الجزائر - الجزائر اليوم
ترى الباحثة في اللسانيات الأمازيغية الأستاذة خديجة ساعد أن مناسبة يناير هي ملك لكل الجزائريين دون استثناء، وهي كما اللغة والتاريخ لا يمكن فصلها عن الكل، وما يرافق ذلك من تعبئة تخص الإعلام ومختلف مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ما هي إلا وسيلة توعوية تعمل على تمكين المجتمع من احتضان ثقافته وتراثه وهويته بقناعة تامة، فالعودة إلى الجذور ليست بالمسألة الهينة بعد قرون من الاغتراب الثقافي والانسلاخ عن الذات والهوية، ولن يتأتى ذلك إلا عبر قراءة جديدة للتاريخ وتصحيح جديد للوقائع التاريخية والمفاهيم المغلوطة.
ترى الباحثة في اللسانيات الأمازيغية في حديثها لـ”الشروق” أن الكثير من الصراع الحاصل حول بعض الجوانب التي تخص الأمازيغية كان يمكن الاستغناء عنه لو تم تدارك الأمر منذ السنوات الأولى للاستقلال، ولم يكن الأمر حسب محدثتنا يحتاج إلا لإرادة سياسية صادقة وموقف شجاع، مضيفة بالقول: “مرور كل هذا الوقت دون اتخاذ الإجراءات اللازمة المتعلقة باللغة والتاريخ والثقافة الأمازيغية خلق ما يشبه كرة الثلج التي كبرت مع مرور السنوات. اليوم نحن أمام الأمر الواقع ولا يمكننا الاستمرار في نقاشات لا تنتهي عن الحرف والكتابة، وهو ما من شأنه أن يستنفذ قوانا خاصة مع دخول تمازيغت في كل مراحل التعليم”.
وقالت خديجة ساعد بأن حرف التيفناغ الذي يرمز للانتماء العريق لهذا الشعب يحتاج إلى وقت أطول لاستعماله، كما يتطلب ذلك تعميم تمازيغت في كل مراحل التعليم وعبر كامل التراب الوطني كي لا تقع هذا اللغة في قوقعة الحرف الذي لا يعرفه معظم الجزائريين، وحسب قولها فإن تعميم تدريس تمازيغت سيحتاج بدوره إلى وسائل مادية وبشرية كبيرة جدا لا يمكن توفيرها حاليا، ومن هنا فالأمور في نظرها مرتبطة ببعضها، و”الكل مرتبط بعامل الوقت الذي ليس في صالحنا، وبالمرحلة الدقيقة التي تمر بها لغتنا اليوم، وكذا التحديات التي تهدد استمراريتها ووجودها”.
وبخصوص مستجداتها مع التأليف في مجال اللسانيات الأمازيغية، فقد أكدت الباحثة خديجة ساعد لـ”الشروق” إنها في حاجة إلى ما يشبه استراحة محارب، وهذا بعد صدور كتابها في الطوبونيميا الأمازيغية بالأوراس، والذي استغرق منها أربع سنوات من البحث والدراسة والتركيز والعمل المكثف، الكتاب يقع في 300 صفحة ويتناول أكثر من 365 تسمية أماكينية بالدراسة والبحث الطوبونيمي، وكذا القاموس الأمازيغي العربي الخاص بالمتغير الشاوي الذي صدر سنة 2013 عن دار النشر “ثيرا” ببجاية، وقد نفذت الطبعة الأولى منه، ما يجعل إصدار نسخة جديدة ومنقحة بات أمرا ضروريا حسب محدثتنا، بالنظر إلى الشوط الذي قطعه تعليم اللغة الأمازيغية بكل مراحلها، والوتيرة التي يسير بها تطوير هذه اللغة في كل المجالات، وهناك الجديد الذي يجب إضافته دوما.
وخلصت الباحثة خديجة ساعد إلى القول إن المجال اللساني حظي باعتناء كبير من قبل الباحثين، لأن اللغة الأمازيغية حسب قولها ظلت شفوية لقرون عدة، وقد تم تصنيف تمازيغت من قبل منظمة اليونسكو في خانة اللغات المهددة بالانقراض، وهي تفتقر بذلك إلى الإنتاج الفكري والمعرفي، والذي يتطلب مواكبة العصر بمصطلحات علمية حديثة، وقالت خديجة ساعد في هذا الجانب: “رغم الجهود التي بذلت في هذا المجال، إلا أن تأخر إنشاء أكاديمية جامعة لكل المتغيرات قد أثر سلبا على الإنتاج الفكري بالأمازيغية”.
قد يهمك ايضا
هكذا خطف التاريخ شيخ المؤرخين سعد الله من سماء الشعر والأدب
الشاعر "داودي الطاهر" من أم الشقاق يفتك المرتبة الثانية في المسابقة الوطنية
أرسل تعليقك