دمشق- نور خوام
عمدَ تنظيم "داعش" خلالَ سيطرتِهِ على الرقةِ ودير الزور وجزءٍ كبيرٍ من ريفِ الحسكة التركيزَ على زواجِ ما يُسمّى "المُهاجرين" من سوريّاتٍ ضمنَ مَناطِق سيطرتِهم، ويوجدُ عشراتٌ من الأراملِ السوريّات اللّواتي تزوجنَ من عناصرِ التنظيمِ الإرهابيّ "داعش"، وحاليّاً يَقطِنَّ مع أطفالهنَّ في المُخيّمات.
وبعدَ مقتلِ الزوجِ يُبادرُ أحد أُخوته بالزواج من زوجته، وإنْ قُتِلَ فيتزوّجها الأخ الثاني وهكذا تتنقلُ المرأةُ وأطفالها من الزوجِ الأوّلِ بين أحضانِ عناصر التنظيمِ الإرهابيّ "داعش"، بعضهنَّ أُجبِرَن على الزواجِ والإنجابِ وبعضهنَّ أنجبنَ أطفالاً ولا يَعرفنَ أسماءَ أزواجهنَّ، وكل ما يَعرِفنَ محصورٌ في الأسماءِ التي استحضرها داعش منذ 1437 عاماً، كأبو البراءِ التونسي وأبو الدرداء وبعضهنَّ تزوّجن بكلِّ قناعةٍ وأَنجبنَ أطفالاً غير آبهاتٍ بما تؤولُ إليه الأمورُ مع نهايةِ الدولةِ المزعومة.
وقال السيّدة الخمسينيّة نجاة – ر التي خرجت من مُخيّمِ السد جنوب مدينةِ الحسكةِ بعد أنْ فرّت من الميادينِ إنّ موضوعَ زواج السوريّات من عناصرِ التنظيمِ الإرهابيّ داعش انتشرَ بشكلٍ كبيرٍ خاصّةً في الآونةِ الأخيرةِ علماً أنّهُ لم يكن هناكَ إكراهٌ لهنَّ وبعضهنَّ تزوجنَ بكلِّ قناعةٍ وبرضى الأهل، وأُخرياتٍ فُرِضَ عليهنَّ الزواج بعدَ أن تمَّ إجبارهنَّ بطريقةٍ غير مُباشرةٍ من خلالِ حجزِ أحد الأقاربِ وتهديدهم بالقَصاصِ، وهذا الإجراءُ كان محصوراً فقط بعناصرِ “داعش” من الجنسيّة التونسيّة.
وأضفُ السيّدةُ نجاة: مِنَ المُحتملِ أنْ تتزوّجَ الفتاةُ بأكثر من داعشيّ فهي تصبح مِلكاً للتنظيمِ الإرهابيّ مِنْ خلالِ إجبارِهِا على الزواج بأحد العناصرِ بعد مقتلِ زوجها الأوّل، لافتةً إلى أنَّ بعض الفتياتِ التي تزوّجن من دونِ موافقةِ أهلهنَّ، وقتل أزواجهنَّ رُفِضنَ وتمَّ طردهنَّ ولم يتمّ الاعتراف بهنِ ولا بأولادهنَّ، وهنا تكمنُ مُشكلة هؤلاء؛ فما هو مصير هذه الأجيال الذين سينشؤون شرق البلادِ وهم أصلاً أولادٌ لأجانبٍ بعضهم قُتلَ وآخر فرَّ إلى بلاده.
من جانبها بيّنت السيّدة "خولة – ن" من أهالي قرية صبيخان في ريفِ دير الزورِ الشّرقيّ أنّها اضّطرت إلى التزامِ المنزلِ وعدم السماح لبناتِها بالخروجِ إلى الأسواقِ كونهن صغيرات وتخشى أن يتمّ إجبارها على تزويجِ بناتها من عناصرِ تنظيمِ "داعش"، لافتةً إلى أنَّ هناكَ عدداً من العائلاتِ زوّجوا بناتهنّ لعناصرَ أجانب قَدِموا إلى المنطقةِ وعائلاتهم، فعلى سبيلِ المثالِ أرملة لديها ثلاث بناتٍ قامت بتزويجهنَّ لعناصرَ أجانب وتزوّجت هي من داعشيّ.
