احتفالا بمرور أكثر من 40 سنة من العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، أعادت بعثة الاتحاد بالجزائر أمس، فتح باب التواصل مع وسائل الإعلام في أول لقاء نظم بالجزائر العاصمة، تم خلاله التطرق إلى جملة من المواضيع الخاصة بالعلاقات مع الجزائر، لاسيما اتفاق الشراكة وبرامج التعاون التقنية في عدة مجالات. ورغم لغة التحفظ التي فضّل السفير الأوروبي جون أورورك، الحديث بها حول العلاقات الثنائية لاعتبارات قال إنها تتعلق بـ "حساسية" بعض الملفات منها المرتبطة بالتجارة، فإنه أكد في المقابل على أهمية عودة اللقاءات بالصحافة من أجل "تحسين" صورة الاتحاد ببلادنا.
وأكد السيد أورورك، في كلمة افتتح بها اللقاء الإعلامي مع عدد من ممثلي الصحافة الوطنية، أن بعثة الاتحاد الأوروبي بالجزائر ترغب في إقامة "علاقة منتظمة ودائمة مع الصحافة"، بعد انقطاع ناتج بالخصوص عن الوضع الذي مرت به البلاد في السنة الماضية، مشيرا إلى وجود "حساسية" لدى "كل الفاعلين الجزائريين" سواء من السلطات العمومية أو من المعارضة، حول أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي. ما يفسر ـ حسبه ـ "التحفّظ" في تناول جملة من المسائل السياسية والاقتصادية.
وقال المتحدث في هذا الخصوص، "رغم العلاقات الممتازة مع الجزائر، فإن هناك اختلافات في وجهات النظر في عدد من الملفات، وليس من المفيد دوما استعراض هذه الاختلافات ومن الأجدى معالجتها بطريقة أكثر أريحية بعيدا عن الأضواء، لاسيما بالنسبة للاختلافات في المجال التجاري، التي لا نريد أن تكون محل جدل"، مضيفا أن العلاقة مع الجزائر "أوسع وأعمق "من التجارة، وهناك مواضيع كثيرة تخص التعاون الثنائي تنتظر إبرازها.
وأشار الدبلوماسي الأوروبي، إلى أنه "طيلة 40 سنة من العلاقات بين الجانبين تم العمل على بناء علاقات صلبة مع الجزائر، والعمل على تطويرها وعصرنتها من أجل مصلحة وازدهار الشعوب في الضفتين"، قبل أن يضيف بأن العمل اليوم منصب حول مواجهة "تحديات جديدة" ما يدفع ـ حسبه ـ إلى "تجديد التواصل مع الإعلام الجزائري وإقامة علاقة دائمة ومنتظمة معه".
وذكر نفس المسؤول بأهم البرامج التي وجهت للصحفيين سواء في مجال التكوين أو تمويل مشاريع إعلامية، مشيرا إلى أن بعثة الاتحاد الأوروبي تشعر بالحاجة إلى ترسيخ هذه العلاقة خلال هذه السنة، عبر سلسلة لقاءات لمناقشة مختلف المواضيع المشتركة لاسيما تلك التي "لا يتم الحديث عنها كثيرا". ولا يتعلق الأمر ـ حسب الدبلوماسي الأوروبي ـ بإقامة روابط مع الصحافة فحسب، وإنما جعلها جسرا مع المواطنين الجزائريين، "حيث أظهر آخر سبر لآرائهم أهمية المجهودات التي ينبغي القيام بها من أجل تحسين صورة الاتحاد وتصحيح بعض المفاهيم والتصورات حوله".
الجزائريون لا يهتمون بالاتحاد الأوروبي
أظهر سبر الآراء حول رأي الجزائريين في الاتحاد الأوروبي، تم استعراض أهم نتائجه خلال اللقاء من طرف المسؤول عن دائرة السياسة والصحافة والإعلام في بعثة الاتحاد الأوروبي بالجزائر ستيفان مشاط، أن 38 بالمائة من المستجوبين قالوا إن رؤيتهم "جد ابجابية"، فيما قال 37 بالمائة إن نظرتهم "حيادية"، و19 بالمائة وصفوها بـ«السيئة جدا"، ولم يبد 6 بالمائة أي رأي.
