اقترحت جمعية حقوقية في الأردن إجراء تعديل على نص المادة 12 من قانون الصحة العامة رقم 47 لعام 2008 ليشمل الإجهاض الناشئ عن جريمة إعتداء جنسي، أو للحفاظ على البدنية أو النفسية أو سمعتها.
وشرحت جمعية تضامن التعديلات المقترحة على النص الأصلي: "يحظر على أي طبيب وصف أي شيء بقصد إجهاض إمرأة حامل أو إجراء عملية إجهاض لها إلا إذا كانت عملية الإجهاض ضرورية لحمايتها من خطر يهدد صحتها أو يعرضها للموت أو كانت عملية إجهاض لحمل ناشئ عن جريمة إعتداء جنسي وقع على الحامل وعلى أن يتم ذلك في مستشفى شريطة توافر ما يلي:
1. موافقة خطية مسبقة من الحامل باجراء العملية وفي حالة عدم مقدرتها على الكتابة أو عجزها عن النطق تؤخذ هذه الموافقة من زوجها أو ولي امرها.
2. شهادة من طبيبين مرخصين ومن ذوي الاختصاص والخبرة أو من إدارة الطب الشرعي تؤكد وجوب إجراء العملية للمحافظة على حياة الحامل أو صحتها البدنية أو النفسية أو سمعتها.
3. تضمين قيود المستشفى اسم الحامل وتاريخ إجراء العملية ونوعها والاحتفاظ بالموافقة الخطية وبالشهادة الطبية لمدة عشرة أعوام على أن تزود الحامل بشهادة مصدقة من مدير المستشفى باجراء هذه العملية لها وتعامل هذه القيود بسرية تامة.
ب. على الرغم مما ورد في قانون العقوبات، لا تلاحق الحامل والشخص أو
الأشخاص الذين أجروا أو اشتركوا في إجراء عملية الإجهاض لها وفقًا لأحكام الفقرة "أ" من هذه المادة بتهمة اقتراف جريمة الإجهاض.
وتعتقد "تضامن" بضرورة أن يتضمن قانون العقوبات الأردني من خلال إجراء التعديلات القانونية اللازمة نصوصاً تجيز إجهاض المرأة الحامل في ظل ظروف معينة كالإغتصاب ووجود خطر على صحة المرأة الحامل البدنية منها والنفسية وغيرها من الظروف التي من شأنها التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على حقوق النساء والفتيات.
وفقاً للمادة 18 من الإتفاقية وتنفيذاً لإلتزاماته، سيقدم الأردن تقريره الدوري السادس إلى لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة خلال جلستها رقم 66 والتي ستعقد في الفترة من 13/2/2017 الى 3/3/2017، متضمناً الإجابة على الأسئلة والإستفسارات والتوصيات المقدمة من اللجنة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن من بين الاستفسارات ما تعلق بالإجهاض، حيث قالت اللجنة "يُرجى الإفادة عما تتخذه الدولة الطرف من خطوات لتعديل تشريعاتها المتعلقة بالإجهاض بحيث تُضمنها أسباباً أخرى لإباحة الإجهاض قانوناً إضافة إلى الأسباب المتمثلة في تعرض حياة الأم للخطر، وبخاصة في حالات تشوه الجنين وحالات الحمل الناتج عن سفاح المحارم والاغتصاب، ويُرجى الإفادة عما يتخذ من خطوات لكفالة توافر خدمات الإجهاض المأمون والرعاية بعد الإجهاض للنساء ضحايا العنف الجنسي.
ويُرجى تقديم عدد تقديري لعمليات الإجهاض غير المأمون التي تجرى كل عام، في الدولة الفقرة 89، ويُرجى الإفادة عن عدد النساء اللاتي احتُجزن وصدرت ضدهن أحكام بسبب إقدامهن على الإجهاض في الدولة الطرف في غضون الفترة المشمولة بالتقرير على أن يشمل ذلك معلومات عن مدد الاحتجاز".
وجاء من ضمن الرد الحكومي على ذلك بأن: "عدد حالات النساء اللاتي عوقبن بجريمة الإجهاض وفق وزارة العدل منذ عام 2009 حتى عام 2016 بلغ 49 إمرأة"، وبحسب السنوات 3 نساء (2009)، 3 نساء (2010)، إمرأتين (2011)، 5 نساء (2012)، 7 نساء (2013)، 12 امرأة (2014)، 11 امرأة (2015)، و 6 نساء (2016).
لقد تناول قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960 وتعديلاته موضوع جريمة الإجهاض في المواد 321-325، وإعتبر أن الإجهاض جريمة معاقب عليها سواء تم الإجهاض من قبل المرأة الحامل نفسها أو أقدم على ذلك شخص آخر غيرها، ولم يتناول القانون أية إستثناءات يجوز فيها إجهاض المرأة على عكس العديد من الفتاوى الشرعية في الأردن التي أجازت الإجهاض في حالات معينة، فيما نصت المادة 12 من قانون الصحة العامة على إجازة الإجهاض في حال كانت صحة المرأة الحامل في خطر أو يعرضها للموت.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أحدث فتوى لمجلس الإفتاء الأردني بقرارها رقم (204)(14/2014م) والصادرة بتاريخ 11/9/2014 بعنوان "حكم إجهاض الحمل الناتج عن الإغتصاب" وللإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بحكم إجهاض الجنين المتكون من اغتصاب في حال زنا المحارم.
