دمشق ـ سانا
افتتح المسرح القومي برنامج عروضه لهذا العام بمسرحية "عن الحرب وأشياء أخرى" للمخرج عروة العربي الذي قام بإعداد هذا العرض مع الكاتب زيد الظريف عن مسرحية شكسبير الشهيرة "روميو وجولييت" إذ ذهب كل من العربي والظريف إلى محاولة تقديم تغريب مسرحي اعتمد على دمج أجواء البروفة بأجواء الحكاية الشكسبيرية عبر عدة مستويات كان أبرزها التنويع بين أزياء القرن السادس عشر في أوروبا وأزياء العصر الذي نعيش فيه.
وقام الفنان عروة العربي بتقديم مغامرة مسرحية قدمت نص شكسبير برؤيا اعتمدت على حذف شخصيات والإبقاء على أخرى بمساحات لعب جديدة حيث ركز في مسرحيته التي افتتحت عروضها أمس على خشبة الحمراء الدمشقية على شخصية "تيبالت" وشخصية والدة جولييت "السيدة كابوليت" حاذفاً شخصيات عديدة ومتوسعاً في أخرى فلم يقدم العرض وفق النص الذي أعده زيد الظريف شخصيات مثل "إيسكالوس" أمير فيرونا ولا شخصية "باريس" أو حتى شخصية "السيد مونتاغو" والد روميو أو "السيدة مونتاغو" والدة روميو وشخصية "السيد كابوليت" والد جولييت بل اكتفى في رؤيته النصية بالشخصيات.. سبع شخصيات رئيسة من المأساة الشكسبيرية المعروفة.
وركز العرض على علاقة غير سوية بين كل من والدة جولييت السيدة كابوليت "وتيبالت" ابن عم زوجها كابوليت لتتوضح هنا عقدة جديدة من صراع أراده كل من معد النص والمخرج حيث قام كل من الفنانة روبين عيسى والفنان يزن خليل بتقديم أداء ممثل عالي المستوى لهاتين الشخصيتين اللتين تمثلان في هذه النقطة الحب والبغضاء والرغبة في تملك الآخر وحيازته وذلك عبر ثنائية أداء خاص ولافت لكل من عيسى وخليل للإطلالة على عالم الشخصيتين المليء بالحب والكراهية والرغبة في السيطرة على الآخر من خلال العلاقة الجسدية والنفسية المعقدة التي ربطت الشخصيتين في الإعداد الجديد لهما.
وقدم العرض الذي يعتبر باكورة إنتاج مديرية المسارح لهذا العام رؤيا مختلفة على صعيد السينوغرافيا من خلال الديكور الذي قدمه الفنان زهير العربي في هذا السياق حيث ابتعد عن أجواء قصور فيرونا الإيطالية إلى منظر من الجدران المدمرة والمتراكمة على الخشبة منجزاً بذلك تناصاً جمالياً أراد العربي الأب من خلاله الإسقاط على واقع الأزمة في سورية وكيف تعمل الحرب عملها في نفوس البشر فتحولهم إلى مجرد كائنات تعيش بين الركام ساعدت على تكوينها على المسرح إضاءة الفنان نصر سفر التي عملت على تقطيع الحدث على الخشبة وبناء عمارة المناظر المسرحية بسلاسة متناهية.
كما نجح مخرج العرض في بناء مستويات من السرد والصراع عبر إيجاد معادل موسيقي على الخشبة قام بأدائه متوازياً مع أداء المسرحية كل من المغني حسين عطفة والفنانة لونا محمد جنباً إلى جنب مع الفنان باسيلوس عواد على آلة التشيلو ويزن صباغ على آلة الكلارينيت وكنان الزبيدي على آلة الفيولا وذلك للتعبير المباشر عن تواتر الصراع واضطرامه على المسرح بمساندة من جوقة الراقصين التي تكونت من كل من الفنانين محمد شباط ورواد زهر الدين وأحمد جودة ومحمد كمحة وموفق الدعبل ومها الأطرش وسجى الآغا ويارا حاصباني وياسمين نجار ومروة العيد.
بدوره قال المخرج عروة العربي في كلمة له على بروشور العرض إن عمله الجديد "عن الحب وأشياء أخرى" هو محاولة للحب لكل بيت سوري دخله الحزن بينما قالت وزارة الثقافة السورية في كلمة لها على البروشور "المسرح أبو الفنون.. إنه يحلق عالياً فيحترق بنور طموحه ثم يتجدد منبعثاً من رماده كطائر العنقاء لذلك يظل المسرح أمل المستقبل فمتعة المسرح الخالدة في عصر تكنولوجيا السينما والتلفزيون هي قدرته على مس شغاف القلوب ببساطة وتحقيق أثر فكري ينحفر عميقاً في الوجدان فالمسرح مقايضة إذ نأخذ من مختلف الثقافات والأذواق لنعطي من ثقافتنا وذائقتنا العربية فالمسرح ليس متحفاً للتراث بل هو توازن بين الأصالة والحداثة".
يذكر أن عرض "عن الحب وأشياء أخرى" من تمثيل كل من الفنانين "بسام ناصر-عروة العربي-وسيم قزق-كرم شعراني-يزن الخليل-جيانا عنيد-وربين عيسى" وصمم الأزياء علي خليلي بينما صممت الرقصات الفنانة حور ملص بينما صمم المبارزة وسيم قزق والعرض مستمر يومياً الساعة الرابعة والنصف مساء على مسرح الحمراء ماعدا يوم الجمعة حتى نهاية آذار الجاري والدعوة عامة "وهو من إنتاج "وزارة الثقافة السورية-مديرية المسارح والموسيقا-المسرح القومي بدمشق".
أرسل تعليقك