ألمانيا وفرنسا

يجدد المنتخبان الفرنسي والألماني لكرة القدم المنافسة والصراع بينهما من خلال المباراة العصيبة التي تجمعهما غدا الجمعة على استاد "ماراكانا" الأسطوري بمدينة ريو دي جانيرو ضمن فعاليات دور الثمانية لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل.
وبينما تقف الإحصائيات في صف المنتخب الألماني ، يبدو المنتخب الفرنسي حريصا على استمرار حملته الناجحة بالمونديال الحالي والتي محت بشكل كبير الصورة السيئة التي ظهر عليها الفريق في المونديال الماضي عام 2010 بجنوب أفريقيا والتي حاصرت فيها الفضائح منتخب الديوك.
ويتطلع كل من المنتخبين الفرنسي والألماني في مباراة الجمعة إلى إعادة اكتشاف مستواه وأدائه الكروي الفني الرفيع الذي ظهر عليه في بداية مسيرته بالبطولة الحالية.
ولم يستطع المنتخب الألماني أن يكرر العرض الذي قدمه في المباراة الأولى للبطولة والتي فاز فيها على نظيره البرتغالي 4/صفر كما تراجع مستوى المنتخب الفرنسي عما كان عليه في بداية مسيرته بالبطولة عندما تغلب على هندوراس 3/صفر وسويسرا 5/2.
والآن ، تأتي المواجهة الشرسة بينهما على استاد "ماراكانا" حيث يتصارعان على بطاقة التأهل للمربع الذهبي والتي سيلتقي صاحبها مع الفائز من المواجهة المرتقبة بين المنتخبين البرازيلي والكولومبي اللذين يلتقيان الجمعة أيضا في دور الثمانية للبطولة.
ولم يكن تأهل المنتخب الألماني إلى دور الثمانية مفاجأة حيث يشارك الفريق في هذا الدور للنسخة السابعة في 18 مشاركة ببطولات كأس العالم كما وصل الفريق للمربع الذهبي على الأقل في 12 نسخة منا ست من آخر ثماني نسخ كما فاز الفريق باللقب العالمي ثلاث مرات في اعوام 1954 و1974 و1990.
ويشارك المنتخب الفرنسي في دور الثمانية للمرة السابعة علما بأنه بلغ المربع الذهبي في خمس من المرات الست السابقة التي وصل فيها لدور الثمانية وكانت الهزيمة الوحيدة السابقة له في دور الثمانية بمونديال 1938.
وتذبذب مستوى المنتخب الفرنسي في بطولات كأس العالم الأخيرة حيث فاز الفريق باللقب في 1998 بفرنسا وخسر في المباراة النهائية عام 2006 بألمانيا ولكنه خرج من الدور الأول في بطولتي 2002 بكوريا الجنوبية واليابان و2010 بجنوب أفريقيا.
وإذا سارت الأمور بهذا التسلسل الذي كانت عليه نتائج الفريق في البطولات الأربع الماضية ، سيكون الفريق في طريقه إلى بلوغ المباراة النهائية للمونديال الحالي في 13 يوليو الحالي.
ولكن المشكلة التي تواجه هذا الحلم أن المنتخب الفرنسي سيلتقي غدا نظيره الألماني الذي تغلب عليه في المربع الذهبي في بطولتي كأس العالم 1982 و1986 بينما كان الفوز الوحيد السابق للديوك الفرنسية على المانشافت في بطولات كأس العالم عندما التقى الفريقان للمرة الأولى وذلك في مباراة المركز الثالث بمونديال 1958 وفاز المنتخب الفرنسي 6/3 .
وما زالت أحداث مباراتي الفريقين سويا في بطولتي 1982 و1986 خالدة في ذاكرة كأس العالم حيث نجح المانشافت في تحويل تأخره 1/3 في الوقت الإضافي من مباراة 1982 إلى تعادل ثمين 3/3 ثم إلى فوز بركلات الترجيح ليحجز مكانه في نهائي البطولة وذلك بعد تسديد أول ضربات ترجيح في تاريخ كأس العالم.
كما شهدت المباراة في 1982 تدخل عنيف للغاية من الحارس الألماني توني شوماخر ضد باتريك باتيستون لاعب المنتخب الفرنسي.
ولم يكن المنتخب الألماني بحالة جيدة في الثمانينات من القرن الماضي بينما كان الأسطورة ميشيل بلاتيني نجما وقائدا للمنتخب الفرنسي آنذاك.
وكانت مباراة المنتخبين الفرنسي والبرازيلي في دور الثمانية لمونديال 1986 من أقوى المباريات حتى أنها تعتبر حتى الآن ضمن أفضل ثلاث مباريات في تاريخ بطولات كأس العالم.
