دعت جمعية حقوقية أردنية الدول العربية والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية اللاجئين بشكل عام، واللاجئات وأطفالهن بشكل خاص، مطالبة الجهات المانحة بتلبية الاحتياجات الإنسانية، وفقًا لما حددته الأمم المتحدة.
وأكدت جمعية المعهد الدولي لتضامن النساء "تضامن" أن الانتهاكات لا زالت قائمة ومستمرة ، وأن مزيدًا من أعداد اللاجئين، خاصة اللاجئات والأطفال، ستتدفق إلى الدول المجاورة، وأن المجتمع الدولي واتفاقياته وإعلاناته لم تحم النساء السوريات من جميع أشكال العنف الذي يتعرضن له، حيث غابت الإنسانية أمام سقوط آلاف الضحايا من النساء والأطفال، ولا زال النفق طويل ومظلم وتصعب معه رؤية مستقبل أفضل وحياة أرحم لهن ولأطفالهن.
ويذكر أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية اعتمد، في دورته الـ28، مشروع قرار بشأن اللاجئين يؤكد أهمية توفير الدعم الكامل واللازم للدول العربية المستضيفة للاجئين، وعلى وجه الخصوص اللاجئين السوريين، وإقامة مشاريع تنموية في هذه الدول تساهم في الحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية الناجمة عن هذا اللجوء، والمساهمة بدعم الدول المستضيفة بما يمكنها من مواصلة تقديم الخدمات الإنسانية والاغاثية لهم، كونها لن تتمكن من إدامتها دون دعم عربي ودولي طويل المدى.
وأشارت "تضامن" إلى أن مشروع القرار يؤكد على دعوة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته إزاء هذه الأزمة، وكذلك مؤسسات التمويل العربية والإقليمية والدولية، لتقديم الدعم اللازم إلى الدول المستضيفة للاجئين والمساهمة في التخفيف من الأعباء التي تترتب على الدول المستضيفة.
ويواجه الأردن، كدولة مستضيفة للاجئين، عددًا من التحديات الاقتصادية والديموغرافية، لا سيما باستقباله اللاجئين السوريين، وارتفاع التكلفة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الأردني مما أثر على معدلات الفقر والبطالة، وشكل استنزافًا للنظم الصحية والتعليمية والخدمات الأساسية والبنى التحتية. وزاد الأمر تعقيدًا عدم كفاية الدعم المقدم من المجتمع الدولي، والذي من شأنه تخفيف العبء على الأردن والمجتمع المستضيف.
وعرّف الأردن الشخص اللاجئ، في التعداد العام للسكان والمساكن في 2015، على أنه شخص مدني مقيم في الأردن ويحمل جنسية دولة أخرى، وقدم إلى الأردن التماسًا للأمان بسبب خوف مبرر من التعرض للاضطهاد، بسبب العرق، الدين، القومية، أو الانتماء الى فئة اجتماعية أو موقف سياسي، أو بسبب خطر ناتج عن النزاعات المسلحة يهدد حياته أو حياة ذويه، ولا يستطيع بسبب ذلك العودة إلى دولته الأصلية.
وأكدت "تضامن" أنه، وفق الدراسة التحليلية لدائرة الإحصاءات العامة، والتي حملت عنوان "الهجرة الداخلية والدولية"، والصادرة عام 2016، الى أن الدخول إلى الأردن بطريقة قانونية يضمن حقوق اللاجئين واللاجئات، وإن لم يكن لديهم أي وثائق لازمة لإثبات الهوية، فيما بيَّنت نتائج التعداد أن 86% من السكان غير الأردنيين يصنفون أنفسهم في حالة لجوء، مقابل 10% صنفوا أنفسهم كغير لاجئين. وبلغ عدد اللاجئين في الأردن 1305350 لاجئًا، شكلت الإناث ما نسبته 49.4% منهم، بعدد 645341 لاجئة، وهذا مؤشر على أن حالة اللجوء في الأردن هي لجوء أسري وليس لجوءًا فرديًا، علمًا بأن 68.1% من اللاجئين واللاجئات لا يحملون تأمينًا صحيًا.
وأشافت "تضامن" أن معظم اللاجئات لديهن وثائق، ومسجلات رسميًا كلاجئات (614611 لاجئة)، وعدد قليل منهن مازلن ينتظرن البت في طلباتهن (9264 لاجئة)، بينما لا تزال 13609 لاجئات غير مسجلات.
وضمت محافظة عمّان العدد الأكبر من اللاجئات (205056 لاجئة) تلتها إربد (164046 لاجئة) ، والزرقاء (107353 لاجئة)، والمفرق (100709 لاجئة)، وجرش (25062 لاجئة)، والبلقاء (14441 لاجئة)، والكرك (7002 لاجئة)، ومادبا (6987 لاجئة)، وعجلون (6525 لاجئة)، والعقبة (4270 لاجئة)، ومعان (3274 لاجئة)، وأخيرًا الطفيلة (616 لاجئة).
وفيما يتعلق بالدول التي قدمت منها اللاجئات، قدمت غالبيتهن من سورية (482893 لاجئة)، ثم فلسطين (53268 لاجئة)، والعراق (21398 لاجئة)، ومصر (1296 لاجئة)، ومن الدول العربية الأخرى (2750 لاجئة)، في حين ولدت في الأردن 83583 لاجئة. وأوضحت "تضامن" أن 43.2% من اللاجئات في الأردن تقل أعمارهن عن 14 عامًا، بعدد 279317 لاجئة، فيما كان عمر 8.8% منهن فوق 50 عامًا، بعدد 57302 لاجئة.