وتضيف "تضامن" بأن مضمون الفتوى إعتبر أن :" جريمة الإغتصاب من أعظم الجرائم؛ لما فيها من عدوان على الكرامة الإنسانية، وإيذاء للنفس البشرية، حتى عدها كثير من العلماء من "الحرابة" التي تعد إفساداً في الأرض، وانتهاكاً لأعراض الخلق، لذلك كان لهم ما قال الله عز وجل في الحرابة: (ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) سورة المائدة/33".
وأكمل المجلس فتواه بالقول "ولما كان الحمل الناتج عن هذه الجريمة سبباً في تعظيم أذاها وإثارة الفتنة والعداوة في المجتمع، رأى مجلس الإفتاء إرشاد الضحية إلى مراجعة دائرة الإفتاء للنظر في ملابسات القضية، والإطلاع على ظروف الحمل وما يؤثر في الحكم الشرعي، لتنظر كل حالة على حدة، وتصدر الفتوى بخصوصها بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة، فالضرورات تقدر بقدرها، ونسأل الله السلامة والعافية، والله تعالى أعلم".
وفي الوقت الذي تشيد فيه "تضامن" بالفتوى وما يترتب عليها من حماية للنساء المغتصبات نفسياً ومعنوياً وجسدياً، فإنها تشير الى أن مجلس الإفتاء أجاز إجهاض المرأة الحامل إذا ثبت أن الحمل سيوثر على حياتها، حيث جاء في قرار مجلس الإفتاء رقم: (35) بتاريخ (13/6/1993م) ما يلي: "إذا بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر أو جاوزها: فلا يجوز إسقاطه مهما كان تشوهه، إذا قرر الأطباء أن من الممكن استمرار حياته، إلا إذا ترتب على بقائه خطر محقق على حياة الأم. وأما إذا لم يبلغ الجنين أربعة أشهر، وثبت أنه مُشَوَّه تشويها يجعل حياته غير مستقرة: فيجوز إسقاطه بموافقة الزوجين".
وفي فتوى لسماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان وحملت الرقم 398 بتاريخ 13/12/2009 حول عدم جواز إجهاض الحمل الناتج عن زواج عرفي، حيث جاء فيها:" لا يجوز إجهاض الجنين إلا لخطر على حياة الأم، وفي ظروف طبية خاصة، وفي السؤال المذكور أعلاه لا يوجد خطر على حياة الأم من الناحية الطبية؛ لذا لا يجوز إجهاض هذا الجنين، وننصح السائلة بإثبات العقد في المحكمة الشرعية، وأن يكون بإذن وليها لحفظ حقوقها الشرعية وحقوق الجنين، والله تعالى أعلم".
وتشير "تضامن" غلى الفتوى رقم 790 بتاريخ 21/6/2010 لنفس المفتي حول جواز إجهاض الجنين ما لم يبلغ أربعة أشهر نظراً للظرف الصحي للأم الحامل، أجاب سماحته :" إذا كان الحمل لم يمض عليه مائة وعشرون يوماً: يجوز الإجهاض نظراً للظرف الصحي للأم، والذي بينه التقرير المرفق. والله تعالى أعلم".
وفي الفتوى البحثية رقم 287 بتاريخ 16/8/2009 ورد بأنه :" ليس ضعف الجسم أو الإرضاع من الأعذار المجيزة للإجهاض، ولا يجوز التعذر بمثل هذه الأعذار لارتكاب الإجهاض.أما إذا قرر الطبيب الثقة أن بقاء الجنين يعرِّضُ حياة الأم للخطر المميت، فيجوز الإجهاض قبل مائة وعشرين يوماً من علوقه، بل إذا تعارضت حياة الجنين مع حياة الأم جاز الإجهاض ولو بعد المائة وعشرين يوماً، كما أفتى بذلك علماء المجامع الفقهية؛ لأن حياة الأم محققة، وحياة الجنين غير محققة. والله أعلم".
وتجد "تضامن" بأن قانون العقوبات الأردني لم يتضمن أي نص يجيز فيه الإجهاض، فالمرأة التي تجهض نفسها أو رضيت أن يستعمل لها غيرها أية وسيلة للإجهاض تعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاثة أعوام "المادة 321"، ويعاقب من أقدم على إجهاض إمرأة برضاها بالحبس من عام إلى ثلاث أعوام "المادة 322/1"، وإذا أفضى الإجهاض إلى موت المرأة عوقب الشخص بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن خمسة أعوام "المادة 322/2".
كما عاقب القانون من تسبب بقصد بإجهاض إمرأة دون رضاها بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد عن عشر أعوام "المادة 323/1" ولا تنقص العقوبة عن عشرة أعوام إذا أدى الإجهاض الى موت المرأة "المادة 323/2" وترتفع العقوبة مقدار الثلث إذا كان من إرتكب تلك الجرائم طبيباً أو جراحاً أو صيدلياً أو قابلة "المادة 325"، وتشير "تضامن" أيضاً الى نصاً مشابهاً لنص المادة 340 من قانون العقوبات والمتعلق بما يسمى جرائم "الشرف"، وهو نص المادة 324 من نفس القانون حيث تستفيد من العذر المخفف من أجهضت نفسها حفاظاً على شرفها، وكذلك يستفيد منه من أقدم على إجهاض إحدى فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثالثة حفاظاً على شرفها وهما نصان تطالب "تضامن" منذ زمن بإلغائهما.
أرسل تعليقك