وهي النتائج التي أرجع مسؤولو الاتحاد جزء منها إلى "عدم معرفة فعالية بعض برامج التعاون التي يتم تنفيذها في الميدان"، والتي تطرقت اليها المسؤولة المساعدة لدائرة العمليات بالبعثة سيرينا فيتال، مشيرة إلى وجود عدد معتبر من المشاريع التي وجهت لعدد من القطاعات، مكنت من تحقيق نتائج ايجابية على المستوى المحلي بالخصوص.
وللحديث عن الأثر الميداني لمشاريع البعثة في الجزائر أدلى الصحفي طارق حفيظ، بشهادته حول العمل الصحفي الذي أنجزه عبر سلسلة من المقالات التي كتبها، والتي أبرزت مدى الاستفادة من هذه المشاريع من خلال تقديم بعض الحالات، كمشروع خياطة شباك الصيد الذي أنجز لصالح بعض النساء في منطقة شرشال، ضمن برنامج دعم التنويع الاقتصادي الأوروبي في مجال الصيد وتربية المائيات.
واعترف الصحفي باندهاشه لما لمسه من نتائج ايجابية في الميدان، مشيرا إلى مشاريع أخرى منها صناعة الشوكولاطة البلجيكية بغرداية، لكنه أشار في المقابل إلى عدم قدرته على التطرق لبرنامج التعاون في مجال التراث بسبب "النزاعات" التي عرفها، حيث قال إن "ما يشوب برامج الاتحاد الأوروبي هو كونها "معقّدة وتتضمن ميكانيزمات كثيرة يصعب فهمها".
وحسب مديرة الاتصال والاعلام بالبعثة صفية برقوق، يرتقب تنظيم زيارات ميدانية للصحفيين إلى بعض المشاريع المنجزة، إضافة إلى برنامج ثري خلال السنة الجارية، موجه للصحفيين منها تنظيم 4 لقاءات مع الإعلاميين حول مسائل ثنائية ومواصلة تكوين الصحفيين، حيث ستتم برمجة حوالي 5 دورات في 2020 تتعلق بمواضيع إعلامية منها "الصحافة الرقمية" و«الأخبار الكاذبة".
نحو تأجيل إطلاق منطقة التبادل الحر
كما سمح اللقاء للسفير الأوروبي بالإجابة عن جملة من الأسئلة التي تركزت في مجملها حول علاقات الشراكة مع الجزائر، مشيرا بهذا الخصوص إلى "حتمية تأخير موعد انطلاق منطقة التبادل الحر الذي كان مقررا في سبتمبر المقبل". كما اعترف أن الاستثمارات الأوروبية التي كان يفترض تحقيقها على خلفية اتفاق الشراكة "لم تكن في الموعد" و«لم تكن في مستوى تطلعات السلطات الجزائرية"، لكنه طرح في المقابل مسألة مناخ الاستثمار الذي قال إنه محل انتقاد "ليس فقط من المستثمرين الأجانب، بل حتى المحليين".
وأكد السيد أورورك، أنه بعد التقييم الذي مس الاتفاق في 2016 بطلب من الجزائر، والذي نتج عنه وضع 5 أولويات للشراكة في 2017، لم يعبّر أي طرف لحد الآن عن رغبته في تقييم جديد للاتفاق الذي أكد أنه يحمل فرصا هامة للطرفين. وعن سؤال حول التعاون مع الجزائر لاسترجاع الأموال المهربة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، اعتبر السفير أن الأمر "صعب من الناحية التقنية". وذكر أمثلة لبعض البلدان التي حاولت القيام بذلك ومنها تونس.
قد يهمك ايضا:
نقابة الصحافيين الفلسطينيين تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين لدى "حماس"
إعلاميون فلسطينيون يدعون من غزة إلى توحيد الخطاب العربي في مواجهة التحديات
أرسل تعليقك