عمان ـ أسامة الرنتيسي
شكل العاهل الأردني، السبت، لجنة للنزاهة تُعنى بمحاربة الفساد بأشكاله كافة ومراجعة التشريعات ودراسة واقع جميع الجهات الرقابية، وتشخيص المشاكل التي تواجهها، مكونة من رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور، و11 شخصية سياسية وإعلامية وقضائية.
وأكد الملك عبدالله الثاني، السبت، أهمية "تحديث وتطوير منظومة النزاهة الوطنية لتبني على ما تراكم من إنجازات وتمضي إلى الأمام لتعزز ثقة المواطنين في الدولة ومؤسساتها، وترسخ الطمأنينة في نفوسهم على حاضرهم ومستقبل أبنائهم من الأجيال القادمة".
وعهد الملك، في رسالة إلى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، برئاسة لجنة ملكية لتعزيز منظومة النزاهة "تُعنى بمراجعة التشريعات ودراسة واقع جميع الجهات الرقابية، وتشخيص المشاكل التي تواجهها، والوقوف على مواطن الخلل والضعف، واقتراح التوصيات التي من شأنها تقوية وتقويم سير عمل هذه الجهات في مكافحة الفساد وتعزيز التعاون فيما بينها، وصولاً إلى أفضل معايير العمل المؤسسي المتوازن، وبما يكفل ترسيخ مناخ العدالة والمساءلة وحسن الأداء تحقيقاً للصالح العام، الذي هو أولويتنا الأولى وهدفنا الأسمى".
وشدد في الرسالة "على أهمية قيام اللجنة بالتشاور والتواصل والحوار مع جميع مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها الأحزاب والنقابات والقوى السياسية المختلفة، والانفتاح على الرؤى والأفكار التي يطرحها المواطنون وأصحاب الخبرة، وصولاً إلى صياغة ميثاق يتضمن المبادئ الأساسية والمعايير الأخلاقية والمهنية الناظمة للعمل في القطاعين العام والخاص بما يضمن تعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون، ويضمن كذلك تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية، إضافة إلى إعداد خطة تنفيذية مرتبطة ببرنامج زمني محدد لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية والمساءلة والشفافية ومأسسة عملها وآليات التعاون فيما بينها، وتحديد واقتراح التشريعات المطلوب تعديلها والاحتياجات الفنية لتطوير القدرات المؤسسية لدى الجهات ذات العلاقة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية".
وفي ما يلي نص الرسالة:
"فأبعث إليك بتحية الاعتزاز بمسيرتك، والثقة بقدرتك على الاضطلاع بدور وطني أعوّل على نهوضك به بإخلاص ومسؤولية في هذه المرحلة، التي تتطلب منا جميعا العمل الدؤوب لما فيه صالح الوطن والمواطن.
واليوم، ونحن نسير بعزيمة لا تلين لترجمة مخرجات عملية الإصلاح الشامل بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بكل واقعية ومسؤولية، فإن ثقة المواطن في مؤسسات الدولة المختلفة، والتي ستحثه على المشاركة الفاعلة والانخراط الحقيقي في عملية صناعة وتنفيذ القرارات والسياسات هي الأساس والمحرك لنجاح الجهود الإصلاحية النوعية الشاملة، والمضي قدما في مسيرة البناء والإنجاز.
لقد تمكنّ الأردن، والحمد لله، من بناء مؤسسات راسخة وعريقة تميزت بالكفاءة والإدارة الحصيفة، وكان لها عبر العقود الماضية إسهاماتها الجليلة في رعاية مصالح المواطنين وصَوْن حقوقهم وحمايتها. ونظراً لما تقتضيه متطلبات مرحلة التجديد الديمقراطي، وما تتطلبه مخرجات العملية الإصلاحية بأبعادها المختلفة، فقد بات لزاما علينا جميعا، وبحكم الأولوية الوطنية، تحديث وتطوير منظومة النزاهة الوطنية لتبني على ما تراكم من إنجازات وتمضي للأمام لتعزز ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها، وترسخ الطمأنينة في نفوسهم على حاضرهم ومستقبل أبنائهم من الأجيال القادمة.
إن إرساء المبادئ العليا التي قام الوطن من أجل إعلائها كالعدالة، والمساواة، وسيادة القانون، إضافة إلى مكافحة الفساد، والشفافية، والمساءلة، والتي هي ركائز جوهرية للحوكمة الرشيدة في الأردن، هي القاعدة الأساسية والمنطلق الثابت لمسيرتنا الإصلاحية التي لن تصل إلى مداها المنشود إلا عبر بناء شراكة حقيقية ومتوازنة وفاعلة بين جميع مؤسسات منظومة النزاهة لتأطير التعاون البنّاء المرتكز على رؤية واضحة وأسس موضوعية.
إن محاربة الفساد بأشكاله كافة، وقبل وقوعه، وإصلاح الأنظمة الإدارية والمالية، وتعزيز القيم المؤسسية والضوابط الأخلاقية في مؤسسات الدولة، وتجذير ممارسة حق الحصول على المعلومة، إضافة إلى تعزيز مبادئ الشفافية والعدالة والمسؤولية في اتخاذ القرار الإداري داخل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني هي ضرورات لن تتحقق إلا من خلال تفعيل دور أجهزة الرقابة والمساءلة وتكاملية عملها، وفقا لأفضل الممارسات والمعايير المهنية.
