أكدت هيئات قانونية دولية ومؤسسات المجتمع المدني في السودان أنها تعمل على رفع قضية ضحايا جريمة فض اعتصام الثوار السودانيين أمام القيادة العامة للجيش السوداني في يونيو 2019 للمحكمة الجنائية الدولية.وفتحت المحكمة الجنائية الدولية الباب أمام إمكانية محاكمة مرتكبي الجريمة والتي راح ضحيتها أكثر من 800 قتيل ومفقود. وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة إنه ليس هنالك تقادم أمام الجرائم التي تنظر فيها المحكمة متى ما كانت هنالك ولاية قضائية.
ووسط سخط كبير في الشارع السوداني من أداء لجنة التحقيق التي شكلت في أعقاب الجريمة، أكد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك التزام الحكومة الانتقالية بتوفير الدعم للجنة التحقيق لاستكمال عملها في أسرع وقت ممكن.
فقدان الثقة
وأبدى قانونيون ومراقبون تأييدهم المطلق لتدويل القضية وتحويلها إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي باعتبار أنها جريمة ضد الإنسانية.
وعلى الرغم من إصدار النائب العام السوداني المكلف مبارك محمود عثمان الأحد أمرا بتأسيس نيابة تختص بالنظر في دعاوى الانتهاكات بكافة الجرائم والدعاوى التي أدت الى سقوط قتلى في المواكب والتجمعات والاعتصامات، إلا أن الكثير من القانونيين والمراقبين أبدوا عدم ثقتهم في الوصول إلى عدالة حقيقية، متهمين لجنة التحقيق بممارسة التسويف وتضليل الرأي العام، قاطعين بأنها لا تملك الإرادة اللازمة لتقديم قضية متكاملة رغم الأدلة والبراهين الواضحة المحيطة بتلك القضية الخطيرة. لكن رئيس اللجنة نبيل أديب قال إن اللجنة تعمل للوصول لتقرير دقيق يحد من أي "شبهة ظلم".
تقرير شامل
وفي خضم احتدام الجدل والاتهامات الموجهة للجنة التحقيق المحلية، تعهد رئيس اللجنة نبيل أديب ببذل كل جهد ممكن للوصول لتقرير شامل وكامل ودقيق يغطي الأحداث بالشكل الأمثل ويحد من أي شبهة ظلم أو تقصير في حق الضحايا من خلال هذا التقرير الذي يعد مصيرياً.
وقال أديب خلال تقديمه لتقرير عن أداء لجنته لرئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إن التقرير النهائي يجب أن يكون دقيقا بنسبة 100 في المئة. وأكد أن لجنته تسعى لتقديم تقرير وافٍ كامل يضمن الوصول للعدالة وإنصاف الضحايا.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية السودانية إن حمدوك وقف على الجهد المبذول للانتهاء من جمع البيانات والأدلة اللازمة وتحليلها وفحصها، وضمان إجراء التحقيقات بنزاهة وحيادية واستقلالية.
ووفقا للوكالة فقد أكد حمدوك التزام الحكومة الانتقالية بتوفير الدعم والسند اللازمين للجنة التحقيق لاستكمال عملها في أسرع وقت ممكن.
خطوات فعلية
في الجانب الآخر، كشف الخبير القانوني هشام أبوريدة، القيادي بالجبهة الوطنية العريضة ومسؤول مكتب حقوق الإنسان في رابطة المحامين والقانونيين ببريطانيا، عن خطوات بدأوا في اتخاذها فعليا خلال الأشهر الماضية بالتعاون مع هيئات قانونية دولية شملت مخاطبة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لتقديم الدعاة للعدالة الدولية.
وشدد أبوريدة على أن جريمة فض الاعتصام هي جريمة مكتملة الأركان، مشيرا إلى أن جميع القضايا التي تقدم لمحكمة الجنايات الدولية تكون عن طريق المدعي العام الذي تمنحه المادة 42 من قانون المحكمة الاستقلالية الكاملة لجمع كل المستندات والأدلة الكاملة لفتح البلاغ.
