بغداد – نجلاء الطائي
دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" على توسيع نطاق المشاورات حول مسودة قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية لضمان حماية واحترام حقوق المرأة، في وقت انتقدت وزارة الخارجية الأميركية بشدة موافقة البرلمان العراقي من حيث المبدأ على مشروع قانون يسمح بزواج فتيات لا تتجاوز أعمارهن التسعة أعوام، وفي بيان للبعثة أنّه استجابة لردة الفعل العامة حيال مسودة قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 فإنها ارتأت أنّه من الضروري الانخراط في مشاورات شاملة وواسعة النطاق حول هذه التعديلات بغية ضمان الاحترام الكامل لحقوق المرأة وحماية هذه الحقوق .
وأكّدت البعثة أنّ تحقيق المساواة بين النساء والرجال والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات يعتبر من القيم الأساسية للأمم المتحدة ولحقوق الانسان موضحة أن النساء والفتيات في العراق عانَين من انتهاكات لحقوقهن الأساسية وتعرضن لعنف في الصراعات المسلحة لا سيما في مناطق سيطرة تنظيم داعشـ ويتطلعن إلى أن يصبح نيلهن لحقوقهن أولوية في سبيل تحقيق المساواة مع الرجال، ويتطلب هذا فهمًا شاملًا للإجراءات القانونية والقضائية التي تحول دون تحقيق هذه المساواة وهناك حاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات قانونية ومؤسسية للقضاء على التمييز ضد النساء والفتيات.
ودعا الممثل الخاص للأمين العام في العراق يان كوبيش، حسب البيان، مجلس النواب لانتهاز فرصة عملية تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي انتقدته مرارًا الهيئات المنشأة بموجب معاهدات الأمم المتحدة من أجل إجراء مشاورات واسعة النطاق حول مسودة التعديلات في جو من المشاركة من أجل تأكيد الالتزام بحقوق النساء والفتيات في العراق وضمان الاحترام الكامل لهذه الحقوق وحمايتها وتحقيقها فيما يخص المسائل المتعلقة بالزواج والقضايا الأخرى، موجّهًا انتقاده لمشروع القانون، كما قوبل المشروع بانتقادات لاذعة من منظمات المجتمع المدني في العراق، حيث علّق منتقدون بأنّ القانون الذي يسعى العراق لإقراره سيجعل سلطة المحاكم الدينية أقوى بكثير من المحاكم القضائية فيما يتصل بملف الأحوال الشخصية.
وانتقدت وزارة الخارجية الأميركية بشدة موافقة البرلمان العراقي من حيث المبدأ على مشروع قانون يسمح بزواج فتيات لا تتجاوز اعمارهن تسعة أعوام، حيث علّقت المتحدث باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت لـ"كردستان 24" على هامش مؤتمر صحفي عقدته في واشنطن أنّ الولايات المتحدة تعارض على نحو قاطع "فكرة تزويج الأطفال غير البالغين"، حيث شبهت المشروع العراقي المقترح بأنه لا يختلف عما كان يمارسه تنظيم داعش، مؤكّدة أنّ "واشنطن لطالما أدانت فظاعة ممارسات داعش في جعل الأطفال كعرائس"، مضيفة "ما زلنا نعارض بشدة فكرة زواج البالغين من الأطفال".
ويعود قانون الأحوال الشخصية الحالي في العراق إلى عام 1959، حيث اعتبر حينها من أكثر القوانين تقدمًا في بلدان منطقة الشرق الأوسط، وأعطى قانون الأحوال الشخصية في ذلك الوقت سلطة للمحاكم القضائية على حساب المحاكم الدينية في أعقاب سقوط الملكية في خمسينات القرن الماضي، وحدد عمر الـ18 عامًا كحد أدنى للزواج مع تقييد على تعدد الزواج ومنع الزواج القسري، وبقيَ ساريًا لأعوام عدة، وبعد أشهر من إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، سعت الأحزاب الدينية الشيعية إلى إعادة النظر بالقانون وحاولت تغييره أواخر العام نفسه، غير أنّ الولايات المتحدة أحبطت تلك المحاولات.
وأعادت الأحزاب الشيعية، مع انكماش النفوذ الأميركي في العراق، مسألة زواج القاصرات إلى الواجهة مرة أخرى عام 2014، وفي نفس العام وافق مجلس الوزراء على مشروع جديد إلّا أنّ ظهور داعش المفاجئ واستيلاءه على الموصل عرقل مساعي البرلمان في إقراره، ومع قرب الانتخابات التشريعية في العراق في أيار/مايو المقبل يحاول المشرّعون العراقيون التصويت على القانون بشكل قاطع، سعيًا بشكل واضح، للحصول على مكاسب انتخابية.
يشار إلى أنّ نائبة رئيس اللجنة البرلمانية الكردستانية لحقوق الانسان فيروزا طه، ندّدت بمشروع القانون، مؤكّدة أنّه "ضد الحقوق المعترف بها دوليًا بالنسبة للأطفال"، مشدّدة على أنّ القانون لن يطبق في إقليم كردستان.
أرسل تعليقك