يحتفل سكان ولاية البليدة وخاصة القاطنين منهم بالقرى الواقعة على مستوى سلسلة الأطلس البليدي، وعلى غرار باقي ولايات الوطن، بحلول السنة الأمازيغية الجديدة المصادفة ل12 يناير من كل سنة بإحياء عادات وتقاليد ورثوها عن الأسلاف تعود لقرابة 3 آلاف سنة تعكس تمسكهم بهويتهم الأمازيغية.
وعلى عكس سكان مدينة البليدة القاطنين بالمناطق الحضرية الذين تخلوا عن العديد من العادات والتقاليد التي تميز الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2971، بحيث يقتصر الاحتفال ليلة 12 يناير فقط، لا تزال العائلات المنتمية للأعراش القاطنة على مستوى جبال سلسلة الأطلس البليدي محافظة على عادات وتقاليد تعود لآلاف السنين، بحسب ما أوضحه ل/وأج مهتم بالتراث الأمازيغي بالمنطقة، معمر بن سونة.
وأضاف السيد بن سونة أن جميع الأعراش القاطنين على مستوى سلسلة الأطلس البليدي على غرار السماتة (غرب الولاية) وبني صالح (جنوب غرب) وبني مسعود (جبال الحمدانية) وعرش غلاي القاطنين بطريق الشريعة وبني ميصرة المتمركزين بمنطقة حمام ملوان (شرقا) لا يزالون محافظين إلى غاية الآن على عادات وتقاليد أسلافهم في الاحتفال برأس السنة الأمازيغية والتي تشكل جزء من هويتهم الأمازيغية.
وبحسب ذات المتحدث فان الاحتفال بحلول يناير الذي يورث من الأب إلى الابن ومن جيل إلى آخر، له نكهة ومكانة خاصة لدى سكان هذه المنطقة بالنظر إلى رمزيته التي ترتبط بالإنتماء إلى أرض الأجداد، لافتا إلى أن مظاهر الاحتفالات وعلى عكس باقي ولايات الوطن تنطلق ابتداء من اليوم العاشر من شهر يناير وتستمر على مدار ثلاثة أيام.
فالاحتفال بحلول يناير تسبقه تحضيرات عديدة منها إعادة طلاء المنازل وكذا اقتناء أواني فخارية جديدة بالإضافة إلى تغيير أحجار "الكانون" الذي يستعمل في طهي أطباق يناير، وفقا لذات المصدر. هذا إلى جانب توجه النسوة نحو البساتين والغابات المجاورة لجمع الأعشاب التي تستعمل في طهي عدد من الأطباق التقليدية المحلية.
وعملا بمقولة "نهار حشيش ونهار عيش ونهار ريش" تقوم ربات البيوت في اليوم العاشر من يناير بتحضير الأطباق المكونة من أعشاب غابية وخضروات على غرار طبق "الحشلاف" المطهو بأعشاب الجبل وطبق "قطع وارمي" و"تبيخة" المكونان من جميع أنواع الخضر و"بطاطا فليو" الطبق المفضل لدى البليديين.
وفي اليوم الثاني يتم تحضير مختلف الوصفات المصنوعة من العجائن على غرار "البغرير" و"الخفاف" و"المعارك" تيمنا بسنة حلوة وكذا طبق "الكسكس" و"البركوكس"، فيما يجتمع أفراد العائلة، كبيرا وصغيرا، في اليوم الثالث على مائدة العشاء لتناول الطبق الرئيسي المحضر من لحم الدجاج والعجائن، بحيث تفضل أغلبية العائلات البليدية تحضير طبقي "الفطاير" و"الرشتة".
ومن بين التقاليد التي تنفرد بها هذه المنطقة، تخصيص نصيب حتى لأفراد العائلة الغائبين لتمنح بعد انتهاء العشاء إلى عابري السبيل أو المحتاجين، يضيف السيد بن سونة، مضيفا أن حتى الحيوانات يخصص لها نصيبها في صورة تعكس أسمى صور الرحمة والتآزر والتلاحم.
وتجسيدا لهذه القيم الانسانية، يضيف السيد بن سونة، يحرص الجيران والأقارب على تبادل الأطباق المحضرة بهذه المناسبة التي لا تحلو دون "الدراز" المكون من مختلف أنواع المكسرات والحلويات والفواكه التي تسكب فوق رأس الطفل الأصغر بالعائلة بعد وضعه داخل "قصعة" (طبق كبير) تيمنا بسنة مليئة بالخير ليتكفل بعدها أكبر أفراد العائلة بمنح كل واحد نصيبه بالتساوي.
وبالرغم من اختلاف عادات وتقاليد الإحتفال بحلول السنة الأمازيغية الجديدة من منطقة لأخرى، إلا أنها تبقى من أهم المناسبات التي توحد الشعب الجزائري حول هويته كونها تعد من ملامح الوحدة الوطنية خاصة بعد إضفاء الطابع الرسمي عليها واعتبارها عطلة مدفوعة الأجر ابتداء من سنة 2018.
قد يهمك ايضا:
"شايب عاشوراء" من التراث الأمازيغي تصنع الفرحة في باتنة
إقامة معرض "أدوات ما قبل التاريخ في جزر الكناري" في تشرين الأول
أرسل تعليقك