الجزائر - الجزائر اليوم
أثرى مؤخرا، الدكتور جمال سعادنة، المكتبة الجزائرية بكتاب جديد صادر عن دار “الوطن اليوم”، يسلط فيه الضوء على المنجز الثقافي الجزائري في العهد العثماني، من خلال التركيز على الفعل الثقافي وسياقه التاريخي، والمراكز العلمية والثقافية في العهد العثماني، إضافة إلى حركة الشعر في تلك الفترة
يرى الدكتور جمال سعادنة من جامعة باتنة بأن الحديث عن المشهد الثقافي الجزائري ورصيد الثقافة الجزائرية في الفترة العثمانية بقدر ما هو حديث يكشف عن طريقة الفرد الجزائري في التعبير عن شخصيته وعبقريته في ممارسة الحياة وفق خصوصيته وكينونته الذاتية، فإنه يكشف أيضا حجم الجرم الحضاري والإنساني الذي ارتكبه المحتل الفرنسي في حق الجزائر وثقافتها التي تعرضت للمسخ الممنهج، واستهداف كل ما له صلة بهوية الجزائر، وانتمائها الحضاري، ورصيدها العلمي، والثقافي، وبالأخص في الفترة العثمانية، لأنها حسب قوله الفترة التي سبقت مباشرة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وهو الأمر الذي جعله يفضل تسليط الضوء في كتابه الجديد على المنجز الثقافي الجزائري في الفترة العثمانية، من خلال تقديم صورة عامة عن المشهد الثقافي الجزائري في العهد العثماني، بما يسهم حسب قوله ولو بشكل مقتضب في تيسير جهود التعريف بموروثنا الثقافي الذي لا يزال يشكو تقصيرنا الذي أبقاه مغمورا في دائرة النسيان والتجافي؛ حتى سوَّقنا أو رسمنا لأنفسنا حسب الدكتور سعادنة صورة مَنْ لا موقع له في التاريخ؛ ولا تراث نفخر به، ونؤسس عليه.
وأشار الدكتور جمال سعادنة بأننا رسمنا لآبائنا صورة قاتمة ذات معالم سالبة توحي بقصورهم، وتقصيرهم إلى الحد الذي غيبهم أو جعل حضورهم محتشما في تاريخ الثقافات الإنسانية، وهذا ما يفنده واقع حالهم، وسخاء عطائهم، وتدفق إبداعهم الذي لم نحسن تلقفه. وقال الدكتور جمال سعادنة في هذا الجانب: “لم نبد سعيا جادا لإبرازه تحقيقا وتصنيفا ودراسة، فكنا بذلك نحن القاصرين المقصرين في حق تراثنا، وفي حق أنفسنا، وكانت نتيجة ذلك أن أصابنا شعور باليتم والتيه، كلما تفحصنا موقعنا ووزننا في الزخم المعرفي المتدفق من تراث الإنسانية قاطبة”، وهي تؤسس حسب الدكتور جمال سعادنة للتحولات المعرفية الجديدة في راهنها وفي غدها، مؤكدا أنه لا نشك أن لآبائنا دورا في صياغة وصناعة جزء غير قليل من هذا التراث، إنما المشكلة أن هذا الدور لن يقدر له أن يبرز ويطفو إذا تنكر أو تاه وتغافل عنه الأبناء والأحفاد.
من جانب آخر، أكد الدكتور جمال سعادنة أن الحديث عن المنجز الثقافي الجزائري في العهد العثماني لا بد أن يندرج ضمن السياق التاريخي الحاضن للفعل الثقافي، ثم إبراز مدى إسهامات العثمانيين في تفعيل الحركة العلمية، والثقافية، وإبراز أهم المراكز الحاضنة لهذه الحركة، ثم الحديث عن الملمح العام للمشهد الشعري الجزائري في هذه الفترة، ليكون ذلك حسب قوله منفذا من المنافذ التي قد نطل عبرها على تلك الفترة، وما كانت تتميز به المنظومة الإنسانية في هذا القطر على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي، وصدى ذلك في كتابات أعلام الثقافة الجزائرية في ذلك العصر التي لا شك أنها بالإضافة إلى ما تنقله عن تجاربهم الخاصة في نطاق علاقاتهم الإنسانية المحدودة، فهي تنقل أيضا حسب محدثنا خلاصة تفاعلهم، وتعاطيهم مع واقعهم العام الذي تتماهى فيه كل الأحداث، وكل العلاقات على كل المستويات لتقدم صورة العصر.
ومعلوم أن الدكتور جمال سعادنة، هو كاتب وأستاذ بجامعة باتنة، كلية اللغة والأدب العربي والفنون، متخصص في الأدب العربي القديم، وله عديد البحوث والمؤلفات في هذا المجال.
قد يهمك ايضا
هكذا خطف التاريخ شيخ المؤرخين سعد الله من سماء الشعر والأدب
الشاعر "داودي الطاهر" من أم الشقاق يفتك المرتبة الثانية في المسابقة الوطنية
أرسل تعليقك