الدارالبيضاء ـ أسماء عمري
اعتبر البرلماني عن حزب "العدالة والتنمية" المغربي الحاكم عبد العزيز أفتاتي أنَّ كريم غلاب ليس مرشحًا عن المعارضة في انتخابات رئاسة مجلس النواب، لما تبقى من الولاية التشريعة، بل هو ممثل لـ"الدولة العميقة"، التي تشتغل على مدار الساعة، ولا تترك الأمور تسير بطريقة عادية.
وأوضح أفتاتي، في حديث إلى "العرب اليوم"، أنَّ "الدولة العميقة تتدخل عبر ممثليها، في أي وقت وحين، سعيًا إلى عرقلة الانتقال الديمقراطي، وبغية الحفاظ على حكم العائلات، والنفوذ والاستبداد والفساد"، معتبرًا أنَّ "ترشّح غلاب يكرّس لذلك"، حسب وصفه.
وبشأن اختلاف الغالبية على ترشح القيادي في حزب "التجمع الوطني للأحرار" الطالبي العلمي باسمها، أكّد عبد العزيز أفتاتي أنَّ "كتل الغالبيّة البرلمانيّة جميعها ملتزمة بالقرار المشترك للترشيح رئاسة مجلس النواب"، مبرزًا أنه "ليس هناك أي خلافات بينها على ترشح العلمي".
وشدّد على "التزام فريق العدالة والتنمية بمقتضيات الشراكة، والاتفاق مع الأطراف الأخرى خلال مفاوضات تشيكل النسخة الثانية من الحكومة، في شخص أمينه العام، ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، على منح منصب رئيس مجلس النواب لحزب التجمع الوطني للأحرار".
وأضاف أفتاتي، عن ما قدمه غلاب خلال فترة رئاسته لمجلس النواب، "تلك الفترة لم تتميز بأي شيء يذكر، حيث أن المجلس يسير بالتوافق"، موضحًا أنَّ "من الأمور التي يحاول أن يقوم بها غلاب بطريقة غير واضحة هي تثبيت بعض الأشخاص، ومحاولة فرض توظيفات مشبوهة، مثل توظيف عضو لجنة تنفيذية من قطاع حكومي في مجلس النواب، وهو الأمر الذي لم يكن عليه بطبيعة الحال توافق".
وتابع "من غير المفهوم كيف لغلاب أن يسيّر غالبية ترفضه، لأنه إذا لم يكن هناك توافق يتم اللجوء إلى التصويت، ومن غير المفهوم كذلك كيف له الجرأة في تسيير أشخاص ضد إرادتهم".
وبيّن أفتاتي أنَّ "ترشيح غلاب هو مسعى من مساعي الدولة العميقة"، مستبعدًا "إمكان ظفره بالمنصب"، ومعتبرًا أنه "إذا تمَّ ذلك سيصبح المغرب مسخرة في الخارج، لأن الغالبية هي من تقرر في مثل هذه الأمور، وهذا لا يقع إلى في بلاد الشمولية".
وعن تبرير كريم غلاب سبب ترشحه للمنصب بأنه يسعى إلى أن يكون البرلمان مؤسسة مستقلة عن الحكومة، واصفًا محاولتها السيطرة على المؤسسة بـ"العبث السياسي"، أشار أفتاتي إلى أنَّ "غلاب هو نموذج للعبث في هذه البلاد، لأن أمثاله دائمًا يقومون بدور الأسياد، والأخرين موظفين لديهم"، مضيفًا أنَّ "العبث هو أنَّ غلاب، الذي لم تكن له أية علاقة مع السياسة، تمَّ استوزاره في الحكومة السابقة، وينطبق عليه المثل القائل (تعلّم السياسة في خمسة أيام)، حيث أنه أصبح زعيمًا، ومسؤولاً في حزب (الاستقلال)، ولم يسبق له أن ناضل فيه، إذ جاء به للانقلاب على عبد الرحمان اليوسفي، في عام 2002، بعد أن تمَّ إدخال عدد من الأشخاص مثله في الأحزاب الأخرى"، لافتًا إلى أنّها "الفترة نفسها التي تمَّ فيها إنشاء حزب الدولة (الأصالة والمعاصرة)"، حسب تعبيره.
وشدّد أفتاتي على أنَّ "اختيار الرئيس الجديد لمجلس النواب سيكون في يد الغالبية، ويجب القطع مع سياسة العائلة، التي يشكل غلاب أحد أفرادها، إذ يكفي استفزاز المغاربة لأكثر من خمسين عامًا، من طرف تلك العائلات، التي هيمنت على السلطة والثروة، والمؤسسة العمومية، وشركات الدولة"، معتبرًا أنَّ "الوقت قد حان للشعب أن يسيّر نفسه بنفسه، حتى نخرج من عهود الاستبداد والاستعباد والاستغلال".
وفي ختام حديثه إلى "العرب اليوم"، أكّد البرلماني عن حزب "العدالة والتنمية" أنَّ "المواطنين سيتأكدون عبر هذه الانتخابات من أنَّ الدولة العميقة تعمل على مدار الساعة"، موضحًا أنَّ "هذه الانتخابات كانت ستعدُّ عادية، إذا ترحشت أحزاب تحترم نفسها، مثل (الاتحاد الاشتراكي)، إلا أنَّ شخصًا يقف في وجه النواب، ويبتز الغالبية، ويريد أن يفوز بأية طريقة كانت"، معتبرًا أنَّ "هذا يؤكّد أنه مدعوم من الدولة العميقة، والمنطق يفرض أن يفوز الطالبي العلمي في الانتخابات، لأنَّ الغالبية هي التي ستقول كلمتها في النهاية، مثل ما يحدث في باقي دول العالم، إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق، تعطي بموجبه الأقليّة مسؤوليات، مثل لجنة التشريع، أو بالتوافق، بعد أن تتفاهم الغالبية والأقلية معًا على منح مسؤوليات محدّدة إلى المعارضة".
أرسل تعليقك