كشف جراح الأعصاب سيرغيو كنافيرو، عن تخطيطه لتنفيذ أول عملية زرع رأس إنسان عبر استخدام نظام الواقع الافتراضي، الذي من شأنه إعداد المرضى للحياة مع هيئتهم الجديدة. ويرغب كنافيرو في تنفيذ العملية العام المقبل.
وتطوع الروسي الذي يستخدم الكرسي المتحرك فاليري سبيريدونوف، للمشاركة في العملية الأولى، ويتم تجميد رأسه لمنع موت خلايا الدماغ مع توصيل أنابيب لدعم الشرايين والأوردة الرئيسية، ثم يتم قطع الحبل الشوكي وإصلاحه وتوصيله إلى جسد المتبرع، وإذا نجحت العملية فمن المتوقع أن تؤدي إلى ردود فعل نفسية غير متوقعة للمريض، حتى يعتاد على حياته الجديدة، ولذلك تم استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي لإعدادهم إلى الجسد الجديد.
ويقوم نظام الواقع الافتراضي الذي أنتجته شركة Inventum Bioengineering Technologies، ومقرها شيكاغو، على تمكين المرضى من المشاركة في جلسات لعدة أشهر، قبل إجراء العملية الجراحية، وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة ألكسندر بافلوفيك، قائلًا "لإعداد المرضى لإجراء عملية الالتحام بجسد جديد، سيتم استخدام تدريب بنظام الواقع الافتراضي قبل إجراء العمليات، لمنع حدوث أي ردة فعل عكسية غير متوقعة، نحن نجمع بين أحدث تطورات الواقع الافتراضي، لتطوير أول بروتوكول في العالم، لإعداد المريض لعملية زرع رأسه في جسد آخر".
وأضاف المريض المحتمل سبيردونوف "نظام محاكاة الواقع الافتراضي يعدّ في غاية الأهمية حيث يسمح لنا بالانخراط في العمل والتعلم بسرعة وكفاءة، باعتباري عالم كمبيوتر أثق للغاية أنها تقنية أساسية للعملية". وعرض الدكتور كنافيرو مدير المجموعة المتقدمة للأعصاب، أحدث أفكاره في مؤتمر في الكلية الملكية للأطباء والجراحين في غلاسكو الجمعة، قائلًا "يوفر نظام الواقع الافتراضي استعداد أفضل للمريض للعالم الجديد الذي سيواجه بجسده الجديد، إنه العالم الذي سيستطيع فيه المشي مرة أخرى".
وكانت إجراءات قطع الحبل الشوكي ستكون حساسة للغاية، حيث ابتكر فريد أميروش من جامعة إلينوي سكينًا دقيقًا يمكنه التحكم في القطع بالميكرومتر، وهي وحدة تمثل جزءًا من مليون من المتر، وتابع كنافيرو "طور أميروش أدق شفرة في العالم، والتي تسمح بقطع واضح ودقيق مع الحد الأدنى من التأثير على الأعصاب، وتعدّ الشفرة الأدق معلمًا أخر في أول عملية لزرع رأس إنسان". وفي سبتمبر/ أيلول أشار كنافيرو إلى خطط لإجراء تجارب فرانكشتاين لتجديد الجثث البشرية لاختبار أسلوبه، وناقش كنافيرو مع معاونيه التجارب لاختبار ما إذا كان من الممكن إعادة توصيل الحبل الشوكي من الرأس المقطوع إلى جسد آخر، مع اختبارات من شأنها تحفيز الجهاز العصبي في جثة الإنسان الحديثة بالنبضات الكهربائية.
وأعلن الروسي المتطوع لإجراء العملية أن صديقته تعارض إجراءه لها، ويعدّ الهدف من الجراحة قطع الحبل الشوكي ثم إصلاحه باستخدام التحفيز الكهربائي أو المغناطيسي، لإعادة الحياة للأعصاب وإعادة الحركة للجثة، وأشار كنافيرو وزميله في كوريا الجنوبية والصين في مقال له في مجلة Surgical Neurology International إلى قصة فرانكشتاين، مؤكدًا أنه تم استخدام الكهرباء لإحياء الوحش الخيالي، مشيرًا إلى تجارب الثمانينات عند استخدام جثث المجرمين كدليل لإمكانية نجاح هذه التجارب.
وتابع كنافيرو وزميله "تعدّ الجثة الجديدة بمثابة وكيل لحياة جديدة مادامت هناك فرصة متاحة، ما يعني أن عملية الإحلال المميت ليست عملية فورية، ونطلق على ذلك تأثير فرانكشتاين". وأوضح كنافيرو وزملاؤه أنهم تمكنوا من إعادة توصيل الحبل الشوكي بعد فصله في كلب، وأشارت سلسلة من الأبحاث إلى أن الكلب استطاع المشي وهز ذيله بعد 3 أسابيع من الإصابة بالشلل من أسفل الرقبة. وزعم نافيرو أن هذه النتائج تشير إلى إمكانية تنفيذها على البشر من خلال صهر طرفي الحبل الشوكي معًا، ما يمكن استخدامه فيما بعد لتوصيل الرأس التي سيتم زرعها في جسم المتبرع، ما يتيح للمريض بالشلل استعادة السيطرة على جسمه.
