القاهرة - محمود حساني
ابتلي المجتمع المصري ، بالعديد من الظواهر السلبية ، خلال السنوات الخمسة الأخيرة ، والتي تمثلت في انتشار عمليات النصب والخداع ، وزيادة حالات الانتحار ، والإنفلات الأخلاقي والأمني الذي ضرب أرجاء المجتمع ، الأمر الذي أثار قلق المعنيين بالشأن المصري ، تجاه تفاقم هذه الظواهر السلبية ، والتي لم تكن سائدة داخل المجتمع من قبل.
واتفق خبراء علم النفس والاجتماع ، أن انتشار مثل هذه الظواهر السلبية ، أمر يُنذر بالخطر الشديد تجاه المجتمع وتماسكه ، وقد يهدّد بنيانه في المستقبل في حال عدم الإسراع في علاج أسباب هذه الظواهر ، مؤكديين أن هناك أسباب رئيسية وراء انتشارها ، بعضها راجع بالأساس إلى الأوضاع الإقتصادية التي تشهدها البلاد، والآخر راجع لغياب دور المؤسسات الدينية، وثالثها راجع إلى التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري خلال السنوات الخمسة الأخيرة ، وعلى رأسها الإضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، ومن أهم هذه الظواهر السلبية التي ابتلي بها المجتمع المصري وأخطرها ، هي ظاهرة " الطلاق" ، والتي ارتفعت نسبتها داخل المجتمع المصري خلال السنوات الثلاثة الأخيرة إلى درجة كبيرة بشكل مُخيف ، فيكاد لا يخلو بيت في مصر إلا ويوجد فيه حالة طلاق ، حتى أصبحت مصر الأولى عالمياً بمعدل فاق 170 ألف حالة في عام 2016 ، أغلبها عن طريق قانون الخُلع.
وأكدت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة، ومركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، ارتفاع نسب الطلاق في مصر من 7٪ إلى 40٪ خلال الخمسين عاماً الأخيرة، ووصل الإجمالي العام الآن إلى 3 ملايين مطلقة، لتؤكد الإحصائيات أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالمياً.وعززت الأمم المتحدة ذلك في تقريرها الصادر للظروف الاجتماعية والاقتصادية، والصحية، فضلاً عن نقص الوعي أو إدمان المخدرات، وانتشار المواقع الإباحية على الإنترنت.
فيما أعلنت محاكم الأسرة أن 240 حالة طلاق تقع يومياً، بمعدل حالة طلاق كل ٦ دقائق، وبلغ إجمالي عدد حالات الخُلع والطلاق عام 2015، 250 ألف حالة طلاق وخُلع في مصر، بزيادة عن عام 2014 بـ89 ألف حالة، وفي المقابل تردد مليون حالة على محاكم الأسرة خلال 2014، وأسباب الانفصال كما جاءت على لسان كلا من الأزواج والزوجات داخل محاكم الأسرة ترجع لـ"عدم الإنفاق – سوء الحياة الجنسية - ختان الزوجات - الإساءة الجسدية – الخيانة الزوجية – صغر السن – الحموات – الخلافات الدينية والسياسية – عدم الإنجاب".
وأكدت "فاطمة-ع" ، 33 عاماً ، مطلقة ، :" أمام فشل الزوج في الوفاء بمتطلبات المعيشة من مأكل وملبس ومصاريف الدراسة الخاصة بالأطفال ، نتيجة توقف عمله ، حيث كان يعمل في شركة سياحية ، وأمام الخلافات اليومية بسبب عجزه عن الوفاء بهذه الإلتزامات ، كان اللجوء إلى الطلاق هو الحاسم في أمرها "، وتوضح "عايدة-س" ، 41 عاماً ، مطلقة ،أن الحالة المزاجية لزوجها السابق أصبحت أكثر حدة بعد أن فقد عمله ، فمع كل خلاف بسيط ينشب بينهما كان يهددها بالطلاق ، ومع تدهور الأوضاع المعيشية ، نشب خلاف بسيط بينهما ، غير أن هذه المرة أوّقع عليها الطلاق".
وكشفت أستاذة علم النفس في جامعة القاهرة ، الدكتورة تغريد عبدالعزيز ، أن الأوضاع الاقتصادية التي تمّر بها مصر خلال الفترة الأخيرة ، سبباً رئيساً في إرتفاع حالات الطلاق ، فالكثير من الأزواج فقدوا أعمالهم ، الأمر الذي أثّر على حياتهم بالسلب وجعلهم غير قادريين على الوفاء بمتطلبات المعيشة ، وأمام هذا العجز ، تلجأ الزوجة إلى محاكم الأسرة طلباً للخُلع .
وأضافت عبد العزيز لـ " العرب اليوم " ، أن أغلب القضايا المنظورة أمام محاكم الأسرة في مختلف محافظات الجمهورية ، الدافع ورائها ، فشل الزوج في الوفاء بمتطلبات المعيشة ، مطالبة مؤسسات الدولة بدراسة هذه الظاهرة وتقديم حلول لعلاجها في أقرب وقت من خلال تقوية دور المؤسسات الدينية لحين تحسن الظروف الاقتصادية، ويتفق معها أستاذ علم الأجتماع في جامعة الإسكندرية ، الدكتور كمال رفعت ، أن التغيرات التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة ، أثّرت بالسلب على الحياة الزوجية ، فالم يعد الزوج قادراً على الوفاء بمتطلبات الحياة في ظل ارتفاع الأسعار وضعف الرواتب وغلاء المعيشة.
أرسل تعليقك