وبتوزيع اللاجئات اللاتي تزيد أعمارهن عن 13 عامًا وفق الحالة الزواجية، تبين أن هناك 112724 لاجئة عزباء، و248783 لاجئة متزوجة، و6345 لاجئة مطلقة، و27320 لاجئة أرملة، و1105 لاجئة منفصلة. وتصل نسبة الأسر التي ترأسها اللاجئات إلى 16.9% من مجموع الأسر اللاجئة، حيث ترأس اللاجئات 42749 أسرة، بينما يرأس الذكور 209949 أسرة، فيما بلغ عدد الأسر التي يزيد حجمها عن خمس أفراد، والتي ترأسها اللاجئات، نحو 20637 أسرة، منها 248 أسرة يزيد عدد أفرادها عن 15 فردًا. كما كشفت النتائج عن أن 415 لاجئة تزوجن قبل بلوغهن 15 عامًا، و18763 لاجئة تزوجن وأعمارهن ما 15 و19 عامًا.
كما أظهرت النتائج أن ثلث اللاجئين واللاجئات سبق لهم الالتحاق بالمؤسسات التعليمية، وخمسهم فقط لم يلتحقوا أبدًا بمؤسسات تعليمية، ومن بين الملتحقين والملتحقات في المؤسسات التعليمية 71.6% ملتحقين بمؤسسات تعليمية حكومية، و13% منهم في مؤسسات تعليمية خاصة، و13% آخرين في مدارس وكالة الغوث.
وبلغت نسبة الأمية بين اللاجئين واللاجئات 13.6%، ووصلت إلى أعلى مستوى في الفئات العمرية التي تزيد عن 55 عامًا، (39%)، وكانت أدنى مستوياتها في الفئة العمرية بين 13 و15 عامًا، (7%). وتنتشر الأمية بين اللاجئات أكثر من اللاجئين، خاصة فوق 55 عامًا (56% للإناث و21.7% للذكور).
وتعاني النساء والأطفال بشكل خاص من الصراعات والنزاعات المسلحة والحروب، التي تعتبر رافدًا أساسيًا لكي تصبح النساء أرامل والأطفال بلا والدين أو بلا أهل أو أقارب، وفي أغلب الأحيان يترافق مع فقدان النساء لأزواجهن إنتهاكات صارخة لحقوقهن الإنسانية، كمشاهدتهن لعمليات تعذيب وقتل أزواجهن، وقد يتعرضن لمختلف أنواع التشويه والتعذيب والاعتداءات الجنسية، ويعشن بسبب النزوح أو اللجوء في ظروف قاسية أو مهينة أو غير إنسانية، وقد يُستخدمن كأدوات حرب، وأو يتعرضن لضغوط استغلالية هن وأطفالهن. وأشارت "تضامن" إلى أن أبرز النتائج النفسية لذلك، وأهمها شعور النساء والأطفال بالعزلة والوحدة، خاصة في مخيمات اللاجئين، وتدهور أو انعدام الخدمات الصحية والتعليمية، والبطالة، وخسارة الممتلكات ومصادر الدخل، والعيش في ظروف صعبة وغير مناسبة في أغلب الأحيان.
ويعاني النساء السوريات، النازحات منهن واللاجئات، من أزمات نفسية وصحية قد تلازمهن طيلة حياتهن، فكثير منهن يلدن قبل موعد الولادة بسبب العنف وفقر الدم، وارتفعت نسبة الولادات القيصرية عن معدلها الطبيعي (15%) لتصل إلى ما بين 30% و65%، وحينما تنفد الإمدادات الغذائية أو تقل يعانين أشد المعاناة، وعندما تتلوث مصادر المياه فإنهن يكن أقل الفئات مقاومة لمخاطر الأمراض، ونتيجة المعاملة المهينة واللاأخلاقية والعنف الجنسي والتهديد به أثناء الاعتقال، ستبقى أعداد الهاربات إلى الخارج في تزايد مستمر.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 1974، إعلانًا بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة، تعبيرًا على قلقها العميق من الآلام التي يعانيها النساء والأطفال من السكان المدنيين، حيث اعتبر الإعلان جميع أشكال القمع والمعاملة القاسية واللاإنسانية للنساء والأطفال أعمالاً إجرامية، بما في ذلك الحبس والتعذيب والإعدام رميًا بالرصاص والاعتقال بالجملة والعقاب الجماعي وتدمير المساكن والطرد قسرًا، التي يرتكبها المتحاربون أثناء العمليات العسكرية أو في الأقاليم المحتلة، وأنه لا يجوز حرمان النساء والأطفال، من بين السكان المدنيين الذين يجدون أنفسهم في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة، أثناء الكفاح في سبيل السلم وتقرير المصير والتحرر القومي والاستقلال، أو الذين يعيشون في أقاليم محتلة، من المأوي أو الغذاء أو المعونة الطبية أو غير ذلك من الحقوق الثابتة، وفقًا لأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإعلان حقوق الطفل، وغير ذلك من صكوك القانون الدولي.
أرسل تعليقك