بـ"المرهوجة" كان من المستحيل الكشف عنها اليوم أصبحت الأجهزة قادرة على فضحها، ونفس الشيء بالنسبة إلى الآلات الحادة والمواد المعدنية الأخرى.
وبالإضافة إلى الإجراءات المادية والتقنية تم أيضًا اتخاذ إجراءات في علاقة بالتحقيق الاجتماعي والدراسة النفسية للسجين حالة بحالة، وقد أدت تلك الإجراءات والقرارات إلى تحسين الأداء الأمني في السجون، لكن الإشكال ما زال مرتبطًا بمنسوب الجريمة لدى عدد مهم من المساجين، إذ أثبتت الأرقام الرسمية أن قرابة 35 بالمائة من المساجين يعودون، وهو ما يعني أن نسبة العود فاقت الثلث، وهذا مؤشر خطير يعكس خطورة ما يجري داخل السجون وخارجها، لأن السجن ليس فقط غرفا وجدرانا خلف أبواب موصدة بل هو ايضا تفاعل مع المحيط الخارجي، اذ يمكن لعلماء الاجتماع ان يدرسوا دلالات وجود 35 بالمائة من المساجين هم عائدون، هل هذا يعنى اننا متجهون نحو مجتمع الجريمة أم أن المسالة لا تتجاوز أسوار السجن؟ اذ ان المعطى الكمي لمسألة العود، تخفي معطيات نوعية قد يكون لها تأثير كبير على استقرار المجتمع.
وتعتبر ظاهرة الاكتظاظ من أبرز الإشكاليات الموجودة داخل 27 وحدة سجنية، وبدرجة أقلّ في سجن النساء في منوبة، وتتجاوز النسبة في أغلب الحالات 200 بالمائة. ويُعزى السبب إلى خسارة السجون لجزء مهم من طاقة استيعابها خلال الأحداث التي سبقت ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011. وقد تمّ الشروع في إنجاز سجون جديدة عالية التأمين. ويُنتظر أن يتمّ قريبًا استغلال مركز التهيئة والإفراج في منطقة أوذنة في ولاية بن عروس ويهدف المشروع الجديد إلى المرور من سجون إقامة الى فضاءات تأهيل وتكوين وتهيئة للإفراج حتى يتم تأهيل السجين والتماشي مع السياسة الجنائية في تونس لا سيما من خلال الحرص على التقليص من مسألة العود.
كما تمّ الشروع في بناء سجن "بلي" في ولاية نابل بطاقة استيعاب بنحو 800 نزيل، وسيكون سجن ايقاف نظرًا لتواجد العديد من المحاكم في نابل. بالإضافة إلى إنجاز سجن جديد في قابس. وإجمالًا فإنّ عدد المشاريع في كل السجون يبلغ 108 مشاريع، منها ماهو متعلق بإنجاز مطابخ سجون وفضاءات تنشيط.
أرسل تعليقك