ويعاني مبرج الكمبيوتر الروسي سبيردونوف، 30 عامًا، من أحد أشكال ضمور العضلات الشوكية، وكشف عن استعداد "وريدنغ هوفمان" للتطوع للخضوع للعملية الجراحية، وقوبلت هذه المزاعم بالتشكيك من قبّل الكثيرين في المجتمع العلمي، الذين حذروا من أن نجاح التجارب على الحيوانات لا تعني نجاحها مع البشر، ولم يتضح كيف تم قطع الحبل الشوكي للكلب قبل إصابته إلا أن التجربة تختلف عن عملية زرع كلية للرأس، وذكر كنافيرو في مقاله العلمي "يجب أن نزيل هيستريا زراعة الرأس، وعلى الرغم من نجاح التجارب على الحيوانات لا زلنا في حاجة للتأكد من نجاحها على الإنسان".
وأشار كنافيرو إلى إجراء الاختبارات الأولى باستخدام جثث المتبرعين، وسيتم قطع الحبل الشوكي ومعالجته لمعرفة ما إذا كان يمكن إصلاحه. وأوضح أنه سيتم استخدام تقنية تحفيز الحبل الشوكي مغناطيسيًا والمعروفة باسم التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، عند توصيل الرأس بالجسد الجديد، مضيفًا "نعتقد أن لذلك أساس عصبي". وأعلن كنافيرو عن خططه لإجراء زرع للرأس أولًا عام 2013، وأفاد في عام 2015 أنه يعتقد أن التحديات المحيطة بالأمر يمكن التغلب عليها، وقام كنافيرو بالتعاون مع زملاؤه من الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، بتطوير التقنيات اللازمة لتنفيذ مثل هذه العملية المثيرة للجدل.
وأكد كنافيرو في وقت سابق من هذا العام، أن علماء في الصين زرعوا رأس قرد ووصلوا إمدادات الدم بين الرأس والجسم الجديد، ومع أنهم لم يقوموا بإعادة توصيل الحبل الشوكي، لم يستطع الحيوان استعادة الحركة، وبيّن جراح الأعصاب الصيني شياو بينغ رن، الذي أجرى العملية للقرد، أنه لا زال هناك بعض الوقت لتنفيذ أول عملية زرع رأس على البشر، وتحدث العام الماضي موضحًا أن التجارب على الفئران أشارت إلى وجود 30-50% فقط كمعدل بقاء على قيد الحياة، مضيفًا "توفت بعض الفئران بعد بضع ساعات واستمر الأطول بقاء لمدة يومًا واحدًا".
وبيّن الدكتور سي يون كيم جراح الأعصاب في جامع كونكوك، والذي تعاون مع كنافيرو، أنه قطع الحبل الشوكي لـ 16 فأرًا، وحقن مادة بولي إيثيلين جلايكول في الفجوة بين الحبل الشوكي والقطع في نصف الفئران، وبعد 4 أسابيع استعاد 5 من8 فئران بعض القدرة على التحرك، إلا أن ثلاثة فئران ماتت، كما توفت الفئران التي لم يتم حقنها بالمادة الكيميائية أيضًا، وتم تحفيز النخاع الشوكي لدى الفئران الباقية إلا أن أربعة منهم قتلوا بسبب فيضان في مختبر الفريق، ولم يتم معرفة ما إذا كانوا استعادوا القدرة على الحركة. وأجرى فريق علماء من كوريا الجنوبية تجربة الحقن بالمادة الكيميائية على كلب بعد قطع 90% من الحبل الشوكي، وبعد أن كان الكلب مشلولًا في البداية استطاع بعد 3 أيام تحريك أطرافه وقبل ثلاثة أسابيع هز ذيله والمشي، ولكن ليس هناك تحكم في التجارب.
وأعلنت مجلة New Scientist أن العديد من العلماء أثاروا مخاوف جدية حول النتائج، وقال الدكتور جيري سلفر عالم الأعصاب في جامعة كيس ويسترن ريزيرف في أوهايو للمجلة "لا تدعم هذه الأوراق البحثية المضي قدمًا في تنفيذ العملية على البشر، إنهم يزعمون أنهم قطعوا الحبل الشوكي بنسبة 90% ولكن لا يوجد دليل على ذلك سوى بعض الصور فقط". ويقول أخرون إنه لا زال هناك 8 أعوام على الأقل قبل إجراء عملية زرع رأس إنسان. وذكر كنافير في حديقة في برنامج "صباح الخير"، على محطة ITV أن فريقه مستمر في إجراء التجارب على الجثث قبل إجراء محاولة الزرع مع فاليري سبيردونوف، موضحًا أن العملية سيتم إجراءها فقط إذا ما كان هناك فرصة بنسبة 90% على الأقل لتحمل المريض للعملية.
واختتم حديثه قائلًا "لن يكون فاليري أول شخص تجرى عليه هذه العملية، لكننا قمنا بها مع أدمغة المتبرعين الموتى، وبالتالي ستتم أول عملية حقيقية عندما نتمكن من نقل دماغ متبرع إلى جسد متبرع آخر، وبعد الانتهاء من التجارب على جثث الموتى، سننتقل إلى عملية فاليري، وفي الواقع لدينا قائمة طويلة من المرضى ومعظمهم من إنجلترا"، ومما لا شك فيه أن خططه لإعادة الحياة للجثث ستتطلب موافقة أخلاقية ما يمكن أن يشكل عائق أمام التجارب.
أرسل تعليقك