الجماهير البرازيلية

منذ عقود طويلة ، عشق مشجعو كرة القدم في كل مكان بالعالم الكرة البرازيلية وأداء راقصي السامبا ، والآن يبدو أن هذا العشق انتقل أيضا لمنتخبات الكرة من جميع أنحاء العالم.
فهل هناك شيء ما يكمن في الماء البرازيلي ؟ وربما في عشب الملاعب البرازيلية ؟ أو ربما يكون منظر الحسناوات في المدرجات هو ما يلهم اللاعبين على أرض الملعب لتقدم أفضل العروض.
وأيا كان السبب ، فإن المهم هو أن العديد من المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل يبدو أنها تركت أساليب لعبها التقليدية في بلدانها قبل السفر إلى البرازيل واتخذت في البطولة الحالية أساليب لعب أكثر إثارة وأكثر ميلا للمغامرة لتصبح بها أكثر ارتباطا بالفرق الأسطورية للبرازيل أو التي تعرف في البرازيل باسم أسلوب اللعب الجمالي
"جوجو بونيتو" .
وكانت النتيجة هي أن تحول المونديال الحالي لمهرجان لكرة السامبا حيث تزخر المباريات بالأداء الهجومي والصدمة والصدمة العكسية كما تشهد مباريات البطولة العديد من المهارات والمواهب الهجومية بينما يبدو أن المشجعين يهتمون بملء الفراغ في الملعب أكثر من الاهتمام بحماية مرماهم من الأهداف.
والمثير للجدل أن المنتخب البرازيلي هو من عانى ، في مباراتيه أمام كرواتيا والمكسيك ، ليقدم الكرة الحرة الانسيابية والتي اشتهر بها على مدار عقود طويلة وكانت النتيجة الطبيعية لهذا أن الفريق سقط في فخ التعادل السلبي أمام نظيره المكسيكي لتكون المباراة الثانية فقط في البطولة حتى الآن التي تنتهي بهذه النتيجة.
وما زالت الإحصائيات تتحدث عن نفسها حيث شهدت هذه البطولة حتى الآن أكبر عدد من الأهداف في هذه المرحلة التي جرت حتى الآن منذ مونديال 1958 بالسويد.
وقال تياجو سيلفا قائد المنتخب البرازيلي :"إنها كأس العالم لكل كؤوس العالم بالنسبة لهؤلاء الذين يعشقون تسجيل الأهداف.. لهؤلاء الذين يعشقون كرة القدم. هذه هي كأس العالم. هذا يبدو واضحا في الأرقام والأهداف. بالنسبة لمدافع ، لن تكون هذه البطولة جيدة . ولكنني أعتقد أنها مجرد جزء من كرة القدم".
وحتى المنتخب الإنجليزي الحصن المنيع لمدرسة الكرة القديمة ، والذي امتعض مدافعوه الأقوياء في الماضي من فكرة عبور خط وسط الملعب ، هجر هذا التعامل الفظ مع اللعب وذلك خلال المباراة التي خسرها 1/2 أمام نظيره الإيطالي حيث فضل الفريق الاعتماد على الكرة المعدلة التي تجمع بيم القوة والمهارة الفنية.
وكان من الممكن أن يثمر الأداء الخططي الجديد للمنتخب الإنجليزي لولا أن منافسه الإيطالي تخلى هو الآخر عن نموذجه التقليدي في الأداء والذي نادرا ما يستخدم حاليا وهو أسلوب "كاتيناتشيو" الذي يعتمد على قالب دفاعي مصمت.
وتخلى الآزوري عن هذا الأسلوب وقدم شكلا هجوميا رائعا ليستحق الفوز في المباراة.
ولم يكن الأداء الجيد والكرة الهجومية وغزارة الأهداف هو الاختلاف الوحيد في المونديال البرازيلي عن بطولات كأس العالم السابقة بل شهدت البطولات السابقة بعض المسرحيات الهزلية من اللاعبين الذين يدعون التعرض للإعاقة ويسقطون داخل منطقة الجزاء للحصول على ركلات جزاء دون أن يلمسهم أحد.
ولكن المونديال الحالي شهد نسبة أقل حتى الآن من هذه التصرفات كما شهد عددا أقل كثيرا من محاولات إهدار الوقت.
ولماذا سمح المدربون بمثل هذه الأمور ؟.
مثلما هو الحال في كل شيء ، تسير كرة القدم في مراحل ، والهجوم أصبح الآن مفضلا على الدفاع والسرعة أصبحت مفضلة على القوة والخشونة.
وقال نجم كرة القدم البرازيلي السابق زيكو ، للصحفيين في مؤتمر صحفي يوم الاثنين الماضي ، أعتقد أن المدربين اتخذوا فلسفة إحراز هدف أولا أكثر من المجازفة باهتزاز شباك فرقهم أولا.. إنهم يسعون الآن للفوز بالمباريات (وليس للتعادل)
وأضاف :"اللاعبون يرغبون في الهجوم ولهذا جاء متوسط الأهداف في مباريات البطولة حتى الآن عاليا ، وأتمنى  استمرار الوضع على ما هو عليه".