يعود بنا الدكتور قنشوبة عبد الرحمان في كتابه الصادر حديثا (كتابات صحفية: حقائق النمو العمراني لمدينة الجلفة) باللغة الفرنسية إلى تاريخ وتطور مدينة الجلفة منذ نشأتها إلى بدايات الألفية الثالثة. والكتاب هو خلاصة منتوج صحفي خلال سنة 2008 كان ضمن متطلبات أبحاث أكاديمية عليا بجامعة البليدة أين كان يدرس المؤلف. ويعتبر هذا العمل أول كتاب من نوعه في جانب الصحافة التوثيقية لمدينة الجلفة والثاني من نوعه من حيث المنتوج الصحفي بعد الكتاب الجماعي المعنون "الجلفة ... أعلام وتراث وتاريخ" الصادر نهاية عام 2018 بمساهمة 23 كاتبا صحفيا.
قسم الدكتور قنشوبة عمله إلى أربعة فصول نجد في أولها تقديم وتاريخ الولاية والمدينة ثم التعمير والبناء في الفصل الثاني. وفي الفصل الثالث نجد البيئة الحضرية ليختتم المؤلف كتابه بفصل عن آفاق تطوير المدينة إضافة إلى مجموعة من الملاحق الإحصائية.
الكتاب جاء فيه إهداء خاص لروح الأستاذ الجامعي محمد بن يعقوب، رحمه الله، والذي فقدته الأسرة الجامعية بالجلفة في جانفي 2018. في حين كان التقديم للأستاذ فريديريك بايو، من المدرسة العليا للصحافة بمدينة ليل بفرنسا، وفيه يقول صاحب التقديم "يضع عبد الرحمان قنشوبة كل معارفه في خدمة مدينة الجلفة التي تسكنُه ويدافع عنها بشراسة ... من خلال البورتريهات والحوارات والاستطلاعات والأخبار التي جمعها أستطيع أن أصفها بأنها وصف لحقائق ولكنها أيضا مشاريع يمكن تطويرها لصالح أمنيات وحاجيات الجلفة".
استهل الباحث كتابه بلمحة إخبارية عن تاريخ تأسيس شعار المدينة وأجزائه الخمسة بألوانها ورمزيتها. أما في الروبورتاج الافتتاحي المنجز بتاريخ 29 آفريل 2008 بعنوان "الجلفة قلب الجزائر ... حقائق النمو العمراني" يتطرق المؤلف- الصحفي إلى توبونيميا "الجلفة" وحدودها وهياكلها ومناخها ومخططاتها العمرانية والجداول الإحصائية. ثم فصّل حول التاريخ العمراني للمدينة كبناء الأسوار خلال الفترة 1878 - 1882 ثم افتتاح محطة القطار سنة 1921 ثم هدم الأسوار خلال الفترة 1950 إلى 1960. كما أشار الكاتب أيضا إلى فترة ما بعد الاستقلال من حيث النمو الذي شهدته المدينة سواء عمرانيا من حيث زيادة الأحياء الجديدة (الوئام) والأحياء الفوضوية مثل الزريعة والفصحى الذين يضمان معا 2000 عائلة من 06 إلى 08 أفراد لكل عائلة ... أو ديمغرافيا كون نسبة الزيادة السكانية فيه (03.7%، 2008) تعتبر من أكبر النسب وطنيا.
ولعل أهم ملاحظتين جامعتين أشار إليها الكاتب هي حقيقة أن الجلفة مدينة تجارية بامتياز خصوصا بشبكتها المتنوعة للبيع بالجملة للمواد الغذائية والفلاحية. أما الملاحظة الثانية فهي كون المدينة كانت تستقطب أعدادا هائلة من السواح سنوات السبعينات والثمانينات لتتحول إلى وجهة مفضلة للعائلات القادمة من الجنوب خلال فترة الصيف.
كما جاءت الأرقام مخيفة حول حقائق الانفجار الديمغرافي وما سببه سواء عبر الولاية (مثلا البطالة بنسبة 18.33%) أو عبر عاصمة الولاية (البطالة بنسبة 54.91%) وغيرها من الأرقام التي تحتاج وقفة حقيقية للتقييم وتدارك الأوضاع.
وقصد تأثيث كتابه الصحفي بما يلزم من أدوات التحري والاستقصاء الصحفي أجرى المؤلف سلسلة من الحوارات مع مسؤولين سابقين يُعتبرون شهودا على العصر خصوصا ربع القرن الأول الذي تلى الاستقلال. فكان له حوار مع السيد علي إبراهيمي الذي ترأس المجلس الشعبي البلدي لمدينة الجلفة في فترات سابقة. أما من حيث الإطارات التنفيذية فنجد حوارا مع مدير التعمير والبناء و"التلي لبوخ" رئيس مصلحة بمديرية السكن والتجهيزات العمومية و"بوعلام قصري" مدير البيئة.
أما البورتريهات الصحفية فنجد فيها الوزير السابق "الشريف رحماني" والسيد بوخلخال السعيد، رئيس سابق للمجلس الشعبي البلدي، ونقل عنه معلومات عن المدينة سنجدها في شتى فصول الكتاب. وكذلك بورتريه عن المهندسين "عبد الرحمان بن الشيخ" و"قنشوبة محمد" الذين تخرجا من مدرسة مهندسي البناء "INFORBA" بالرويبة والسيدة رحو خيرة مهندسة معمارية ... وهذا باعتبارهم كفاءات لها معرفة تقنية واسعة سمحت لهم، كل من مركزه، من مرافقة التطور المعماري والعمراني الذي عرفته المدينة.
كما خصص الكاتب ملفات صحفية تطرق فيها الى قضايا معينة في الجانب العمراني لمدينة الجلفة مثل المساجد وملف الحدائق والمساحات الخضراء وملف المقابر وملف عن المخطط التوجيهي للعمران والتعمير -2008 وغيرها من الملفات التي حفلت بها صفحات الكتاب. غير أنه لابد من الإشارة إلى أن أهم ملف صحفي هو قضية الحديقة النباتية التي ساق عنها المؤلف أرقاما وحقائق لكن الحلم تبخر وصار مجرد حديقة عادية.
وقد حرص الكاتب على أن يختم كل فصل بمجموعة من المختصرات الإخبارية التي تشكل جانبا توثيقيا يمكن الاعتماد عليه في دراسات أو الانطلاق في مواضيع استقصائية جديدة مثلما هو الأمر مع مركز تخزين الوقود الذي يعود تاريخه إلى سنة 1948 أو أرقام ديوان التطهير لسنة 2008 وقضية الاختناق المروري بعاصمة الولاية ونتائج الإحصاء العام للسكن والسكان (RGPH) لسنة 2008 وغيرها.
قد يهمك ايضا:
إطلاق سراح الممثل الجزائري عبد القادر جريو
الممثلة الجزائرية بشرى عقبي على قيد الحياة
أرسل تعليقك