غمرت السعادة, الفلسطينية سلوى العطار وهي تحتضن طفلتها أثر حصولها على السماح لها بالسفر من قطاع غزة إلى الضفة الغربية للالتحاق بطفلتها المريضة أنعام.
وظهر التأثر على وجوه جميع من عاشوا لحظة وصول العطار إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله الذي ترقد فيه طفلتها أنعام بغرض العلاج بعد أن كانت وصلت المستشفى وحيدة.
ووصلت أنعام 13 عامًا قبل يومين إلى مستشفى رام الله لإجراء عملية لزراعة "كِلية" جراء إصابتها بمرض "التكيس الكلوي" الذي تعاني منه منذ الصغر.
وتوجهت أنعام إلى المستشفى المذكور وحيدة مع شقيق والدتها الذي سيتبرع لها بكليته، وأثارت قصتها وهي ترقد على سرير العلاج وحيدة ومتعبة تعاطف شعبيًا واسعًا.
و أثمرت ضغوط إعلامية وشعبية هائلة على مدار يومين في صدور التصريح اللازم لسفر والدة أنعام عبر حاجز (بيت حانون/إيرز) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية.
وأكدت العطار في تصريحات صحافية"أنه بعد لحظات من وصولها المستشفى كانت في منتهى السعادة بعد أن سُمح أخيرا لها بالالتحاق بطفلتها المريضة في رام الله.
وأضافت "كل ما طلبناه أن أكون بجانب طفلتي. كان لا يمكن تصور أن تجري العملية وتبقي كل فترة العلاج التي يمكن أن تصل إلى ثلاثة أشهر وحيدة من دون أحد من عائلتها".
وتابعت "أشكر الله كثيرًا على تمكيني من التواجد بجانبها كما أشكر كل المسؤولين الذين تدخلوا في سبيل تسهيل ذلك وأرجو أن تتماثل أنعام للشفاء".
وبكت العطار بحرقة على ما عانته خلال اليومين الماضيين من ضغوط واشتياق لطفلتها، ثم قالت إن صدور التصريح مكنها من احتضان طفلتها بدد كل معاناتها.
وظهرت الابتسامة على وجه الطفلة أنعام وأمها تتواجد بجانبها أخيرًا، وقالت أنها ترجو الله أن يتمكن كل أطفال غزة المرضى من السفر للعلاج رفقة عوائلهم.
و أعلنت وزارة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية إتمام إجراء التنسيق اللازم للعطار من أجل تمكينها من السفر من قطاع غزة ومرافقة طفلتها في رحلة علاجها.
واقتصر تواصل أنعام مع عائلتها عبر الهاتف وفي أخر مكالمة قالت الطفلة بصوت متعب إنها لن تجرى العملية قبل أن تصل والدتها بجانبها.
وظل الخوف الشديد ينتاب العطار على مصير طفلتها وشقيقها حال خضوعهما للعملية من دون وجود مرافق لهما.
و أبدت سعادتها من حملة دعم شعبي حظيت به طفلتها وشقيقها في مستشفى رام الله الذي توافد عليه الكثير من الفلسطينيين فور علمهم بقصتهما بغرض مساندتهما.
وقال خالد العطار وهو شقيق والدة أنعام والذي سيتبرع لها بكليته إن عدم مرافقة الأم مع الطفلة المريضة بحد ذاته هو "الوجع والمرض".
ويعد تعذر الحصول على تصريح لسفر المرضى أو أقاربهم أمر شائع جدًا في قطاع غزة منذ سنوات عدة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منتصف عام 2007.
وقالت منظمات حقوقية في تقرير مشترك صدر حديثا إن هذه القيود تم تشديدها من السلطات الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة بشكل قياسي.
ورصدت تلك المنظمات أن السلطات الإسرائيلية وافقت على 54 في المئة فقط من طلبات التصاريح للمواعيد الطبية خلال العام 2017، وهو أدنى معدل منذ أن بدأت "منظمة الصحة العالمية" في جمع الأرقام في العام 2008.
وصدر التقرير عن منظمات "مركز الميزان لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وجمعية العون الطبي للفلسطينيين، وأطباء لحقوق الإنسان فرع إسرائيل".
ونقل التقرير عن منظمة الصحة العالمية أن 54 فلسطينيا من سكان قطاع غزة منهم 46 مصابًا بالسرطان، توفوا خلال 2017 إثر رفض السلطات الإسرائيلية تصاريح سفرهم أو تأخيرها.
وشدد التقرير الحقوقي أن على إسرائيل رفع القيود غير المشروعة المفروضة على حرية تنقل الأفراد من قطاع غزة، وخاصة الذين يعانون مشاكل صحية مزمنة.
وأبقت إسرائيل على القطاع مغلقا في الغالب ما حرم سكانه من الحقوق الأساسية بشكل غير مشروع بحسب منظمات دولية.
وأعلنت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالإضافة إلى عدة هيئات أخرى، أن هذه السياسة تمثل "عقابا جماعيا" ودعت إسرائيل إلى إنهاء الإغلاق.
وتسيطر إسرائيل على جميع سبل الوصول إلى غزة، باستثناء معبر رفح عبر الحدود المصرية، وجميع المعابر بين غزة والضفة الغربية، بما في ذلك الحدود بين الضفة الغربية والأردن.
ولا تسمح السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة بإعادة فتح مطارهم أو بناء ميناء بحري، ما يجعل الفلسطينيين يعتمدون على موانئ أجنبية للسفر إلى الخارج.
ويقتصر السفر عبر حاجز (بيت حانون/إيريز) في غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية والعالم الخارجي على ما يطلق عليه الجيش الإسرائيلي "حالات إنسانية استثنائية" ما يعني بشكل رئيسي الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة ومرافقيهم ورجال الأعمال البارزين.
وتخلف الفلسطينيون من غزة عن 11 ألف موعد طبي على الأقل خلال 2017 بعد أن رفضت السلطات الإسرائيلية طلبات التصاريح أو لم ترد عليها في الوقت المناسب.
ويتعارض هذا الانخفاض الكبير مع الاحتياجات الصحية المتزايدة باستمرار في غزة حيث يتحمل أكثر من مليون نسمة يقطنون القطاع ما تصفه الأمم المتحدة بأزمة إنسانية ممتدة.
ويحدث ذلك في ظل انتشار الفقر والبطالة على نطاق واسع في قطاع غزة بحيث يعاني ما لا يقل عن 10 في المئة من الأطفال الصغار من سوء التغذية المزمن، كما أن نصف الأدوية والمواد الطبية في غزة مستنفدة تماما أو تفي بمتطلبات شهر واحد.
أرسل تعليقك