وقال أبوريدة لموقع سكاي نيوز عربية: "نحن لا نعول على لجنة التحقيق التي كونت برئاسة نبيل أديب لأنها لن تقوم بملاحقة الجناة وتقديمهم لمحاكمة عادلة".
وأضاف: "نرى كيف يتحدث نبيل أديب في بعض تصريحاته عن المسؤولية الجنائية الفردية وهي مسألة مخالفة مما يفتح الباب لتقديم كبش فداء لمثل هذه الجرائم".
وتابع أبوريدة بالقول ورأينا بأعيننا ما حدث في فض الاعتصام الأخير. وتساءل أبوريدة عما إذا كانت المسؤولية الفردية تعني ملاحقة القيادات التي أمرت الجنود بإطلاق الأعيرة النارية والقتل الممنهج. وأكد أبوريدة سعيهم الحثيث لتقديم الجناة الذين ارتكبوا جرائم في حق السودانيين منذ 1989 إلى آخر شخص تم قتله.
وفي ذات السياق، يؤكد المحامي عبدالله المدني أن هناك إمكانية للتحقيق عبر المدعي العام للمحكمة الجنائية سواء كان ذلك بشكل منفرد أو تكاملي مع التحقيق الوطني. إلا أن المدني يقول لموقع سكاي نيوز عربية إن ذلك يتطلب مصادقة السودان على ميثاق روما ومن ثم التقدم بطلب تحت بند المقبولية وقبول نظر التحقيق بأثر رجعي حيث يبدأ اختصاص المحكمة من تاريخ الانضمام.
لا تقدم دون عدالة
وأوضح عباس فرح رئيس منظمة أسر الضحايا أنهم تقدموا بعدة مذكرات تطالب بتدخل الجهات العدلية والحقوقية لحسم ملف الجريمة بعد أن تأكدوا من التباطؤ "المتعمد" من لجنة التحقيق والجهات العدلية المحلية. وربط فرح مستقبل السودان وأي تقدم في العملية الانتقالية بتحقيق العدالة الكاملة في جرائم القتل التي طالت مئات الثوار. وقال فرح لموقع سكاي نيوز عربية إنه من المخجل ورغم مرور عامين على الجريمة ألا تتحقق العدالة لأولئك الشباب الذين "قتلوا قدرا وخيانة لا لسبب إلا لأنهم كانوا يحلمون بوطن تسود فيه الحرية والعدالة ودولة القانون".
طبيعة الجريمة
من جانبه أكد وليد علي المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين - الذي قاد ثورة ديسمبر الشعبية التي أطاحت نظام المخلوع عمر البشير - أن التجمع ظل يطالب بتحقيق دولي في الجريمة وبالتالي محاكمة دولية. وأوضح لموقع سكاي نيوز عربية "من الطبيعي المطالبة بلجنة تحقيق دولية نظرا للسلطة التي تتمتع بها الجهة المتهمة بارتكاب الجريمة". وأضاف "إذا كان المتهم شخص على نفس المستوى من الضحية ففي هذه الحالة يمكن الرجوع للقضاء المحلي".
ويتفق علي مع ما ذهب إليه أبوريدة وفرح فيما يتعلق بلجنة التحقيق المحلية، ويرى أنها لم تظهر الجدية اللازمة مما لا يخدم في نهاية الأمر تحقيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب وبالتالي إغراء آخرين على الاستمرار في حلقة القتل الشريرة والتغول على الحريات واضطهاد حقوق الإنسان.
قد يهمك ايضاً
السودان يكشف حقيقة التصريحات المنسوبة لرئيس وزرائه مع وسائل إعلام إسرائيلية
واشنطن تستبعد السودان رسمياً من قائمة الدول الراعية للتطرف
أرسل تعليقك