وتأسيساً على هذه الثوابت وترجمة لهذه الرؤى، فإني أعهد إليك برئاسة لجنة لتعزيز منظومة النزاهة تُعنى بمراجعة التشريعات ودراسة واقع جميع الجهات الرقابية، وتشخيص المشاكل التي تواجهها، والوقوف على مواطن الخلل والضعف، واقتراح التوصيات التي من شأنها تقوية وتقويم سير عمل هذه الجهات في مكافحة الفساد وتعزيز التعاون فيما بينها، وصولاً إلى أفضل معايير العمل المؤسسي المتوازن، وبما يكفل ترسيخ مناخ العدالة والمساءلة وحسن الأداء تحقيقاً للصالح العام، الذي هو أولويتنا الأولى وهدفنا الأسمى.
وعليه، فإن الرأي قد استقر على اختيار الذوات التالية أسماؤهم أعضاء في لجنة تعزيز منظومة النزاهة:
رئيس مجلس الأعيان، رئيس المجلس القضائي وزير تطوير القطاع العام / مقررا للجنة الدكتور رجائي المعشر الدكتور محمد الحموري عبد المجيد ذنيبات طلال أبو غزالة عبلة أبو علبة الدكتور موسى بريزات محمود إرديسات باسم سكجها
ولا بد هنا من التأكيد على مجموعة من المرتكزات التي ستشكل نهج عمل اللجنة:
· أولاًً: ضمان إدارة المال العام وموارد الدولة ووضع الضوابط التي تمنع أي هدر فيها.
· ثانيًا: تعزيز إجراءات الشفافية والمساءلة في القطاع العام فيما يتعلق بالموازنات والعطاءات واللوازم الحكومية، بالإضافة إلى وجود إطار للتعيينات في الوظائف العليا ومعايير تقديم الخدمات وآلية معالجة الشكاوى والمظالم.
· ثالثًا، تمكين أجهزة الرقابة وتعزيز قدراتها المؤسسية لردع ومكافحة الفساد وفق اختصاصاتها.
· رابعًا، تعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة داخل القطاع العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني ترسيخاً لثقافة الشفافية والمساءلة والحرص على الصالح العام.
· خامسًا، تطوير الأطر التي تنظم العلاقة التشاركية بين القطاعين العام والخاص.
وإنني إذ أؤكد ضرورة تحلي هذه اللجنة بأقصى درجات الحيادية والموضوعية في تأدية مهامها الوطنية، فإنني أشدد أيضاً على أهمية قيام اللجنة بالتشاور والتواصل والحوار مع جميع مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها الأحزاب والنقابات والقوى السياسية المختلفة، والانفتاح على الرؤى والأفكار التي يطرحها المواطنون وأصحاب الخبرة، بحيث تستند اللجنة في عملها إلى هذه الأفكار في إعداد ما يلي:
أولا: صياغة ميثاق يتضمن المبادئ الأساسية والمعايير الأخلاقية والمهنية الناظمة للعمل في القطاعين العام والخاص بما يضمن تعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون، ويضمن كذلك تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية.
ثانيا: إعداد خطة تنفيذية مرتبطة ببرنامج زمني محدد لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية والمساءلة والشفافية ومأسسة عملها وآليات التعاون فيما بينها، وتحديد واقتراح التشريعات المطلوب تعديلها والاحتياجات الفنية لتطوير القدرات المؤسسية لدى الجهات ذات العلاقة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
وبعد الانتهاء من إعداد الخطة والميثاق، يتم عرضهما ومناقشتهما بكل موضوعية وشفافية في مؤتمر وطني عام، وذلك ضمانا لأعلى درجات التوافق حولهما، تمهيداً لتقديمهما للحكومة البرلمانية المقبلة، التي ستشكل انطلاقة جديدة ومنتظرة في مسيرتنا الإصلاحية المباركة، بإذن الله.
إنني اليوم، وفي ظل ما نمر به من استحقاقات المرحلة ومنجزاتها الإصلاحية، لأؤكد أهمية تلاحم جميع أبناء وبنات وطننا الغالي في مسيرة واحدة تتكامل فيها الجهود تحقيقا للمصلحة الوطنية العليا. وإنني على ثقة تامة من أن هذه اللجنة، والتي تحظى بدعمنا ومساندتنا وتعاون جميع أجهزة الدولة، ستقوم بمهامها على أكمل وجه، وبما يحقق الصالح العام.
وكان الملك قد وجه الحكومة في كتاب التكليف السامي إلى ضرورة اتخاذ سلسلة من الإجراءات والخطوات وتضمينها في سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية وأسس المساءلة والشفافية لمعالجة مواطن الخلل في عملية التصدي بكل حزم وشفافية لكل شبهات وحالات الفساد وتحويلها إلى القضاء العادل النزيه، إضافة إلى مواصلة دعم هيئة مكافحة الفساد وسائر الجهات الرقابية بما يمكنها من القيام بواجباتها على أكمل وجه.
أرسل تعليقك