وأشارُ السيّد "أحمد – ب" إلى أنَّ التنظيمَ الإرهابيّ كانَ يستخدمُ الفتياتَ لترغيبِ الشبابِ على الانضمامِ إلى التنظيمِ الإرهابيّ “داعش” كون التنظيم مُلزَم بتزويجِ العناصرِ عندما يطلبونَ ذلكَ، إذ يتمّ فرزُ الفتيات بحسب جمالهنّ، فالأجمل تذهب لقادةِ التنظيم، والأقل جمالاً إلى عناصر راغبين في الزواج، ويتمّ معاينة الفتيات عن طريق ما يُسمّى الكتيبة النسائيّة على مبدأ كتيبةِ الخنساء في الرقة.
ويلفتُ السيّد أحمد في حديثهِ لوكالةِ "آسيا" إلى حجمِ المُشكلةِ الناجمةِ عن زواجِ الأجانب من الجنسيّاتِ "التونسيّة، المغربيّة، السعوديّة، الجزائريّة، والفرنسيّة" من فتياتٍ سوريّاتٍ وإنجابِ أطفالٍ منهنّ بعد أنْ فرَّ عددٌ كبيرٌ منهم والبعض قُتِل، خاصةً وأنَّ غالبيّة الفتياتِ المُتزوّجاتِ من أجانب لا يعرفن كثيراً عن أزواجهنَّ سِوى الجنسيّة والاسم الحركيّ مُتسائلاً: ما هو مستقبلُ هؤلاء الأطفال؟
واعتبرَ الخبيرُ الاجتماعيّ "علي إسكان أنَّ 90 بالمائةِ من حالةِ زواجِ الفتياتِ السوريّاتِ من عناصر داعش الأجانب قسريّة، والمُشكلةُ في إجبارهنَّ على الإنجاب؛ أي إنَّ هناك العشرات من المواليدِ لزواجٍ غير شرعيٍّ والأمُّ معروفةٌ أمّا الأب فمجهول، مُضيفاً أنَّ مُشكلةَ هؤلاء الأطفال بالإرثِ الاجتماعيّ الذي سيتركهُ الأب للطفل ابن إرهابيّ داعش خاصّةً وإنْ بَقِيَ في البيئةِ التي وُلِدَ فيها، فمن الواجب معاملة هؤلاء الأطفال على أنّهم “ضحيّةٌ” لا ذنبَ لهم، فهم كما يُطلِق عليهم المُجتمع لُقطاء، لذلك لا بدَّ في بدايةِ الأمرِ من إجراءِ إحصائيّةٍ لحصرِ هذه الحالاتُ ومن ثمّ إعدادُ دراسةٍ اجتماعيّةٍ على ضوئها يتمُّ تحديدُ كيفيّة التعاملِ معهم ومعالجةِ أوضاعهم قانونيّاً، والحلُّ الأمثلُ لهؤلاء وضعهم في مراكزِ تأهيلٍ اجتماعيّةٍ بعيداً عن بيئتهم.
إلى ذلكَ استعادت الشيشانُ عدداً من الأطفالِ الذينَ قَدِمُوا مع آبائهم إلى مناطق سيطرةِ داعش، ففي وقتٍ سابقٍ من الشهرِ الجاري تمّ استعادةُ 40 طفلاً مع أمهاتِهم الشيشانيّات بعد التنسيقِ مع وحداتِ حماية الشعبِ الكرديّة، وهذه الخطوةُ كانت محصورةً بهذهِ الجنسيّة، ليبقى مصير الفتياتِ السوريّات اللّواتي تزوّجنَ من عناصر أجانب يُواجِهنَ مصيراً غير معلومٍ في ظلِّ فرارِ أزواجهنَّ ومقتلِ آخرين، فما مُستقبلُ هؤلاء الأطفال بعدَ عودةِ الأمنِ والاستقرارِ إلى سورية؟.
أرسل تعليقك