والآن ، انعكست الأوضاع إلى حد ما حيث استعاد المنتخب الألماني في السنوات القليلة الماضية المستوى العالي الذي كان عليه في السبعينيات من القرن الماضي حيث يعتمد الفريق على مجموعة من اللاعبين يمزجون بين الشباب والخبرة من بينهم مسعود أوزيل وتوماس مولر وفيليب لام وباستيان شفاينشتيجر.
ويرى كثيرون أن البطولة الحالية هي الفرصة الأفضل لهذه المجموعة للفوز بلقب المونديال.
وكان على المنتخب الفرنسي أن يتجاوز فضيحة مونديال 2010 الذي خرج فيه من الدور الأول دون تحقيق أي فوز في المباريات الثلاث التي خاضها بالدور الأول للبطولة وذلك وسط فضائح عديدة أحاطت بالفريق خارج الملعب ومنها ترحيل المهاجم نيكولا أنيلكا من معسكر الفريق بسبب الإهانات التي وجهها اللاعب إلى مدربه ريمون دومينيك بين شوطي المباراة أمام المنتخب المكسيكي كما قاطع اللاعبون مران الفريق احتجاجا على طرد وترحيل أنيلكا.
ويبرز كريم بنزيمة وباتريس إيفرا القائد السابق للمنتخب الفرنسي ضمن عدد قليل للغاية من اللاعبين المتبقين بالفريق من المنتخب الفرنسي الذي شارك في مونديال 2010 .
كما كان للاعبين الشبان مثل بول بوجبا وأنطوان جريزمان ومامادو ساكو دوراً بارزاً في مسيرة الفريق بالمونديال الحالي.
واعترف أوليفر بيرهوف مدير عام المنتخب الألماني بأنه "في الوقت الحالي ، قد يبدو المنتخب الفرنسي هو المرشح الأقوى لتحقيق الفوز" بينما أشاد ساكو بالمنتخب الالماني قائلا "فريق رائع".
وبعيدا عن المجاملات ، يواجه كل من يواخيم لوف المدير الفني للمنتخب الألماني ونظيره الفرنسي ديدييه ديشان قرارات خططية عصيبة قبل المباراة المرتقبة غدا.
وكان اللاعب البديل أندري شورله أكثر نشاطا وحيوية من صانع اللعب ماريو جوتزه بعدما حل مكانه في وسط المباراة أمام المنتخب الجزائري بدور الستة عشر وسجل هدف فريقه الأول في الدقيقة الثانية من الوقت الإضافي.
ويحتاج المنتخب الألماني إلى كل طاقته الهجومية للتغلب على الدفاع الفرنسي القوي والذي حافظ على نظافة شباك فريقه في ثلاث من المباريات الأربع التي خاضها في البطولة حتى الآن.
وقال شورله /23 عاما/ نجم تشيلسي الإنجليزي "إنني على استعداد إذا أراد المدرب الدفع بي".
ولن يعيد لوف اللاعب فيليب لام قائد الفريق من خط الوسط إلى مركزه السابق كظهير أيمن نظرا لحاجته إلى تكثيف تواجد فريقه في وسط الملعب.
وأصبح من الممكن نقل جيروم بواتينج إلى الناحية اليمنى في هذه المباراة نظرا لتعافي زميله ماتس هوملز بعدما حرمته الإصابة من المشاركة في مباراة المنتخب الجزائري.
ويحتاج ديشان أيضا إلى اتخاذ قراره بشأن إمكانية الدفع بالمهاجم أوليفيه جيرو مجددا وانتقال بنزيمة للناحية اليسرى وهو أسلوب اللعب الذي لم يؤت ثماره في مواجهة المنتخب النيجيري.
ولم يحقق المنتخب الفرنسي الفوز في هذه المباراة إلا بعدما ترك جيرو مكانه لجريزمان وأصبح باستطاعة بنزيمة الهجوم من منتصف الملعب.
ومثلما هو الحال تماما بالنسبة لمولر ، تألق بنزيمة أمام مرمى المنافسين وسجل أربعة أهداف في البطولة الحالية حتى الآن.
وتعرض ديشامب لانتقادات بسبب قيامه بإجراء العديد من التغييرات في تشكيلة الفريق خلال المباراة أمام المنتخب الإكوادوري في الجولة الثالثة الأخيرة من مباريات المجموعة الخامسة بالدور الأول للمونديال الحالي وهي المباراة التي شهدت تراجعا واضحا في مستوى أداء المنتخب الفرنسي.
واستنكر ديشامب الادعاءات بأن بنزيمة يشعر بالغضب كما استنكر ما يتردد بشأن رغبة فريقه في الثأر من المنتخب الألماني الذي أطاح بالديوك من المربع الذهبي في نسختي 1982 و1986 وأشار إلى أن معظم لاعبي الفريق لم يكونوا قد ولدوا في ذلك الوقت وأنه هو نفسه كان في الرابعة عشر من عمره.